التصنيف: الاتحاد الدولي للإعلاميين حلفاء الصين

  • آراء في قمة “مبادرة الحِزام والطريق”

    آراء في قمة “مبادرة الحِزام والطريق”

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عرية ـ
    بقلم: الأكاديمي مرَوان سُوداح و يَلينَا نِيدوغِينَا*:

     

      عَوضَاً عَن المُقدّمِة

    تشهد جمهورية الصين الشعبية في منتصف مايو/ أيار 2017م، إنعقاد قمة مُبادرة “حزام واحد ـ طريق واحد”، التي يَحضرها بحسب إعلان وزارة الخارجية الصينية، عددٌ ضخم من قادة الدول والمنظمات والاتحادات الدولية والإقليمية والقارّية، ورجال المال والأعمال وكبار الشخصيات الحكومية والإجتماعية الحالية والسابقة، والخُبراء من شتى أنحاء العالم. ويُعتبر هذا التمثيل الأضخم من نوعه عالمياً، وسيَشهد على تأييد كوني للمبادرة الصينية لم يَسبق له مَثيل لمبادرات دولية أخرى منذ عشرات السنين.

     

    ولقد أصاب المُتحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية الصينية (لو كانغ)، في تصريح صحفي له في أبريل/ نيسان، خلال حديثه عن الإقبال الواضح على حضور القمة بأنه: “دليل على أهمية هذا المُنتدى العالمي”، وبأنه “انعكاس للتأييد الكبير الذي تحظى به المبادرة” الرئاسية الصينية الحزام والطريق، إذ تشير مختلف المراجع الى أن أكثر من 100 دولة قد وقّعت مع الصين إتفاقيات تعاون ذات صِلة بشأن المبادرة (عند إعداد هذه المقالة)، وتستمر بدعمها والإعراب عن رغباتها في المُشاركة ببنائها، كما وقّعت أكثر من 50 منظمة وهيئة دولية وثائق متعلقة بالمشاركة في صروح المبادرة.

    ومن الضروري الإشارة هنا، إلى أن الصين كانت طرحت على لسان الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية الرفيق شي جين بينغ، في عام 2013، في كازاخستان، مبادرة “حزام  طريق الحرير البري وطريق الحرير البحري للقرن الـ21″، والتي يُطلق عليها أيضاً إسم “حزام واحد – طريق واحد”. وتُعدُ هذه المبادرة شبكةً للنقل عابرة لمختلف الحدود الدولية، تربط قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، بِهدف تعزيز التنمية المشتركة والتفاهم الإنساني والسياسي والاقتصادي الأشمل بين الدول المَعنية.

    ويأتي انعقاد القمة الجديدة لنيل تأييد عالمي للمقترح الصيني الأممي للتنمية العالمية من خلال هذه المبادرة، التي تؤكد استعادتها المدوية للأمجاد والعَقد الإنساني – الدولي لطريق الحرير الصيني القديم، البري والبحري. ونلمس اليوم ومنذ بداية العام، كيف تبذل الصين، قيادة وشعباً، قصارى جهدها للخروج بهذا الحدث على أعلى مستوى، وستغدو القمة القريبة بلا شك، المنصة الأفضل للتعاون بين الدول، وبخاصة الآسيوية والأوروبية والإفريقية، ذلك أن الصينَ لم تتوانَ عن الارتقاء بها من جميع الجوانب، رغبة بإنجاحها الأكثر تميزاً، ولتكون الأعلى مستوىً وإثماراً بين مختلف المبادرات الدولية والقارية وليغدو زمننا هذا بحق وبلا مُنازع: (عَصر الحِزام والطَّريق الصِّيني).

    ويَحق لنا القول بهذه المناسبة، وفي تقييمنا للتأييد العالمي للصين، على خلفية اجتماع ممثلي العالم لتأييد السياسة الاقتصادية الصينية، أنه لم يَسبق لأطراف المجتمع الدولي بجميع أمزجته وملامحه وتحالفاته، وفي لحظة سياسية وعسكرية حرجة تجاور الصين وتعلو فيها تهديدات إدارة الولايات المتحدة لجمهورية الصين الشعبية وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، الاجتماع في أجواء آمنة بحماية الصين الشريفة قيادةً وجيشاً وعلى هذا النحو الأرقى كما يُخطط له، لإبداء رأيهم بالمبادرة ومناقشتها والتقدم للصين بإقتراحاتهم ورؤآهم بصددِها، بل ان هذا الاجتماع سيعمل على تبريد الوضع الدولي المُتفاقم في شرقي آسيا والمُنذر بعواقب وَخيمة لا يُحمد عُقباها.

    فهذه هي المرة الأولى في تاريخ البشرية التي يتفق خلالها جميع المُمثلِّين الدوليين على أهمية الصين ونفع مبادراتها للبشرية، وهو بحد ذاته اعتراف صريح ومباشر بأن الصين تحوز على المكانة الاولى عالمياً في حِراكاتها الاقتصادية، فها هي دول العالم تسارع للوصول إلى الصين، التي تنتقل مع مناقشة المبادرة إلى التصنيف الأول في المجال الإنساني والاقتصادي.

    وفي الجانب الآخر، لفتت الصين بمبادرتها هذه، أنها لا تتخذ قرارات من جانب واحد لتطبيقها عالمياً على الجميع، بل تسارع لدعوة العالم كله لمناقشتها والاستفادة من آراء غيرها بشأنها، وهو مظهر جديد في العلاقات الدولية، حين تطرح دولة ما مبادرة وطنية أولا، ودولية بمساراتها وأبعادها ثانياً، بغية مناقشتها عالمياً، وبعد اتفاق العالم عليها، تقوم بإقرارها بموافقة الجميع دون استثناء، “الكبير و الصغير” على حد سواء، وليس بموافقة أغلبية  الحضور أو بعضهم، أو الأكثر تأثيراً دولياً فيهم، كما كان أمر طرح مبادرات واقتراحات دولية غربية وأمريكية أخرى كثيرة ومثيرة للجدل، قبل الإعلان عن المبادرة الصينية التي سترسي “الجماعية” بعُروةٍ وثقى، وتؤكد التوافق الدولي الحكومي والأهلي العام في عناوين مبادراتها الاممية.

    حتى عهد قريب، كانت الولايات المتحدة الامريكية ومختلف الدول الغربية، المتربولية، هي التي توجّه البشرية عنوةً نحوها، وتربطها برباطها ومشيئتها الجمعية، دون استئذان ودون طلب موافقة منها، وترغم الحكومات والأمم على الموافقة على مطالبها ومبادراتها الأحادية الجانب دون مشاورتها.

    لكن الصين استبدلت للعالم الغرب بأكلمه بصروحها ومبادراتها الانسانية، حين نالت شرف تأييد الشرق والغرب معاً، والشمال والجنوب الأرضي على حد سواء على مبادراتها السلمية، التي تهدف إلى المساهمة برفد ورفع قدرات مختلف الطبقات الاجتماعية والدول – بغض النظر عن توجهاتها وتركيبتها السياسية والأيديولوجية – في عَملانية دولية واحدة ومتكاملة للتقدم الاقتصادي، وفتح الأبواب على مصاريعها لتبادلات تجارية حرّة ونافعة، ولإرساء قاعدة التقارب السياسي الشامل، فتذليل الموانع الأيديولوجية لدى البعض المتصلب بعدم التفاهم مع الآخر أو التعاون معه، وأسقطت بمبادراتها العالمية السلمية (الأنا السياسية الإستعلائية) لكل جهة مستعلية، ما سيؤدي إلى تراجع وقنوط الأيديولوجيات المناهضة للإنسانية وضمور منطلقاتها وتجفيف أسانيدها، على قاعدة التعاون الإنساني والاقتصادي الأوسع والأشمل للبشرية بأكملها، بدعم من الصين وبمساندة من قيادتها المُستمسِكة بالسلام الدائم والشامل والناجز، سيّما سلام العقول والأنفس والحَيوات البشرية.

    نرى بأن المبادرة تُعقد في أجواء إيجابية وتعاونية عالمية مجيّشة بروح تبادلات جماعية وثـّابة، وسيجد جميع المندوبين أنفسهم في الصين أمام واقع إنساني وبشري عالمي من طراز دولي جديد، بدأ يتشكّل بدفع صيني، لا يُهدّد أحداً، ولا يَعتدي على حقوق أحد، ذلك أن المبادرة الصينية تستهدف الجميع بإيجابياتها، إذ أن خواصها وقواعدها وثمارها إيجابية محض، فهي خالية من السلبيات و(القهرية) التي إتّسمت بها القرون الخوالي في العلاقات الدولية، إذ أن هدف القيادة الصينية الحزبية والحكومية إنما ينصبُ على وجه الخصوص من أجل الارتقاء باقتصادات الدول الضعيفة والنامية والفقيرة، ولتمكين شعوبها من فـُرص التشغيل والأعمال والاستثمار. بينما توضع الدول الغربية الكبرى أمام واقع جديد للتعاون الشامل، وحَصد الأرباح السلمية – المدنية، في إطار طقس التعاون المتبادل، والنفع والكسب المشترك، وهي مبادئ أساسية وواقعية، ترفعها الصين شعاراً حقيقياً لها، وتشكّل أركان المبادرة الصينية وكل مبادرة صينية أخرى، بحيث لا يتم تهميش أي طرف مُشارك، ولا الانتقاص من جهة ما، بغض النظر عن حجمها المادي ومكانتها المعنوية وتاريخها.. وإمكاناتها المالية والاستثمارية.. وطبيعة وضعها الاقتصادي وبٌنيته.

    قمّة المُبادرة الشِّيجينبِيِنغيّة وخُلاصَاتها

     منذ 2013م عندما طرح الرئيس شي جين بينغ مفهوم مبادرة البناء المشترك لـ”الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” ومفهوم “طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين” (إختصاراً: الحزام والطريق)، غدا المفهومان أساساً للسياسة الصينية مع دول وحكومات العالم، سيّما لأنهما ينجحان في وراثة وتطوير “طريق الحرير” القديم بشقيه البري والبحري، فأصبحت المبادرة الشيجينبينغية، الإستراتيجية المتوسطة والطويلة الأمد لعلاقات الصين الخارجية.

     إن طرح هذين المفهومين إنما يهدف صينياً أولاً إلى: إنهاض مناطق غرب الصين أولاً وتطويرها لتكون على مستوى إقليم الشرق الصيني؛ وثانياً إلى الانفتاح على روسيا وتعزيز التحالف الإستراتيجي الشامل معها؛ وثالثاً الوصول إلى دول آسيا الوسطى المهمة للصين والعالم والتعاون معها، من خلال تعزيز التبادلات المختلفة بالاتجاهين وتدفق هذه التبادلات إلى دول الجوار في المقام الرئيس ونحو الصين ولبعضها بعضاً. لذا، يمكننا هنا أن نفهم وندرك، لماذا تم في عام 2014، الوصول الى توافق وتفاهم صيني – روسي عميق بين الرئيسين (شي جين بينغ) و (فلاديمير بوتين)، مفاده رغبة ببناء “الحزام والطريق”،  أولاً وقبل كل شيء بجهود البلدين الجارين والحليفين. لذلك، يتطلع الزعيمان الصيني والروسي الى لقاء بعضهما بعضاً خلال قمة المبادرة ونأمل أن يكونا بذلك قد أكدا على نحو حاسم رياديتهما العالمية.

     وهنا بالذات نُؤكد، أن أهمية المبادرة الصينية تهدف فيما تهدف إليه، إلى نزع فتيل الأزمة العالمية التي تؤججها أمريكا مع الصين، فقد عَمدت الإدارات الامريكية على التتالي الى جذب عدة دول آسيوية لنفسها لتطبّق من خلالها تطبيقاتها السياسية “المُبدعة!” ضمن المبدأ الأمريكي الاستعماري التقليدي في (الاحتواء الجماعي والمزدوج)، ولإبعاد تلك الدول عن الصين وبذر الخلافات بينها وبين بيجين. ومن تلك الدول كانت فيتنام، التي كانت حليفة عميقة للصين خلال حرب فيتنام الطويلة والشهيرة، ومنها كانت كذلك الفلبين، والهدف الامريكي كان وما يزال إشعال مواجهة بينها وبين الصين في ملعب الصبن الاستراتيجي بالذات، وبهدف منافسة الصين أيضاً على آسيا الشرقية، فقد اكتشفت أمريكا إن فقدانها دولاً أسيوية ما بإيقاف تنافسها مع الصين، سيؤدي لا محالة الى فقدانها ليس هذه الدول فحسب، بل والمنطقة الشرقية من آسيا وبالتالي عُمق آسيا، وهو ما يحدث الآن بالفعل في التراجع الأمريكي في آسيا الشرقية.

    وهنا نرى مرات أخرى، أن المبادرة الصينية إنما هي خيار وسبيل جديد لا غلو فيه ولا انتقاص من أحد، وبغض النظر عن التاريخ الايجابي أو السلبي للآخرين مع الصين، ولكون المبادرة وبغض النظر عن التقلبات الحادة والخطيرة في الوضع الدولي، ستعزز وتعمق سياسة الصين وروسيا المتمثلة في توطيد وتعميق شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة ونشر الاستقرار والكسب الجماعي في آسيا، وتأصيل أهدافهما المشتركة في تحقيق التنمية والنهضة المشتركة، وتصميمهما على حماية العدل والعدالة الدوليين، وضمان السلام والاستقرار في قارة آسيا ورياح العالم. وبضمن هذا، ترفض الدولتان سياسة الحِمائية والإنعزالية ضيقة الأفق وحبس البشرية في قوقعة غربية ضيقة. لذلك تخرج المبادرة عن كل نطاق ضيق، وتفيض الى رحاب العالم أجمع بمجموعة كبيرة من الإيجابيات، وبطرح الخَيارات والفضاءات في المجالات التي منها الآسيوي والافريقي والأوروبي والأمريكي والغربي عموماً، بشمولية التكامل والتنمية الاقتصادية برعاية صينية. وهنا، فإن الصين كانت على الدوام ترغب بشدة في أن يندمج اقتصادها المتنامي والمتعاظم مع الاقتصاد العالمي لأجل ثبات الرأسمال، وديمومة التجديدات التكنولوجية والخبرات والأسواق. ومع بداية القرن الـ21، أصبح الاقتصاد الصيني ضخماً للغاية ومهماً بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية والاقتصاد العالمي برمته، وبات من الصعوبة بمكان التغاضي عنه أو إغلاق البوابة الاقتصادية في وجه الصين وعزلها عن العالم.

    لذلك، وفي إمتداد طريق المبادرة الى أبعد من آسيا عموماً، أكد الرئيس شي في كلمته في كلية أوروبا في “بروج البلجيكية”، إرتباط التعاون ما بين الصين وأوروبا ببناء “الحزام والطريق”، وأشار إلى أن زيارتيه الاستراتيجيتين إلى أوروبا في عام 2014 إنما ترمزان إلى مشاركة أوروبا في “الحزام والطريق”. وفي عام 2015، أكد الرئيس شي في كلمته في قمة الأعمال الصينية – البريطانية، أن “الحزام والطريق” سوف يمران بأفريقيا ويربطان بين آسيا وأوروبا. فمبادرة “الحزام والطريق” تتجاوز نطاق “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير القديم” وحدود دبلوماسية الجوار الى أبعد منها، لتشكل منصة مشتركة للتنمية، مفتوحة وشاملة وتعاونية، لكل الدول بدون استثناء.

     المبادرة الصينية “تحكي بنفسها عن نفسها!”. فـ”هي مِن الصين للعالم”، و “مِن العالم للصين”. كيف ذلك؟

     ترى المبادرة أنها “ليست صينية خالصة”، بل أممية محض، وإن كانت الصين قد تقدّمت بها وسوف تعمل على توظيف أموالها الطائلة في استثمارات هي الأكثر حيوية على جانبي طريق المبادرة في 3 قارات أولاً.

     

     و المبادرة الصينية كما نراها شخصياً ونثق وجدانياً وعقلياً أنها: “مَنصّة تنمية عولمية مشتركة مفتوحة وشاملة وتعاونية”، و”هدية ثمينة من الصين الشعبية للعالم أجمع”. وترى الصين فيها كما نعتقد “عَملانيةً مُشتركةً للجميع”. فهي “لن تُثمر بيد صينية واحدة” فقط ومعزولة عن العالم، بل “تحتاج الصين لكل الأيادي العالمية لإنجاحها”، ولمختلف الجهود والتوظيفات الإعلامية والسيكولوجية والسوسيولوجية الأُممية، ولشتى العُقول والمشاعر، والأهم المطلوب هو “جَمعُ الثقافات الإنسانية وشعوب العالم وقومياته الكثيرة نحو هدف واحد” هو “تحويل العَالَم سلمياً”، وبالذات “على طريق الأمن والأمان” و”لتوزيع الثروات بعدالة التوزيع على الجميع”، “من خلال الاقتصاد المُشترك والتجارة الأسرع والرابحة للكل”، و”لتشييد جسور المَنافع المُستدامة والكسب المشترك المُتساوي الحقوق، وبدون تغول أحدٍ على أحَد”.  

    إضافة الى ذلك كلّه، غدت مبادرة الحزام والطريق أضخم فعالية دولية للخدمات شُهرةً بين دول العالم ومنصة للتعاون الدولي الأفضل والشريف بمهامه وآلياته وأهدافه ولفتح آفاق عالمية أكثر إشراقا على كل العالم.

    إن الأُفق الرحب والاستراتيجي للمبادرة يَنال الإعجاب عالمياً على المَديات القصيرة والطويلة، وذلك لأن هذه المنصة تهتم بدفع الدول الواقعة على طول “الحزام والطريق” إلى مشاركة الصين في جُملة إنجازاتها الاقتصادية عن طريق استخدام مزايا الصين التنموية ورغبتها بتنمية نفسها والعالم بدرجة متساوية ونافعة للجميع.

    وعلى المدى المتوسط، نُشاطر الرأي القائل، أن هذه المبادرة تربط ما بين التنمية الاقتصادية الصينية السريعة ومصالح الدول الواقعة على طول الطريق، وتعزز التكامل الاقتصادي في منطقتي آسيا والمحيط الهادئ. وعلى المدى الطويل، مع تعمّق المبادرة، سوف تساهم وتساعد في تحسين منظومة إدارة الاقتصاد الدولي، وفي دفع تحسين المبادئ الدولية في مجالي التجارة والاستثمار والمجالات المعنية، وفي تحقيق التوازن بين “الدول المركزية” والدول الهامشية” في نظام الاقتصاد الدولي”.

    القمّة: نحو أمم متحدة جديدة

    وفي القمة، وفي مشاركة موضوعها الاستثماري الدولي الكثيف في كل الميادين، وقد بدأ بالتدريج منذ العام 2015م، ستعمل القمة على ما يوصف بأنه “الاصطفاف المُتدرج” للعالم على الأرض الصينية وفي مصلحة دوله المشاركة في مشروع “الحزام والطريق” الدولي، سيّما أن احتياطيات الصين الضخمة من النقد الأجنبي وقُدراتها المالية الفلكية، تضمن الدفع نحو تطبيق بناء “الحزام والطريق” في اتجاهات مختلفة وفي آن واحد، فمن المتوقع أن تغطي تفعيلات المبادرة أكثر من 60 في المئة من سكان العالم، وأكثر من ثلث الناتج الاقتصادي العالمي.

    وفي كل ما تقدّم نلمس أن الصين تتحول بقمّة المبادرة الى مركز رئيس لـ (هيئة أمم متحدة جديدة) تتكون من العالم كله، مع فارق بسيط وجوهري بينها وبين المنظمة الحالية، الرسمية، للامم المتحدة، هو أن الصين “تجمع العالم ليس للتشاور والنقاش فحسب، ولا لإتخاذ القرارت ضد بعضها البعض وكيل الاتهامات، بل للعمل المُنتج والنافع بالتصويت جماعياً على مصير الاقتصادي والإنساني للعالم”، حيث يُفترض أن توافق مُختلف الدول المُشاركة في القمة في مايو/ أيار، على شتى القرارات والاقتراحات التي تتخذها هي نفسها بنفسها ولمصلحتها، “فتنجح الصين في ذلك” وبه أيّما نجاح. وهذه الحالة الفريدة في شكلها ونوعها وجوهرها تاريخياً بجذب دول وامم العالم اليها برضاها ولأجل مصلحتها الفردية والجماعية في آن واحد، ستُرسَّخُ بلا شك نوازع العالم الجديد الذي ما يزال جَنيناً يَنمو، ودون أي تضارب مصلحي بين بعضها البعض، ودون أن يَسودها أية ضغائن أو حروب أو نزاعات من أي جِنس.

    و ها هي دول وأمم العالم تجتمع في الصين، في وقت حالي تتطلع فيه شعوب كثيرة إلى إحتياطي الصين الكبير من النقد الأجنبي، الذي يُمكن أن يُقدّم إليها الضمانة المالية كدول نامية تفتقر إلى قدرات الاستثمار، ذلك ان اقتصاداتها تدور في حلقة مفرغة، تتمثل في نقص مدخراتها المحلية والافتقار إلى القدرة على إقامة مشروعات بُنية تحتية ضخمة، وتقييد البُنية التحتية المتخلفة لجهود تنمية الاقتصاد.

    لذلك، نرى كيف أن الصين تعمد إلى تقوية استثماراتها في الدول الآسيوية، أولاً لضمان إنسيابية سبيل المبادرة الى أبعد من آسيا. فحسب إحصاءات وزارة التجارة الصينية، في عام 2015، بلغ حجم الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية في دول “الحزام والطريق” 14.8 مليار دولار أمريكي، بزيادة 18% عن سنة 2014، وبلغ حجم عقود المقاولة الخارجية الجديدة 29.6 مليار دولار أمريكي بزيادة 7.4 % عن سنة 2014. وفي الفترة من كانون الثاني/ يناير حتى حزيران/ يونيو 2016، زاد حجم عقود المقاولات الخارجية التي وقعتها الشركات الصينية مع دول “الحزام والطريق” بنسبة 37% مقارنة مع نفس الفترة في السنة السابقة. وقد قدّمت الصين مجموعة كاملة من الحلول الفعّالة من حيث التكلفة، للدول الواقعة على طول “الحزام والطريق”.

    لذلك، ولأسباب كثيرة أخرى، نتمنى لمختلف الجهات الحاضرة والفاعلة  في قمة المبادرة في الصين، كامل النجاح في رسم صرح عالمٍ جديد، واستنباط المزيد من الأسباب المؤدية إلى نشر شامل للعدالة والسلام في دول العالم أجمع.

     

     

    *يلينا نيدوغينا والأكاديمي مروان سوداح: رئيسة تحرير ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتـّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.

  • وُحدة (بريكس) لـ”حزام وطريق” كوني

    وُحدة (بريكس) لـ”حزام وطريق” كوني

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    الأكاديمي مروان سوداح*:
    يُصادف هذا العام بداية العقد الثاني من عمر مجموعة دول (بريكس)، التي تضم في قِوامها الدول الرئيسية والأكثر فعالية في السياسة والاقتصاد الدوليين، ناهيك عن قوتها ونفاذها في الدبلوماسية الرسمية والشعبية والعامة على حدِّ سواء. وهذه الدول هي (الصين وروسيا/ الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا)، حيث من المُقرّر في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، أن تستضيف جمهورية الصّين الشعبية زعماء القمة رقم (9) لزعماء المجموعة.
    وعلى صعيدٍ “بريكسي” متصل، كان لتصريحات وزير الخارجية الصيني السيد (وانغ يى) بشأن ألية مجموعة (بريكس)؛ وتضامن الدول الداخلة في عضويتها، أهمية لفتت إنتباه الدول والحكومات المختلفة في آسيا والعالم، إضافة الى “القرّاء العاديين” حتى.
    فعندما تتحدث الصين عَلناً عن (بريكس) وما يتصل بها من قضايا مصيرية، فهي تعني ما تقول، لكونها اعتادت صّمت الجبابرة والدبلوماسية الناعمة التي ترى الصين عادةً تسميتها بالدبلوماسية العامة، ولأن الصين دَرَجَت منذ حركة الإصلاح والانفتاح عام1978م على سياسة هادئة مَقرونة بالعمل خلف الأضواء. لهذا وغيره، فإن تصريحات المسؤولين الصينيين عن (بريكس) تُعتبر رسالة دولية سياسية جادّة، تطال جميع الأطراف القابعة في الخندق المقابل لمنظمة التحالف الأُممي – (بريكس).
    ربّان سفينة العلاقات الخارجية الصينية، السيد (وانغ يى)، صرّح قبل أيام خلال مؤتمر صحفي عَقده على هامش أعمال الدورة السنوية التشريعية لأعلى هيئة تشريعية في الصين: “إن آلية (بريكس) لن تفقد بريقها لأنها (ستشع أكثر) فيما لو استمر أعضاؤها متّحدين”.
    هذا التصريح الدبلوماسي الرفيع والخطير المستوى للوزير الصيني الشهير والمخضرم، يَكشف عن خصوصية (بريكس) لكل دولة من الدول، ويزيح الستارة عن وجود خطّة صينية لمزيد من تفعيل دور الصين في هذا التحالف ودور التحالف ذاته “في المستقبل” خلال محافظته على وحدته.. ليشع أكثر.
    الوزير نوّه كذلك إلى أن كل عضو من أعضاء التحالف البريكسي يواجه منفرداً “تحديات خاصة” به، مُستشهداً بوصف أطلقه الرئيس الصيني شي جين بينغ الحليف، حول (بريكس)، عندما أعاد إلى الأذهان المَثل الصيني – العربي القائل عن الوحدة: “إن دول بريكس يُشبهون أصابع اليد الخمسة، فهي قصيرة وطويلة إذا ما تفرّقت، لكنها ستشكّل قبضة قوية إذا ما اتّحدت مع بعضها”.
    وتأكيداً على ما ذهبنا إليه، قال الوزير، إنه و “عملاً بمبدأ المداورة في رئاسة مجموعة (بريكس)، ستعمل الصين مع غيرها من الدول الأعضاء لمراجعة خبراتها وتخطيط المستقبل، لتستهل العقد الذهبي الثاني من عمر المجموعة بالتعاون وإتاحة “خطط بريكس” من أجل السلام والتنمية العالميين”، إذ أنه بيّن “أن دول (بريكس) ستوسّع التعاون البراجماتي وستقوم بالتنفيذ الكامل لإستراتيجية الشراكة الاقتصادية لدول المجموعة، وتعزيز تنسيق وإتصالات السياسات الكلية للاستراتيجيات التنموية، واتخاذ حزمة من الإجراءات المَتينة والفعّالة من أجل التعاون.
    وفيما يتعلّق بالتبادلات الشعبية، ستقوم دول المجموعة بتنفيذ الاتفاقيات التي وقّعها قادتها لتوسيع التبادلات الشعبية وبناء دعم شعبي أقوى لتعاون بريكس”.
    وبهذا تكون رسالة الدبلوماسية الصينية قد وصلت كاملةً وواضحة. فالصين اليوم منهمكة في مهمة كونية الأبعاد للتخطيط لمستقبل (بريكس)، لتكون تفعيلاتها مضمونة أكثر في السياسات العالمية، ولتسهيل نفاذ هذا التحالف في رياح العالم، ولتمكينه سياسياً بما لا يقبل التأويل والتشكيك بقدراته التي تعتمد إقتصادياً على الصين بدرجة حاسمة.
    وفي الشق السياسي – الأمني الذي يُكمّل الاقتصادي والسياسة العامة، طوّق الوزير الصيني الجهات الساعية لتشويه سمعة (بريكس) بقوله أن دول المجموعة “ستعمل على توسيع دائرة أصدقاء (بريكس)، وتحويلها إلى أكبر منصة مؤثرة لتعاون الـ جنوب – جنوب في العالم”.
    ولأجل أن يكون (بريكس) مُتصاعداً في تأثيراته بغض النظر عن المحاولات المتواصلة التي تبذلها القوى الغربية لإيقافه وشل قدراته، من خلال عمليات عسكرية واقتصادية هجومية على صعيد العالم، ستسعى مجموعة (بريكس) هذه السنة إلى “تحقيق اختراقات في التعاون السياسي والأمني، والاستفادة الكاملة من اجتماع المستشارين الأمنيين الوطنيين، ومناقشة إطلاق أول اجتماع رسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء..
    لكن ما هو الرابط بين كل ذلك ومبادرة الحزام والطريق التي تقترحها الصين على العالم، وقد بدأت بتفعيلها بعدة عشرات مليارات من الدولارات في الدول المُحاذية للصين، تمهيداً للانطلاق الى البقاع الأرضية الآخرى؟

    شخصياً لاحظت خلال السنوات القليلة الاخيرة، أن الصين تعمل بنشاط في عدة اتجاهات لتفعيل وتوسيع عدة مبادرات كبرى أهمها (بريكس)، لكونها تجمع قيادات الدول الأهم وتتخذ القرارات الأكثر فعالية في العالم، ولتتمكن الصين من خلالها تطبيق أسهل وأسرع لمبادراتها الاقتصادية المرتبطة مع التطلعات الاقتصادية (الصينية – البريكسية) لصناعة السلام وثقافة السلام (المتكافئ) واقتصاد السلام (العادل) الذي يضمن ألق المبادرات الاقتصادية الصينية في العالم وتثبيتها مع الكل وللكل.
    انعكاسات (بريكس) على مبادرة الحزام والطريق مباشِرة و “تسهيلية”. فدعم الصين لهذه المجموعة التحالفية سيعود بالنفع على أعضائها وبضمنهم الصين والجار الكبير روسيا، ذلك أن ضخامة أراضي الدول الآسيوية الثلاث (روسيا والصين والهند)، هي ضمانة لنفاذ مبادرة الحزام والطريق في طريق الحرير الصيني القديم أولاً، والطُرق الجديد للحزام والطريق ثانياً (وهو شبكة من الطرقات التجارية تمرّ عبر عدة قارات لكن بالقطارات فائقة السرعة وليس بقوافل الجِمال) نحو شمال آسيا ووسطها وجنوبها، حيث الهند بتأثيراتها الاقليمية.
    أما في الغرب الجغرافي لأسيا، فهناك إيران وسورية الموافقتان على المبادرة الصينية، وهما دولتان صديقتان للصين وروسيا ومتحالفتان مع بيجين وموسكو، وموافقتهما تعتبر “تحصيل حاصل”، وهو ما يضمن وصول المبادرة لاحقاً “عبر اوتوستراد سريع” الى الاردن ولبنان وشواطئ البحر الأبيض المتوسط، لتندفع بعدها الى مصر والقرن الافريقي، فبقية دول شمال أفريقيا التي تنتظر التوظيفات والاستثمارات الصينية لتحوز على نصيبها الوافر منها، فمنذ ان بدأ قطار التنمية الصينية يمخر عباب الاقاليم المختلفة منذ 2013م، توجه عدد كبير من التجار العرب الى الصين، ليستقروا هناك ويباشروا أعمالهم التجارية في الدولة التي تمنح تسهيلات كبرى في كل المجالات.
    ان العامل الجيوبوليتيكي هو الأهم كما أرى في (بريكس)، وهو الأهم كذلك لـ”وُجهات” المبادرة الصينية. فالدول الثلاث الاعضاء في (بريكس) تقع في آسيا (الصين وروسيا والهند)، ولواحدة منها وهي روسيا، حدود برية طويلة مع الصين، كما ولروسيا علاقات جيدة ووثيقة جداً مع بقية الدول المحاذية للصين، وكما هو أيضاً أمر علاقات الصين نفسها مع تلك الدول، فهي علاقات سلمية وتقوم على مبدأ الاحترام المتبادل معها، لاسيّما منغوليا وكازاخستان.
    إن هذه العوامل وغيرها وبخاصة التاريخية والمصالح الحالية والاستراتيجية لتلك الدول، تعمل على تدعيم مبادرة الحزام والطريق الصينية على تراب تلك الدول، فالانطلاق منها بالذات وبالصداقة والتعاون معها وبضمان من تحالف (بريكس) الى رِحاب أوسع ومساحات أكثر شساعة، ولكون (بريكس) جاذباً لمعظم العالم، ناهيك عن أن الصين وروسيا باشرتا منذ عهد بعيد نسبياً أعمال تجسير مبادرة الحزام والطريق على الاراضي الروسية، وذلك ضمن تحالفهما الاستراتيجي العميق، وبضمن ذلك إعادة تركيب وبناء المصانع؛ وتأسيس المزارع الصينية؛ والتعاون السياحي والانساني في منطقة سيبيريا الروسية الواسعة جداً (وهو ما تحدّثت عنه في حينه الفضائيات الروسية الناطقة بالروسية حصراً)، وبذلك إكتسبت مبادرة الحزام والطريق الصينية زخماً عظيماً، أنجح اندفاعاتها في مختلف الاتجاهات، وهنا يمكننا التصريح بثقة: إن وُحدة (بريكس) تـُفضي لـ”حزام وطريق” كوني.
    • رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.

  • الصّين اليُنبوع الأول للأعمال

    الصّين اليُنبوع الأول للأعمال

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    الأكاديمي مروان سوداح*:
    مُبادرة “الحزام والطريق” التي تقدم بها فخامة الرئيس شي جين بينغ تحوز على إهتمامٍ غير مَسبوق في العالم وفي الإجتماعات القيادية والتشريعية الحالية التي تعقدها المؤسسات العَليّة في بيجين.
    وفي الأهمية “المِفصلية”  لـ”مُبادرة الحزام والطريق” – التي تعود للعام 2013 عندما أعلن عنها فخامة الرئيس شي جين بينغ -، أنها تشغل حَيّزاً هو الأكبر في أعمال الصين حكومة وشعباً، لكون هذه المُبادرة عالمية القسمات والأبعاد والقواعد، وكذلك هو الأمر لعائداتها الإقتصادية والمالية والسياسية، والأهم أنها تعمل على هدف ترسيخ السلام العالمي بين الأمم والدول على أسـس إقتصادية كما لم يَسبق مِن قَبل فَي التاريخ الإنساني.
    والأهمية الاخرى للمُبادرة، أنها تُعيد إنتاج طريق الحرير الصيني القديم بزخم أضخم وبهمّة أعظم، ذلك أن قُدرات الدولة الصينية تضاعفت مئات المرات عن تلك القُدرات التي تمتعت بها الصين قبل نحو ألفي سنة، حين كانت منشغلة بالحروب الدفاعية للحفاظ على كيانها وترابطه، وتأكيد مكانتها الجيوسياسية التي تميّز العرب باحترامها، فمد جسورهم الكثيرة نحو الصين، الى حد الهجرة إليها واستيطانها والتقرّب من ملوكها، فالمشاركة في بنائها وصونها.
    الصين اليوم دولة جبّارة بحق في كل المناحي والحقول، ومنها الاقتصادية والعسكرية، وقدرات السيادة والتطوير والتحديث وتحفيز المجتمع لإنجاز نقلات وقفزات كبيرة ونوعية في سياق التقدم الإجتماعي والاقتصادي والفكري، فتفعيل الآليات المُوصلة إلى المجتمع الرّغيد والناضج بألوان إشتراكية صينية خاصة بالدولة والخَيار السياسي – التاريخي للشعب الصيني، إنسجاماً مع تطلعات ومسيرة الشعب الصيني، لاسيّما منذ لحظة الاستقلال والانعتاق والتحرّر من هيمنة القوى الغربية ومن الاستعمار الإقتلاعي والإحلالي والاستيطاني الياباني على الأخص.
    وفي نجاحات المُبادرة الشهيرة، أن الصين حققت توظيف نحو (50) مليار دولار كاستثمارات في الدول الواقعة على طول خط “الحزام والطريق”، وتوفير فرص عمل مُتجددة للمواطنين الصينيين ومواطني الدول المشاركة بالمُبادرة، وبلغ عدد تلك الدول (100) دولة، بالإضافة الى عشرات المنظمات والمؤسسات الدولية التي وقّعت وثائق تعاون وتفاهم مع الصين، وصل عددها إلى (50) وثيقة.
    كما نجحت الصين في تعزيز هذه المُبادرة التاريخية من خلال الحفاظ على روح الترابط والتفاهم الإقليمي للشعوب المشاركة بها، وتعزيز مناخات تفاهمها وسلامها، وتؤدي بالصين في هذه الأجواء الى توسيع مشاريعها الضخمة مع الدول المشاركة في (الحزام والطريق) كالملاحة والطاقة والسكك الحديدية، الطُرق ووسائل الاتصالات وغيرها.
    وفي الإحصاءات والمعلومات والحقائق المتوافرة للنجاحات المُتحقّقة لمُبادرة الحزام والطريق، التالي:
    1/ الشركات الصينية قدّمت مساهمات ومساعدات ملموسة في بناء (56) منطقة تعاون إقتصادي وتجاري في (20) دولة على طول المُبادرة الصينية، وحقّق ذلك عائدات ضريبية بلغت أكثر مليار دولار إمريكي؛
    2/ تحقيق أكثر من (160) ألف فرصة عمل أولية؛
    3/ تعزيز التبادلات الثقافية والإعلامية والانسانية والسياحية الصينية مع الدول الاخرى، ليعود ذلك بالنفع على البلدان “المُشاطئة” لسبيل المُبادرة؛
    4/ أفضى نجاح المُبادرة الى الشروع بتأسيس (شبكة تجارة وبُنية أساسية) تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا، تشترط تجذّرها على طرق التجارة القديم، بُغية الحِفاظ على زخم الاندفاعة التاريخية للمُبادرة الجديد لتشمل بفوائدها العالم أجمع.
    5/ تحوّلت المُبادرة الى يَنبوع عالمي هو الأول من نوعه للبشرية جَمعاء للأعمال والاستثمارات الأضخم.
    * كاتب أردني ورئيس الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء  الصين.

  • موقع الصين بعيون عربية كاستشراف مبكر لمبادرة الحزام والطريق

    موقع الصين بعيون عربية كاستشراف مبكر لمبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-chinainarabeyes

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    موقع “الصين بعيون عربية” هو محاولة متواضعة للتعبير عن إيمان موجود لديّ بوجوب أن تكون العلاقة بين الصين والعرب بأحسن حالاتها، خدمةً لتاريخنا المشترك كأمتين عظيمتين، ومن أجل تحقيق المنافع على مختلف المستويات للشعوب العربية والصينية، وبحثاً عن مستقبل مشرق لأمتّينا في هذا العالم.

    ولعلّ هذا المشروع المسمّى “الصين بعيون عربية” هو استشراف مبكر لمبادرة “الحزام والطريق” كفكرة تهدف إلى “تحقيق التواصل بين القلوب”، بما ينتجه هذا التواصل من تمازج حضاري وفوائد معنوية ومادية لا تقدّر.

    الموقع يشكّل قناة تواصل بين العرب والصينيين، ولكنه عملياً جزء من مشروع كبير أعمل من أجل تحقيقه، وهو مشروع “مركز  دراسات الصين بعيون عربية”، وهو المركز الذي سيقوم بنقل آراء المفكرين والمحللين العرب مباشرة إلى الصينيين، وآراء المفكرين الصينيين مباشرة إلى العرب، دون المرور بالوسائط الغربية التي تنتقي فيما تنقله ما قد يسيء إلى الطرفين في ما هو موجود عند هذا الطرف أو ذاك، أو ما قد يخلق عدم فهم لاهتمامات هذا الطرف عند الطرف الآخر.

    إن الترجمة المباشرة من العربية إلى الصينية ومن الصينية إلى العربية دون أي وسيط هي الوسيلة التي يطمح مركز الدراسات إلى استخدامها من أجل خلق حالة معرفية قائمة على المعلومات الدقيقة والآراء الصحيحة والأفكار الواضحة، دون أي لبس أو تأويل أو تحريف. وفي هذا برأيي مساهمة كبيرة في دفع التعاون العربي الصيني المستقبلي بقوة إلى الأمام.

    لقد آمنتُ منذ أكثر من عشر سنوات بأن قَدَر العلاقات بين الصين والعرب أن تكون علاقات رفيعة المستوى، فاعلة، مستمرة ونافعة للطرفين العربي والصيني، وأن هذا سيكون فرصة كبرى للعرب للنهوض من الواقع السيء الذي يفرض نفسه عليهم، كما أنه يساهم في دفع نهضة الصين إلى مزيد من النجاح.

    وانطلاقاً من هذا الإيمان أنشأتُ المدوّنة ومن ثم الموقع وأصدرتُ نشرة إلكترونية تحت العنوان نفسه: الصين بعيون عربية، لا بل تعلّمت شيئاً من اللغة الصينية، من أجل فهم روح هذه اللغة، ومن ثم روح الشعب الصيني العظيم،  وأنا مستمر في هذا المشروع وأجد في نفسي سعادة كبيرة عندما أرى تعدد المبادرات المماثلة وتكاثر المهتمين بشأن العلاقات العربية الصينية في صفوف شعوب الدول العربية.

    كما أنني انضمّيت إلى الاتحاد الدولي للكتّاب والصحافيين العرب أصدقاء (حلفاء) الصين، وهو مؤسسة تتماهى في أهدافها مع الأفكار التي يحملها الموقع، وعملت تحت إشراف الأستاذ مروان سوداح، مؤسس الاتحاد ورئيسه، وتسلّمت مهام أمانة السر، ونحن نعمل معاً في الاتحاد  من أجل تحقيق الأهداف نفسها.

    في خلاصة سريعة، ومن خلال معرفتي بطبائع الشعوب العربية أدعو المسؤولين في جمهورية الصين الشعبية إلى إيلاء “الديبلوماسية الشعبية” اهتماماً كبيراً، إلى جانب الديبلوماسية الرسمية، وإلى خلق قنوات للتواصل مع الناس في منطقتنا، وإلى تفعيل “القوة الناعمة” الصينية، كي تتغلغل في نسيج المجتمعات، وتجعل من الصين حقيقة واقعة عند الشعوب، عندها تصبح “مبادرة الحزام والطريق” قابلة للتنفيذ، لا بل تصبح عندها مطلباً جماهيرياً نابعاً من رغبات الناس وإرادتهم، وليست مبادرة مسقطة على الناس من أعلى، تحتاج إلى جهود كبيرة لإقناعهم بها وبأهميتها.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية

  • كيف نجعل مصطلح “مبادرة الحزام والطريق” أكثر جاذبية؟

    كيف نجعل مصطلح “مبادرة الحزام والطريق” أكثر جاذبية؟

    mahmoud-raya-beltandroad3

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    إن ظهوراً أكبر لمبادرة الحزام والطريق في وسائل الإعلام العربية يتطلب نشاطات أكبر، وتحركات حقيقية وملموسة في صفوف الشعوب العربية حول المبادرة، وهذا الأمر منوط بقدرة الصين على إبراز الأهمية الفعلية لهذه المبادرة بين القوى الشبابية والمجتمعية الناشطة بين الأجيال الجديدة في العالم العربي.

    ما تزال الصين للأسف بعيدة عن قلوب الشعوب العربية، وما يزال العربي حتى اليوم يعبّر عن المسافة البعيدة جداً بالقول إن هذا الأمر بعيد بُعد الصين عنّا، تماماً كما كان الحديث الأول من النبي محمد حول الصين عندما قال: اطلبوا العلم ولو في الصين، كإشارة إلى بعد الصين عن العرب.

    وبالرغم من ان الولايات المتحدة ليست أقرب إلى منطقتنا من الصين، فإننا نجد الولايات المتحدة بسياساتها وبـ “ثقافتها” وبعاداتها موجودة في كل المناطق العربية، حتى في أكثرها بعداً عن المراكز الحضرية والمدن.

    هذا البعد الصيني عن قلوب العرب يمكن تفسيره بمثل شعبي موجود لدى شعوبنا يقول: “البعيد عن العين بعيد عن القلب”.

    ما تفضل به فخامة الرئيس شي جين بينغ مهم جداً لجهة العمل على تحقيق “تواصل القلوب” لشعوب الدول المختلفة. ولكن ما يجب التأكيد عليه هو أن بناء “الحزام والطريق” لا يمكن أن ينجح بشكل كامل دون البدء بتحقيق تواصل القلوب. أي أن المسألتين مرتبطتان ببعضهما البعض، بناء الحزام والطريق وتحقيق تواصل القلوب، وهما متلازمتان، ويجب البدء بتنفيذهما سويّة على المستوى الرسمي، كما على مستوى الشعوب والمجتمعات والأفراد.

    ينبغي العمل بكل السبل الممكنة لتحسين هذا الواقع وتعزيز صورة الصين بين العرب، وإخراج هذه الصورة من كون الصين مصدراً للبضائع الرخيصة (وغير الناجحة للأسف)، أو كونها أمة تسكن في الأساطير وبعيدة عن المتناول ولا يمكن الوصول إليها إلا بالخيال، إلى دولة حاضرة في ثقافة وفي نشاطات وفي حضارة العرب، وهذا ما يجعلها حاضرة في قلوبهم أيضاً.

    إن أي مصطلح يحتاج لأن يكون قريباً من هموم الناس واهتماماتهم كي يلقى الرواج المطلوب والفهم المناسب. وبقدر ما يكون هذا المصطلح معبراً عن قضايا تدخل ضمن دائرة المسائل الحيوية التي تنعكس نتائجها على الناس، بقدر ما يكون الناس أكثر فهماً له واستيعاباً لمعانيه.

    ولذلك فإن مصطلح “الحزام والطريق” يمكن أن يصبح مفهوماً إذا انعكس على الناس في العالم العربي إيجاباً على المستوى الاقتصادي والحياتي.

    ولكن في اعتماد مصطلح طريق الحرير البري وطريق الحرير البحري هناك ميّزة إضافية، هي ميّزة ربط هذا الانجاز الذي سيتحقق بالتاريخ، وبعصور ماضية ينظر إليها العرب على أنها عصور مجيدة وأكثر تميّزاً من العصر الحاضر.

    إن “طريق الحرير” هو جزء من الذاكرة الدينية والثقافية والحضارية للكثير من العرب، ولذلك فإن اعتماد هذا المصطلح سيفتح الطرق بشكل أسهل لتقبّل مبادرة “الحزام والطريق” والسير فيها والمبادرة إلى إنجاحها.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • منتدى التعاون العربي الصيني: دور أساسي في دعم المبادرة

    منتدى التعاون العربي الصيني: دور أساسي في دعم المبادرة

    mahmoud-raya-arab-chinese-forum

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

     

    يلعب منتدى التعاون العربي الصيني دوراً كبيراً في مأسسة وتنظيم العلاقات بين العرب ككتلة مجتمعة والصين، فضلاً عن العلاقات بين الصين وكل دولة عربية على حدة. وهذا دور مهم وخطير، كونه يجعل من إمكانية وصول العلاقات بين الطرفين إلى المستوى المأمول أمراً ممكناً.

    إن المنتدى الذي أنشئ بتاريخ 30 كانون الثاني/ يناير عام 2004 خلال زيارة الرئيس الصيني السابق السيد هو جينتاو إلى مقر الجامعة العربية في القاهرة لديه هدف واضح نصت عليه وثيقة إعلانه وهو: ” تعزيز الحوار والتعاون، دفع التنمية والتقدم”. ولقد تمكّن هذا المنتدى من إيجاد العديد من الآليات التي تحقق هذا الهدف، سواء على صعيد تعزيز الحوار بين العرب والصين، أو على صعيد تكثيف التعاون في مجالات مختلفة، أو لجهة دفع التنمية والتقدم في الدول العربية وفي الصين على حدّ سواء.

    فالمنتدى يقوم على أساس تنظيم الاجتماعات الدورية بين كبار المسؤولين على مستوى القمة أو على مستوى الوزراء المعنيين أو المسؤولين التنفيذيين، وهذه الاجتماعات تتكرر بشكل منتظم ومكثّف، بحيث لا يمر شهر دون أن يكون هناك لقاء على هذه المستويات بين مسؤولين صينيين وعرب مجتمعين، أو بين مسؤولين من دول عربية ومن الصين بشكل ثنائي

    بالإضافة إلى ذلك فقد نشأت تدريجيا آليات أخرى في إطار المنتدى إلى جانب الاجتماع الوزاري ولجنة كبار المسؤولين، مثل مؤتمر رجال الأعمال وندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية ومؤتمر الصداقة الصينية العربية ومؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة وندوة التعاون الإعلامي الصيني العربي وإقامة الفعاليات الثقافية المتبادلة. وغالباً ما تقام فعاليات الآليات المذكورة أعلاه مرة كل سنتين في الصين وإحدى الدول العربية بالتناوب.

    وتقوم مجموعة الاتصال في المنتدى بمهمتها المتمثّلة بالقيام بالاتصال بين الطرفين ومتابعة تنفيذ القرارات والتوصيات التي تم التوصل إليها في اجتماعات وزراء الخارجية وكبار المسؤولين. سفارة الصين لدى جمهورية مصر العربية هي مجموعة الاتصال الصينية، ومجلس السفراء العرب وبعثة الجامعة العربية في بكين الجهة العربية للاتصال، ومكتب الأمانة العامة الصينية لمنتدى التعاون الصيني العربي في إدارة غربي آسيا وشمالي أفريقيا بوزارة الخارجية الصينية.

    إذاً، هذا المنتدى هو وسيلة مهمة من وسائل خلق عملية تواصل ديناميكية وفعّالة بين الأمتين العربية والصينية، وينبغي الاستمرار في خلق الآليات المتعددة من أجل مدّ المزيد من جسور التفاعل بين الطرفين، مع العمل على تعزيز تحوّل هذه الآليات من مسارات تواصل بين الرسميين لدى العرب والصينيين إلى خلية عمل تجمع المواطنين والفاعليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  على طرفي الحزام، بما يحوّل العلاقة من علاقة رسمية فوقية، إلى علاقات حقيقية ومستمرة ودائمة بين الشعوب العربية والصينية.

    إن كون معظم المعلومات عن الحزام والطريق هو من وسائل الإعلام الصينية أمر لا يمكن نكرانه، لا بل هو حقيقة واقعة يتوجب العمل على تحليلها والبحث عن أسبابها، من أجل تلافي هذا الخلل الكبير في مواكبة هذه المبادرة الكبرى، وجعل الحديث عنها منتشراً في الأوساط العربية، بما يجعل وسائل الإعلام العربية تعكس هذا الحديث وتبرزه.

    وربما يكون على منتدى التعاون العربي الصيني مسؤولية كبيرة في تحفيز النشاطات المشتركة في الدول العربية وفي الصين، وفي تحفيز وسائل الإعلام العربية على تغطية هذه النشاطات.

    والمطلوب برأيي في هذا المجال تجاوز الاقتصار على القنوات الرسمية التي تلتزم بالبيروقراطية والبطء في تنفيذ المشاريع والنشاطات والتحركات، ودعم المبادرات الشبابية والتطلعات الشخصية والناتجة عن عمل مجموعات وحركات وجمعيات ومؤسسات، والتي تعمل على خلق علاقات عربية مع الصين، وإذا لم تكن هذه المبادرات موجودة ينبغي العمل على إيجادها، ويعدّ هذا جزءاً من القوة الناعمة التي ينبغي على الصين تفعيلها داخل المجتمعات العربية.

     

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • الصين في العالم العربي: تمهيد لنجاح المبادرة

    الصين في العالم العربي: تمهيد لنجاح المبادرة

    mahmoud-raya-china-arabs1

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    الصين باتت موجودة في العالم العربي، وهذا الوجود لم يعد محل شك، وقد لاحظنا هذا الوجود في الفيتوات التي استخدمتها الصين في مجلس الأمن عند التصويت على مشاريع القرارات المتعلقة بسوريا، وفي نجاح البحرية الصينية في إجلاء الآلاف من العمال الصينيين في ليبيا، كذلك إجلاء العمال الصينيين في اليمن، فضلاً عمّا يُقال عن الوجود الصيني الكثيف في السودان وفي العراق.

    هذه المشاركة الصينية في الشؤون العربية لم تكن بهذا الشكل في السابق، ولذلك يمكن ملاحظة حصول انخراط صيني أكبر في شؤون الشرق الأوسط. وهذا الانخراط يتزايد بشكل يتناسب مع ارتفاع حجم التبادل التجاري وتنامي العلاقات الاقتصادية بين العرب والصين.

    ولكن يبقى السؤال: هل هذا الانخراط الصيني يناسب حجم الصين كدولة؟ أم أنه ما زال دون المستوى المفترض أن يصدر عن دولة كبرى كما الصين، كما أنه ما يزال دون المستوى المأمول من الكثيرين من العرب، الذين يرون في الدور الصيني في المنطقة عنصراً يؤدي إلى حصول توازن في الحضور الدولي في الشرق الأوسط، ولا سيما أن الكثيرين من العرب يعانون من تفرّد أميركي بالساحة العربية، لا بل من هيمنة أميركية مطلقة على كل ما يهمّ العرب من القضايا، وتترافق هذه الهيمنة مع انحياز أميركي كامل لموقف إسرائيل التي لا تزال تمثّل العدو الرئيس لمعظم العرب.

    من هنا فإن انخراطاً صينياً أكبر في قضايا المنطقة، مع الحفاظ على توازن في الموقف بين العرب وإسرائيل، لا بل على ميل أكبر إلى الحق العربي في فلسطين، سيكون أمراً مشكوراً، لا بل مطلوباً بشدة في صفوف الجماهير العربية.

    ولا ينسى العرب بأي حال من الأحوال الموقف الصيني الذي وقف دائماً إلى جانب حقوق الشعب العربي في فلسطين، وثباته في تأييد القضية الفلسطينية، والمساعدات التي قدمتها القيادة الصينية للشعب الفلسطيني وقيادته على مدى العقود الماضية. وانطلاقاً من هذا الواقع يصبح التعويل العربي على استمرارية هذا الموقف الصيني من القضية الفلسطينية أمراً طبيعياً ولا يدخل في إطار المستحيل؟

    أما بالنسبة للقضايا العربية الأخرى، فإن الصين يمكن أن تلعب، لا بل ينبغي أن تلعب دوراً أكبر كوسيط وكمساعد على الوصول إلى حلول للقضايا الخلافية بين الدول العربية، وذلك مع الالتزام بالمبادئ الأربعة التي تحكم السياسة الخارجية الصينية وهي: معارضة نزعة الهيمنة وحماية السلم العالمي، والدعوة إلى المساواة بين الدول سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، غنية أم فقيرة، وضرورة الحل السلمي للنزاعات والصراعات بين الدول عبر التفاوض، بدلاً من اللجوء إلى القوة أو التهديد بها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بأية حجة.

    إن هذه المبادئ تشكل مظلة أمان للدول الصغيرة والمتوسطة في العالم، ومن بينها الدول العربية، ولذلك فإن اعتماد الصين لهذه المبادئ سيكون مدخلاً مهماً لمزيد من الانخراط الصيني المقبول والمرغوب به في سياسات منطقتنا.

    وهذا الوجود الصيني، وبهذا الشكل المرغوب به، يمثل خطوة أساسية على طريق نجاح مبادرة الحزام والطريق، لأنه يضع الرضية الساسية للتواصل والتفاهم والتناغم بين الصين والعالم العربي بشكل شامل، وبين الصين والدول العربية كلّ على حدة من جانب آخر.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • “نصائح” على هامش تطبيق مبادرة الحزام والطريق

    “نصائح” على هامش تطبيق مبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-beltandroad-Suggestions

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

     

    لا يمكن لأي شخص بمفرده أن يقدّم نصائح في موضوع تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق”، لأن موضوعاً بهذا الحجم يحتاج إلى مراكز دراسات كبرى تستلهم الرؤى من التاريخ، وتضع الخطط الكفيلة بالانطلاق نحو المستقبل، استناداً إلى ما يؤمنه الحاضر من إمكانات.

    ولكن ما يمكن الإشارة إليه بشكل سريع هو ضرورة أن تكون مبادرة الحزام والطريق ملكاً لكل الشعوب التي تقع على الحزام والطريق، فتقترح، وتتشارك في التنفيذ، لتستفيد من النتائج على قاعدة المساهمة، وليس على قاعدة التحول إلى كائنات طفيلية على المشروع.

    المطلوب أن يكون مشروع الحزام والطريق مشروع كل الناس في الدول التي يمر فيها المشروع، من ناحية الفكرة، ومن ناحية الأهداف، ومن ناحية الجهد. عندها يصبح المشروع حلماً للجميع، يعمل الجميع على تحقيق نتائجه المتوقعة، ولا يتحوّل إلى مجرد باب للاستفادة السهلة التي يمكن الاستغناء عنها في أي وقت.

    إن هذا المشروع يرسم تاريخاً جديداً للدول المشاركة فيه، فيجب أن يكون الرسم بكل ألوان الطيف، وليس بلون واحد، ولا بيد واحدة، تخطط وتنفّذ وتوزع الفوائد.

    يجب أن تقنع الصين كل الدول التي يعنيها المشروع بأن مصلحتها التاريخية، لا بل وسيلة بقائها كأمم حية، تعتمد على مدّ هذا الخط الحيوي لكل دول المنطقة.

    وعملية الإقناع هذه تحتاج إلى حجّة قوية، وهذه الحجة موجودة وظاهر للعيان، وهي حجم الفوائد التي ستتحقق من هذا المشروع، كما تحتاج إلى وسائل للترويج لهذه الحجة، وهذا الأمر الذي يجب أن تقوم به القيادة الصينية بالاعتماد على وسائل الإعلام التي يجب أن تُنشأ وتصبح أكثر قوة وفاعلية، وبمختلف اللغات الموجودة في الدول التي يمر بها الحزام والطريق.

    إن الصين دولة كبيرة وقادرة وحيّة ومتطورة ومتفاعلة مع الواقع ومع الطموحات. ولذلك ليس غريباً أن تكون الصين هي المبادرة إلى إعادة رسم تاريخ المنطقة والعالم من جديد.

    ويأتي طرح مبادرة الحزام والطريق كجزء أساسي من عملية إعادة هيكلة العالم ورسم خريطته الجيوسياسية والاقتصادية، وهو طرح يليق بدولة تسعى لأن تكون الرائدة في التنمية والتطور على مستوى العالم كالصين.

    وانطلاقاً من هذه الوقائع تأتي المبادرات الصينية المواكبة لطرح الفكرة الأساسية، وهي مبادرة الحزام والطريق.

    إن ما تقوم به الصين من تطوير للمرافق الأساسية والبنى التحتية، وعلى رأسها المواصلات البرية والبحرية والجوية، هو خطوة طبيعية من دولة تطمح للعب دور اقتصادي وسياسي مميز على مستوى العالم. وكذلك فإن إنشاء صندوق طريق الحرير يُعتبر بمثابة تكوين للذراع التنفيذية لحلم إعادة بناء طربق الحرير.

    إن خطوات جبارة وفعّالة من هذا النوع تعتبر دليلاً على أن ما تطرحه الصين لا يقتصر على كونه مجرد حلم يدغدغ عقول فتيان مراهقين، وإنما هو مشروع يطرحه حكماء يؤمنون بالفكرة ويؤمّنون الوسائل المناسبة لتطبيقها.

    ويبقى أن طروحات من هذا الحجم وبهذا الشكل من الطموح تتطلب مواكبة إعلامية بالمستوى نفسه، من خلال خلق جهاز إعلامي فعّال يقرّب الفكرة المطروحة إلى إذهان الجميع ويروّج لها بكل اللغات واللهجات، ويجعل من الجهود التي تبذلها القيادة الصينية على طريق بناء هذا الخط العظيم جهوداً معلومة ومقدّرة، وبالتالي جهوداً منتجة ومؤثرة في صفوف شعوب الدول المختلفة التي يمر بها الحزام والطريق.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • مناطق الغرب الصينية.. المستفيد الرئيسي من مبادرة الحزام والطريق

    مناطق الغرب الصينية.. المستفيد الرئيسي من مبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-china-west

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    لعل من أبرز أهداف مبادرة الحزام والطريق هو تنمية المناطق التي يمر بها الحزام والطريق في البر والبحر، سواء في الصين أو في الدول الأخرى التي ستكون جزءاً من هذه المبادرة.

    ومع ملاحظة كون الحزام البري يمر في المناطق الصينية الوسطى والغربية، فإن هذه المناطق التي تحمل بشكل عام طابعاً إسلامياً ستكون مستفيدة بشكل كبير من مشاريع البنية التحتية والتواصل التي ستقام تنفيذاً لمبادرة الحزام، وهذا ينسجم بشكل كبير مع الإرادة الحقيقية التي تبديها القيادة الصينية في سعيها لنقل التطور الذي يشهده الشرق الصيني إلى الغرب، والذي شهد سابقاً العديد من الخطوات الجبارة في هذا المجال.

    وقد قامت القيادة الصينية بالفعل بإطلاق عشرات المشاريع التنموية الضخمة في المناطق الغربية خلال السنوات الماضية، بتكلفة تزيد كثيراً عن المئة مليار دولار أميركي.

    ومن اللافت أن انخفاض نسبة النمو في الصين بشكل عام لم ينعكس على انخفاض هذه النسبة في الغرب، والتي بقيت مرتفعة عدة نقاط عن المعدل العام.

    إن هذه الإنجازات ستكون فرصة كبرى للنهوض بالغرب الصيني، ولجعله جزءاً من العملية التنموية الشاملة التي تخوض القيادة الصينية غمارها، وهذا يعود بالفائدة على الصين كلها، لأنه يرفع قيمة الانتاج القومي الشامل، ويساعد في تحقيق هدف الرقي بالمواطنين الصينيين في مختلف المناطق، ويحل العديد من أزمات الشرق الصيني نفسه، وعلى رأسها أزمة الهجرة الجماعية ـ الشرعية وغير الشرعية ـ لليد العاملة، وما تعكسه هذه الهجرة من مشاكل اقتصادية واجتماعية كالبطالة والجريمة والتشرد وغيرها.

    وأكثر من ذلك، إن تنمية المناطق الغربية يعيد إليها ألقها القديم، كحواضر ثقافية واجتماعية واقتصادية كبرى، ويحفّز الكثيرين من المواطنين الصينيين في المناطق المكتظة للتوجه صوبها والمساهمة في تطويرها ومدّها باليد العاملة الذكية والمدرّبة، وهذا يخلق ديناميّة تنموية هائلة تعود بالفائدة على الصين كلها، وعلى الدول المجاورة أيضاً.

    من ناحية ثقافية، فإن تنمية هذه المناطق الغربية سيجعلها مجالاً للتلاقح الفكري والثقافي بين المسلمين في هذه المناطق وإخوانهم في الدول الأخرى القريبة من ناحية، وبين الشعوب الصينية الأخرى في الشرق، وهذا عنصر غنى ثقافي وحضاري يستعيد أمجاد التلاقح الفكري والثقافي الذي كانت تلك المنطقة مهده على مدى التاريخ، والذي كان له نتائج كبرى على صعيد العلاقات الثقافية الإسلامية الصينية.

    بالمقابل، فإن انفتاحاً من هذا النوع قد يكون له محاذير لا بدّ من التوقف عندها، وعلى رأسها يقف القلق الأمني، حيث سيؤدي هذا الانسياب في الانتقال والتلاقي إلى إفساح الطريق أمام منتهزي الفرص من مثيري الشغب والباحثين عن المتاعب للقيام بأعمال لا تمتّ إلى مصالح الشعوب الصينية والعربية والإسلامية بصلة، وهذا ما يجب العمل على تفاديه من خلال مراقبة دقيقة ومستمرة للعناصر المشبوهة والمثيرة للمشاكل من مختلف القوميات والأجناس والإيديولوجيات، وعلى رأسها عناصر المخابرات الأجنبية التابعة لدول لا تريد الخير لشعوب المنطقة وترغب في إفشال عملية نموها وتطورها.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • العرب والصين: هذه هي مجالات التعاون من خلال مبادرة الحزام والطريق

    العرب والصين: هذه هي مجالات التعاون من خلال مبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-china-arabs

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    هناك من يرى أن الصين لا تحتاج من العرب إلا الطاقة، وهذا الكلام ليس دقيقاً وإن كان فيه نسبة لا بأس بها من الصحة.

    فالعرب ليس لديهم، بسبب الظروف التي يعيشون فيها، الكثير ليقدموه للصين غير الطاقة. ولكن الطاقة بحدّ ذاتها أمر مهم جداً للصين، وعامل مؤثر جداً في مسيرة نموها وازدهارها، إضافة إلى عامل التكنولوجيا المتطورة (high Technology) الذي تبحث عنه الصين في أي مكان في العالم.

    بالرغم من كل التغييرات التي يشهدها العالم، ستبقى الدول العربية المصدر الرئيسي للطاقة على مستوى العالم، وبالنسبة للصين أيضاً، ولذلك فإن مجالات التعاون في هذا الإطار هي مجالات واسعة جداً ولها آفاق مستقبلية بلا حدود، سواء على مستوى النفط أو على مستوى الغاز الذي يشكل الطاقة المستقبلية التي ستحلّ محل البترول في العقود المقبلة.

    ولا يؤثر الانخفاض الظرفي في سعر النفط على هذا التعاون، لأن الاعتماد الصيني على النفط العربي قد يزيد بسبب انخفاض أسعاره، ما يحفّز على إيجاد سبل أكثر سلاسة لإيصال النفط العربي إلى الصين، وهذا ما ستقوم مبادرة “الحزام والطريق” في تأمينه.

    من جانب آخر، لا يجب أن ننسى أن العرب أمة مستهلكة، وفي أكثر من مكان هم أمة غنية، تملك الكثير من الأموال، ولذلك هم يشكلون سوقاً استهلاكية هامة جداً للمنتجات الصينية. وتسهيل عملية التواصل بين الأمتين العربية والصينية من خلال مبادرة “الحزام والطريق” سيفتح آفاقاً واسعة أمام المنتجات الصينية في العالم العربي.

    هناك الكثير من المجالات التي يمكن إطلاق التعاون فيها بين العرب والصين، فضلاً عن تعزيز التعاون في المجالات الموجودة أصلاً كالطاقة وغيرها. ويمكن هنا التذكير بالتعاون الكبير القائم بين الصين والسودان على المستوى الزراعي، ويمكن تعميم هذه التجربة على الدول العربية الأخرى.

    إضافة إلى ذلك، فالدول العربية بمجملها هي دول ناهضة، وهي تحتاج إلى تعزيز عملية التطوير في الكثير من المجالات، سواء على مستوى الصناعة أو التكنولوجيا أو غيرها. والصين بات لديها القدرة على نقل هذه التجربة إلى الدول العربية، من خلال بناء المصانع الكبرى لتشغيل آلاف العاطلين عن العمل، واستثمار المساحات الشاسعة من الأراضي في عمليات استصلاح تؤدي إلى تحويلها إلى أراضي زراعية خصبة.

    وهناك موضوع النقل، فالأراضي العربية واسعة، وما تزال وسائل النقل فيها قاصرة عن المستوى المطلوب في المجالات البريّة والبحرية والجويّة. والصين لديها تجربة مهمة في بناء الطرق والسكك الحديدية، وحتى في بناء وتطوير المرافئ والمطارات، بتقنية ممتازة وبأسعار أقل بكثير مما تعرضه الدول الكبرى الأخرى.

    كل هذه المجالات قابلة لأن تؤمن فرصاً للتعاون الواسع بين الصين والدول العربية.

    إن مشروعاً ضخماً ورؤيوياً كمشروع الحزام والطريق له إيجابيات كبرى على العلاقات بين الأمتين العربية والصينية، ولكن هذا لا ينفي وجود بعض التحديات التي يفرضها قيام هذا المشروع.

    وعلى رأس هذه التحديات تأتي التحديات الأمنية، لأن مشروع فتح الحدود وتعزيز العلاقات وفسح الفرص لتحقيق التعارف والتمازج بين شعوب الدول القائمة على طول الحزام والطريق قد يشكل فرصة لبعض الأطراف لاستخدام هذه التسهيلات في تشكيل نوع من التهديد الأمني، سواء داخل الصين أو في الدول الأخرى المنضمة إلى هذه المبادرة.

    وهناك تحدّ أساسي آخر، وهو تحدي الحفاظ على الحد الأدنى من التنسيق السياسي بين الدول المنضوية في إطار مبادرة الحزام والطريق، لأن أي خلاف سياسي بين دولتين موجودتين على خط الحزام والطريق سيؤدي إلى حصول عرقلة في تدفق المواد والموارد والأشخاص بين مختلف الدول الأخرى.

    من هنا فإن مبادرة الحزام والطريق يجب أن تكون فرصة لإيجاد روابط سياسية متينة بين الدول المعنية، تنبثق عنها روابط أمنية تمنع أي استغلال لهذه المبادرة من أجل تحقيق مشاريع مشبوهة تضر بهذه الدول.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين