التصنيف: خاص

  • التقارب الإسلامي الصيني مفتاح إعادة إحياء طريق الحرير (ح 3)

    التقارب الإسلامي الصيني مفتاح إعادة إحياء طريق الحرير (ح 3)

    اتجهت أنظار العالم يومي 14 و15 أيار/ مايو الجاري إلى العاصمة الصينية بكين، لمتابعة افتتاح منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي بحضور حوالي 1200 مشارك من بينهم 29 رئيس دولة، وأكثر من 100 وزير، و 50 أمين عام ورئيس منظمة دولية، بالإضافة إلى حوالي4000 صحفي. لكن ما هي مبادرة الحزام والطريق؟

    مبادرة الحزام والطريق

    مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن ال21 المعروفة اختصارا با “مبادرة الحزام والطريق”، هي مبادرة أعلن عنها الرئيس الصيني الحالي السيد شي جين بينغ خلال كلمة له ألقاها في جامعة نزارباييف بكازاخستان في 7 من سبتمبر 2013 م.
    وتتلخص فكرة مبادرة القرن هذه بإحياء طريق الحرير القديم البري والبحري عبر ربط آسيا، وأوروبا، وإفريقيا: برياً عن طريق شبكات السكك الحديدية فائقة السرعة، والطرق السريعة، وبحريا عن طريق إنشاء الموانئ على طول سواحل الدول الواقعة على الممرات البحرية القديمة والحديثة، وجويا عن طريق إنشاء المطارات، وطاقويا عن طريق شبكات الطاقة الكهربائية، وخطوط أنابيب نقل البترول والغاز العابرة للقرات، ومعلوماتيا عن طريق ربط شبكات الاتصالات، وثقافيا عبر الفعاليات والنشاطات الثقافية، والبحثية لمئات الجامعات والباحثين، بالإضافة إلى إنشاء مناطق التجارة الحرة، وتطويرالتجارة الإلكترونية العابرة للحدود، واستحداث ستة ممرات اقتصادية، والتي نذكر منها ممر الصين – باكستان الاقتصادي الذي تصل تكلفة إنشائه إلى حوالي 45 مليار دولار، وهو ممر يربط الصين مباشرة بعينها على العرب “ميناء جوادر الباكستاني”.

    ومن أجل تحقيق أهداف مبادرة القرن هذه تم حتى الآن إنشاء سبع مؤسسات مالية للتمويل، والاستثمار على رأسها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية برأس مال يصل إلى 100 مليار دولار، ويضم حتى الآن 57 دولة مساهمة، وصندوق طريق الحرير برأس مال 40 مليار دولار وغيرهما، ومن المتوقع أن يبلغ حجم الاستثمارات عند اكتمال مشاريع المبادرة حوالي 4 تريليون دولار.
    وينظم هذا التعاون العالمي الجديد إطار تشاوري، تشاركي، منفعي، يرتكز على خمسة أولويات : التنسيق السياسي، وربط البنى التحتية، وفتح القنوات التجارية، وتدفق التمويلات، والتواصل بين الشعوب؛ مما سيضمن ويعزز تعميق التبادلات الاقتصادية، والتجارية، والسياسية، والثقافية وحتى الأمنية بين أكثر من 65 دولة حول العالم التي تقع على طول خط الطريق الحرير بحجم سكاني يقدر بحوالي 4.4 مليار نسمة أي ما يعادل 63% من سكان العال، وحجم اقتصاد يمثل 29% من الاقتصاد العالمي، وقد أعلنت الحكومة الصينية مؤخرا عن أن أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية انضمت فعليا للمبادرة.

    أهمية البلدان الإسلامية على الطريق

    لعبت حواضر العالم الإسلامي دورا محوريا في التجارة عبر طريق الحرير القديم البري والبحري نظرا لموقعها الجغرافي، وخاصة المنطقة العربية التي كانت جسرا حضاريا بين آسيا، وأوروبا ، و إفريقيا.
    و من بين 65 بلداً التي تقع على طول نطاق طريق الحرير نجد 25 بلدا مسلما، منضويا تحت سقف منظمة التعاون الإسلامي، بل وحتى إقليم شينجيانغ الصيني الذي هو بوابة طريق الحرير على العالم ذي أغلبية مسلمة، وهذا ما يجعل من طريق الحرير طريق إسلامي صرف.
    طريق يربط مدينة بخارى، وسمرقند بطهران، وبغداد، وأنقرة، ودمشق، والقاهرة، وعدن.
    طريق قد يعيد مركز التجارة العالمية إلى الشرق بعد ما اختطفه القراصنة الأوربيون لأكثر من ستة قرون، ويعيد بذلك للبلدان الإسلامية وظيفتها الحضارية كمنطقة يتم عبرها التبادل الثقافي، والحضاري، والاقتصادي، وحتى الأمني بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى كونها إحدى الأسواق الكبيرة للبضائع الصينية، وتتجلى أهمية البلدان الإسلامية في كونها المنطقة المحورية الجامعة بين الشرق، والغرب، والمستهدفة في نفس الوقت وتتقاطع المبادرة الصينية مع العديد من الاستراتيجيات (رؤية السعودية 2030، خطة الكويت الجديدة 2035، قطر تستحق الأفضل) للدول الإسلامية خاصة دول الخليج التي تملك مؤسسات تمويلية مهمة، وهذا ربما ما حدا بالرئيس الصيني إلى حث الدول العربية على اغتنام فرصة ركوب قطار التنمية الصيني قبل فوات الأوان، وذلك خلال خطابه التاريخي الذي ألقاه في مقر جامعة الدول العربية في يناير 2016م، حيث قال:
    “ 我们要抓住未来5年的关键时期共建“一带一路”,确立和平、创新、引领、治理、交融的行动理念,做中东和平的建设者、中东发展的推动者、中东工业化的助推者、中东稳定的支持者、中东民心交融的合作伙伴。“
    “علينا أن نغتنم مرحلة الخمس سنوات القادمة الحاسمة لنبني معا “مبادرة الحزام والطريق ” ونحدد مفهوما للعمل على أساس إحلال السلام، والابتكار، والريادة، والحكامة، والاندماج، ونكون بناةً للسلام في الشرق الأوسط، ودافعين لتنميته، ومساهمين في تحوله الصناعي، وداعمين لاستقراره، وشركاء في إندماج شعوبه”
    الصين اليوم، بثقافتها، وحضارتها، وتاريخها تقدم نسختها للعولمة، نسخة تختلف عن النسخة الغربية، وتتلاقى في نقاط كثيرة مع المفهوم الإسلامي للعولمة؛ مما قد يمهد الطريق لتقارب إسلامي صيني، الذي نعتقد أنه مفتاح إعادة إحياء طريق الحرير، وطريق السلام.
    السلام الذي تتعطش إليه شعوب المنطقة، و يمنح الفرصة مرة ثانية لطريق الحرير في توحيد المسلمين من فرس، وترك، وعرب، وغيرهم تحت راية التنمية، كما وحدهم قديما تحت راية الجهاد.

    المغرب العربي الغائب الأكبر

    على الرغم من أن سواحل شمال إفريقيا لم تكن ضمن نطاق مجرى طريق الحرير البحري القديم، إلى أن أهميتها الجيواستراتيجية نظرا لقربها من أوربا، وقربها من المنطقة البكر الخزان البشري القادم أفريقيا جنوب الصحراء جعل منها حلقة مهمة جدا في أي أستراتيجية ذات بعد عالمي.
    كما أن النطاق الجغرافي لمبادرة الحزام والطريق يعتبر نطاقا مفتوحا، وهذا ما يفسر دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ لنظيره الأمريكي دونالد ترامب للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، حيث سعت الصين إلى ربط عاصمتها بكين بأمريكا، وكندا عن طريق سكة حديد تربطها بمنطقة ألاسكا مرورا بروسيا.كما أنه هناك العديد من دول العالم التي تعتبر خارج نطاق الجغرافي القديم للطريق أبدت استعدادها للانضمام إلى المبادرة.
    لكن حتى الآن تعتبر دول المغرب العربي الغائب الأكبر، رغم حاجتها الماسة إلى الاستثمارات الخارجية لدعم استراتيجياتها التنموية المحلية كمنطقة انواذيبو الحرة في موريتانيا، ومخطط المغرب الأخضر في المغرب.
    والأهم من هذا أن الانضمام لهذه المبادرة قد يكون نقطة تحول في موقف الصين تجاه قضية الصحراء؛ مما يخدم الحل السلمي لهذه القضية .
    فإنشاء مشاريع البنية التحتية التي تربط شمال إفريقيا بغربها لابد أن تمر حتما بالمناطق الواقعة تحت سيطرة جمهورية الصحراء الغربية، وقد يشكل إحياء طريق القوافل عبر الصحراء عن طريق تشجيع الاستثمارات الأجنبية في مجال البنية التحتية، والمرافق العامة على شكل مشاريع (BOT و PPP) تحويل المنطقة كلها بما فيها المناطق الصحراوية إلى منطقة صناعية، ومنطقة تخزين، وعبور، و إعادة تصدير المنتجات ليس فقط إلى دول منطقة الايكواس التي مؤخرا سعت كل من المغرب وموريتانيا إلى تعزيز علاقتهما الاقتصادية والتجارية معها، بل وحتى إلى القارتين الأوربية، والأمريكية؛ مما سيعود بالنفع على كل الأطراف المباشرين، وغير المباشرين المعنيين بالنزاع في المنطقة، النزاع الذي يعيق تحقيق حلم الشعوب المغاربية في الاتحاد.
    إن إحياء طريق القوافل عبر الصحراء قد يخلق ظروفا جيوسياسية جديدة في المنطقة قد تكون المفتاح لحلحلة مشكلة الصحراء، فقد يصلح الاقتصاد ما افسد التاريخ، وعجزت السياسية، والحرب عن إصلاحه.

    لقد علـمنا التاريخ قديمه، وحديثه بأن صراع الدول العظمى يخلق فرصا استراتيجية لا تتكرر، فعلى سبيل المثال لا للحصر، كانت حرب الكوريتين، والحرب الباردة السبب المباشر في نقل الصناعات الثقيلة من الاتحاد سوفيتي إلى الصين، ونقل صناعات التكنولوجيا المتطورة من أمريكا إلى كوريا الجنوبية وحتى إعادة إعمار اليابان وألمانيا. فهل سنغتنم هذه الفرصة أم أنه لا حياة لمن تنادي.
    د. يربان الحسين الخراشي

    Dr. Yarbane El Houssein El Karachi

    Jilin University – China

    Department of Exploration and Drilling Engineering

    E-mail: yarbalanacn@yahoo.com

    yarbanacn@163.com

  • الحزام والطريق .. مشروع وطن لنهضة أمم

    الحزام والطريق .. مشروع وطن لنهضة أمم

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعين عربية ـ
    أ.م. أحمد نصار*
    أطلقت الصين بقيادة رئيسها السيد “شي جي بينغ” مبادرة تعد من أضخم مبادرات العصر وأكثرها وطموحاً، حيث تعيد الصين من خلال مبادرة “الحزام والطريق” إحياء طريق الحرير التاريخي، والذي من شأنه النهوض إقتصادياً وسياسياً وثقافياً بدول المنطقة بأكملها، وخاصة الدول التي يمر من خلالها طريق الحرير.
    ويتبين من خلال خطاب الرئيس الصيني “شي جي بينغ” الذي ألقاه في حفل افتتاح منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي منتصف الشهر الفائت، ذلك الخطاب الذي جاء في 6000 كلمة صينية، يتبين من خلاله أن الصين عازمة على أن تضع نفسها في صدارة دول العالم الاقتصادية، وأن تمسك بزمام المبادرة الدولية لإحياء التجارة العالمية، حيث أكد الرئيس الصيني على روح السلام والتعاون والانفتاح والشمولية والتعلم، والتأكيد على أهداف المرحلة القادمة من بناء الحزام والطريق، كطريق للسلام والازدهار والابتكار والحضارة، والتركيز على الدول الآسيوية والأوروبية والإفريقية، والانفتاح في نفس الوقت على دول العالم الأخرى.
    ولا شك أن الصين من خلال مبادرتها البناءة سوف تقوم بتقوية علاقاتها مع دول المنطقة، وسيكون لفلسطين وقضيتها المركزية نصيب من الدور الصيني الرائد في حل مشاكل الشرق الأوسط، حيث وصف أمين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم مبادرة الحزام والطريق بأنها “مبادرة مبدعة وخلاقة ورائدة، تقوم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح دون استنزاف ثروات الشعوب”. وقال عبد الرحيم أن “سياسة الصين الحكيمة في مبادرتها ليست استراتيجية لتصدير القدرة الإنتاجية الصينية فحسب، بل إقامة علاقات متكافئة على أساس سلمي يكون الجميع مستفيداً منها” ، وأضاف “نحن كشعب فلسطيني وجدنا الصين كصديقة تقف إلى جانب الحق والعدل، ولها مواقف في ذلك في الأمم المتحدة واليونسكو.
    وقد شاركت فلسطين في منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الذي انعقد في بكين يومي الأحد والاثنين 14 و 15 من مايو المنصرم، وعقدت خلال تلك الفترة العديد من الندوات واللقاءات برعاية السفارة الفلسطينية في بكين للحديث عن أهمية المبادرة، كان من أبرزها الندوة التي عقدت في بكين في العشرين من إبريل عام 2017 بحضور العديد من الدبلوماسيين والخبراء.
    وبالحديث عن أهمية الحزام والطريق بالنسبة لفلسطين، فإن هناك فرصاً عديدة للاستثمار الصيني في فلسطين في المجالات الزراعية والصناعية والخدماتية، حيث يعد وجود الغاز بكميات وافرة امام ساحل قطاع غزة على البحر المتوسط ثروة يمكن التعاون مع الصين في مجالات تنقيبها والاستفادة منها، وكذاك إنتاج الطاقة الشمسية حيث بدأ الجانب الصيني في دراسة تنفيذ مشروع للألواح الشمسية في فلسطين، ناهيك عن التبادل التجاري بين الصين وفلسطين والذي يمكن انعاشه بدرجة كبيرة من خلال استخدام فلسطين كممر رئيسي واصل بين القارات الثلاثة الآسيوية والإفريقية والأوروبية.

    *الاستاذ الدكتور أحمد نصار: كاتب ومستثمر ومتخصص بشؤون الصين مع فلسطين و “اسرائيل” وصاحب أطروحة علمية في هذا المجال، وعضو ناشط في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين في قطاع غزة – فلسطين.

  • التقارب الإسلامي الصيني مفتاح إعادة إحياء طريق الحرير (ح 2)

    التقارب الإسلامي الصيني مفتاح إعادة إحياء طريق الحرير (ح 2)

    موقع مبادرة الحزام الطريق بعيون عربية ـ
    د. يربان الحسين الخراشي(موريتانيا)*:

    بعد معركة نهر طلاس (نهر يقع في قرغيزستان  حاليا) التي غيرت مجرى تاريخ العالم سنة 751 م، وكان النصر فيها حليف الخلافة العباسية، والتي ذكرنا في مقالنا السابق أنها  كانت السبب المباشر في بداية القلاقل التي أدت إلى أفول نجم أمبراطورية تانغ؛ مما أدى إلى انحسار كبير لدور طريق الحرير البري في التجارة العالمية آنذاك.
    هذا الانحسار استمر حتى سيطرة المغول على نصف الكرة الأرضية تقريبا خلال القرن الثالث عشر، حيث عادت الحياة إلى طريق الحرير من جديد لكنها كانت قد بدأت تفقد مكانتها لصالح طريق الحرير البحري الذي كان قد بدأ يزدهر.

    وطريق الحرير البحري هو طريق بحري يربط السواحل الجنوبية الشرقية للصين بشرق أفريقيا، وأوروبا مرورا ببحر الصين الجنوبي، والمحيط الهندي، والبحر الأحمر.
    وقد بلغت التجارة عبر هذا الطريق البحري أوج ازدهارها خلال فترة مملكة مينغ الصينية (1368 -1644) خاصة خلال الفترة ما بين (1405- 1433) المصاحبة للرحلات السبعة للبحار المسلم الصيني تشنغ خه (Zheng He) التي قادته إلى جل الدول الإسلامية  اندونيسيا، إيران، العراق، اليمن، السعودية، مصر، الصومال، وهذا ما مكن الصين  في تلك الحقبة من السيطرة على حوالي ثلثي التجارة العالمية عبر البحار.

    ومع مطلع القرن الرابع عشر وبعد تأسيس الخلافة العثمانية، وقيام الامبراطوريات الأوربية الاحتلالية التوسعية  ابتداء بالبرتغاليين الذين أستخدموا الطرق الحديثة في الملاحة، والخرائط، وانتهاء بالبريطانيين عاش العالم ستة قرون تحت سيطرة بحرية للأوربيين تم خلالها  تراجع التجارة عبر الطرق القارية  تدريجيا لصالح التجارة عبر البحار،وتم تحويل  مركز التجارة العالمية من الشرق إلى الغرب؛  مما أدى إلا أفول حضارات وبزوغ أخرى.  وخلال القرن التاسع عشر وبالتحديد سنة 1877  تسمت “طريق الحرير” باسمها هذا على يد العالم الجغرافي الألماني فرديناند فون ريشتهوفن  ( Ferdinand von Richthofen) الذي كانت بلاده تسعى إلى إنشاء سكة حديد تربط إقليم شاندونغ  (Shandong) الصيني بها مروا بدول آسيا الوسطى، وذلك بعد ما ضيقت بريطانيا العظمى الخناق عليها في ظل التنافس الحاد بينهما على الموارد والأسواق العالمية.

    ومع مطلع القرن العشرين بدأ نجم الولايات المتحدة الأمريكية في البزوغ خاصة بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية باقتصاد الوحيد السليم عالميا.
    وقد استخدمت حاملات الطائرات وأكثر من 1000 قاعدة عسكرية حول العالم  مدعومة بنظام  مالي عالمي يجعل كل البلدان  بل كل فرد على كوكب الأرض يستخدم الدولار يعتبر مشاركا بصفة مباشرة أو غير مباشرة في تحمل الإنفاق على هذه القواعد؛ مما مكنها من  بسط سيطرتها ونفوذها على ممرات التجارة البحرية التي عبرها يتم نقل حوالي 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية.

    اليوم وبعد مرور أكثر من 2000 سنة على أول استراتيجية عسكرية صينية  بالانفتاح على الغرب عبر طريق الحرير لإنقاذ مملكة هان الغربية (206 ق م- 25 م) من هجمات قبائل الهون، ها هي مملكة هان القرن 21 تتشبث بطريق الحرير مرة أخرى وكأن التاريخ يعيد نفسه، حيث تعلق الصين أمالا كبيرة على هذه المبادرة التي تسعى من ورائها إلى تحقيق أهداف إستراتيجية كثيرة نذكر منها:

    (1):- إنقاذ الصين من الكماشة الأمريكية التي بدأت تضيق الخناق عليها خاصة بعد تقوية أمريكا لعلاقاتها مع دول منطقة المواجهة الجيوسياسية معها  كأستراليا، اليابان، الفيتنام، ماليزيا، بروناي، بنغلاديش، كوريا الجنوبية وإندونيسيا وغيرهم؛ مما مكن أمريكا من إحكام سيطرتها على الممرات البحرية  المؤدية إلى الصين، خاصة مضيق ملقا الذي يفصل بين ماليزيا وإندونيسيا، والذي تمر منه  حوالي %75 من واردات الصين النفطية، و حوالي 23% من وارداتها الغازية.

    (2):-  إخراج الاقتصاد الصيني من تباطئه، حيث أنه اليوم وبعد حوالي 40 سنة من تنفيذ سياسية الانفتاح أصبحت عرباته الثلاثة الرئيسة ( التصدير،الاستثمار الداخلي ،الاستهلاك الداخلي) تقترب من محطتها النهائية  مخلفة ورائها حجما هائلا للاحتياطي لديها من العملات الأجنبية على رأسها الدولار، وفائض في الإنتاج أدى إلى تخمة في المعروض طالت جميع أنواع الصناعة الصينية، من الصلب والحديد، الأسمنت، المعدات، إلى الأجهزة المنزلية؛ وهذا ما جعل الصين تعلق أمالا كبيرة على هذه المبادرة في التخلص من الفائض في الإنتاج لديها من المواد، و التخلص أيضا من الفائض الاحتياطي الضخم من العملة الصعبة عن طريق استثمارات خارجية في الدول نطاق الطريق،  وذلك عن طريق خلق أسواق جديد، والرفع من القوة الشرائية لساكنة هذه الدول  بدل خسارته في حروب العملات مع أمريكا .نذكر أن الصين باعت خلال 4 سنوات الأخيرة فقط حوالي واحد تريليون دولار من احتياطياتها من العملة الأجنبية للحفاظ على استقرار صرف عملتها.

    (3): – الهدف الثالث  الرئيسي الغير معلن لهذه المبادرة، والأهم حسب اعتقادي هو تحويل شرعية النظام السياسي الشيوعي الحاكم من الاعتماد على الأيديولوجيا التي فقدت بريقها إلى الاعتماد على النمو الاقتصادي السريع.
    فليس هناك شرعية لنظام الحكم الصيني أعظم من تحقيق حلم أكثر من 50 % من سكان الصين البالغ عددهم 1.37 مليار نسمة  في التمدن، والحياة الكريمة، وتمكين الأمة الصينية من استعادة مكانتها الريادية بين الأمم.

    لكن ماهي هذه المبادرة السحرية  التي قد تحقق شرعية جديدة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم؟ وتمكن الصين من الإفلات من الكماشة الأمريكية؟  وتحل مشاكل إعادة هيكلة اقتصادها ؟  وتتيح فرصة للبلدان الإسلامية لركوب قطار التنمية الصيني فائق السرعة؟

    يتواصل إن شاء الله

    *

    Dr. Yarbane El Houssein El Karachi

    Jilin University – China

    Department of Exploration and Drilling Engineering

    E-mail:  yarbalanacn@yahoo.com

    yarbanacn@163.com

  • المُبادرة الصّينية: وُجهة نَظر يَمنية

    المُبادرة الصّينية: وُجهة نَظر يَمنية

     
    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    م. ناصر فريد ظيفير*:
    في العام 2013 م، أطلق فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية، “شي جين بينغ”، مبادرة القرن الـ21 الموسومة بـ”الحزام والطريق”. هذه المبادرة الصينية القيّمة تسعى الى خلق عالم متناغم ويسوده التعاون والتشارك والتفاهم، من خلال إحياء الإرث الحضاري والانساني لمختلف الشعوب والقوميات بعامة، ولتُسهم بفعالية أشمل وأعمق في جهود التواصل بين الشعوب، عَبر التبادلات الحضارية والاقتصادية، ويُحسب للصين ولقيادتها الحكيمة بَعث هذا الأمل في البشرية، من خلال تحقيق هذا الحُلم بأدوات مُعَاصِرة لتسهم في الإسراع بدعم هذه المبادرة والارتقاء بها.

    في عصرنا، حل القطار محل الجِمال ، والانترنت والاتصالات الحديثة قد اوصلت وسهّلت تبادل المعلومة، بدلاً عن الحَمام الزاجل والخيول وعرباتها ، والطيران وغيره من الوسائل المتطورة مهّدت لأن تلتقي الشعوب، وبذلك “ينتقل الحرير” الذي هو رمز لانتقال المنفعة والفائدة، الى صرح جديد تشارك فيه الشعوب للإفادة من بعضها البعض ، وها هي الصين تضرب من خلال مبادرة الحزام والطريق أروع الامثلة ووضع الافكار القابلة للتنفيذ، في مسعى منها لمد يد المساعدة للدول النامية وللتعاون مع الدول المتقدمة، دون احتكار أو هيمنة، إدراكا منها ان جميع الشعوب تعيش على كوكب واحد، ومن الطبيعي والحالة هذه، ان تكون مصالحها الحيوية واحدة، وإن عانى شعب منها ستعاني جميع الشعوب .
    وفي هذا الصدد، وللدلالة على عِظم “المبادرة”، تبيّن ان عدد الدول التي سيشملها الحزام والطريق حوالي 60 دولة، موزعة على ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا . لذا يمكننا التأكيد، أن اطلاق مثل هذه مبادرة يمثل روح العطاء والانسانية التي وصل اليها العقل الصيني ، بإدراكه ان لا تطور يدوم ولا رفاه لأي بقعة في الارض ومحيطها يعاني من الفقر وتدني الخدمات والتواصل الثقافي والاجتماعي.
    ان مبادرة الصين بخلق تعاون وتنمية وترابط اكبر مع مختلف الدول التي تقع على “الحزام والطريق، هي اعلان صريح عن ان زمن الهيمنة وشعارات الانظمة والدول المستبدة قد اصبحت في موقع تقهقر ، وما صعود نجم هذه المبادرة إلاّ بمثابة تعرية للسياسات الاستعمارية التي ظلت ما يُسمّى بالدول الكبرى، تمارسها على الشعوب ومن خلال اكذوبة المعونات والمساعدات التي ومنذ عشرات السنين لم تؤتي ثمارها، إنما بقيت الدول الفقيرة والنامية تعاني من استعمار هذه الانظمة حتى بعد استقلالها منذ منتصف القرن الماضي .
    وبالعودة الى مبادرة الحزام والطريق التي اعلن عنها الرئيس شين جين بينغ، فقد تم تخصيص 100 مليار يوان إضافية (14.5 مليار دولار) للصندوق الخاص بها ، و380 مليار يوان قروضاً من بنكين كبيرين، و60 مليار يوان مساعدات للدول النامية، والمؤسسات الدولية في دول طريق الحرير الجديد. إضف الى ذلك، وعد الرئيس “شي” بتشجيع المؤسسات المالية الصينية بتقديم مئات المليارات من اليونات لمشاريع تخدم مبادرة الحزام والطريق، حيث سيتم استثمار هذه المبالغ في تشييد شبكات من السكك الحديدية وأنابيب نفط وغاز وخطوط طاقة كهربائية وإنترنت وبُنى تحتية بحرية، ما يُعزّز اتصال الصين بالقارة الأوروبية والإفريقية، وتعميق علاقة وروابط الصين مع محيطها الآسيوي ، وذلك عبر فتح ممرات برية واخرى بحرية تربط ما بين دول الحزام والطريق.
    ونحن في اليمن، نعوّل على ان يصيب بلادنا استثمارات من هذه المبادرة، وان يكون اليمن كما كان نقطة مهمة في طريق الحرير الدولي الجديد، حيث كانت مدينة عدن محطة من محطات البحار الصيني (زينغ خه ) في القرن الخامس عشر ، زد على ذلك، أن بعض المراجع التاريخية تذكر تلك الرحلات بتفصيل كما وتبادل الهدايا بين حاكم عدن انذاك و امبراطور الصين عَبر البحار الصيني الادميرال (زينغ خه)، وتنظر شعوب الدول الواقعة على طول الطريق والحزام الى هذه المبادرة بكل تقدير وفخار ، وتهيب بدولها للتفاعل الايجابي معها ذلك لاستجلابها الخير والتنمية للدول المرتبطة بالمبادرة كافة.

    * م. ناصر فريد ظيفير: عضو ناشط في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين في اليمن، ومُستمع دائم للقسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI.

  • “مبادرة الحزام والطريق”: استلهام مبدع لتاريخ حكيم

    “مبادرة الحزام والطريق”: استلهام مبدع لتاريخ حكيم

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    فخري سليمان* ـ القدس:

    تستلهم القيادة الصينية سياستها، من حكمة امتدت بجذورها عميقاً في تاريخ الشعب الصيني العظيم. ولم تكن ريادية سياسة الحزب الشيوعي الصيني غريبة، كما أنها لم تكن مفاجئة برياديتها الواعية لأنها امتداد لتارخ عريق من الخبرة والتجربة الغنية لشعب مناضل.
    ولأنها كذلك نراها قد تمكنت من استشراف إمكانيات بلورة مصالح مشتركة مترابطة لشعوب عدة شقت مسار طريق الحرير التاريخي فكانت مثالاً يحتذى لمن يريد تطوير واقعه والارتقاء بمستقبله. وزادت القيادة الصينية الحكيمة على ذلك بأن قدمت نموذجا فريداً وخلاقاً في استلهامها للتاريخ، بأن سارعت الى بلورة جملة من المنافع المتبادلة للشعوب التي سار في أراضيها طريق الحرير التاريخي، مما شجع تلك الشعوب على تلقف هذه المبادرة وإبداء الدعم والتأييد الواسع لها.
    انطلقت المبادرة الصينية المسماة “مبادرة الحزام والطريق” تمخر عباب الواقع نحو زمن قادم حيث تجد فيه شعوب المنطقة ما يستجيب لمصالحها و منفعتها. ولعل ما يشجعنا على متابعة الاهتمام بهذه المبادرة الخلاقة هو ماض من تاريخ وارث العالاقات العربية الصينية، الذي تأسس على ضوء فهم عميق واساس من الاحترام المتبادل للمصالح والمنافع المشتركة.
    وإذا اراد المتابع ان يتحرى الدقة والملموسية في تتبعه لتاريخ العلاقات العربية الصينية فلن يحتاج الى جهد كبير. لأن التاريخ ليس ببعيد عن التناول. ويكفي استحضار الموقف الصيني الشجاع والمبدإي من موضوع القضية الفلسطينية منذ بدايتها وحتى اللحظة. فقد امتاز الموقف الصيني عن باقي المواقف الاخرى لدول مختلفة بمبدإية شهد لها التاريخ.
    إن في الانحياز الصيني لصالح الحل العادل للقضية الفلسطينية المستند على قرارات الشرعية الدولية ما يشير الى جرأة ومبدإية تؤكدان على عظم وتنامي دور النهج العقلاني للسياسة الصينية على الصعيد العالمي. لذلك، ليس لدينا اية شكوك بصدق وإخلاص التوجه الحكيم لمن اطلق هذه المبادرة التي سيكون لها دور كبير في صالح شعوب المنطقة.
    القرار الذي اخذته القيادة الصينية “مبادرة الحزام والطريق” قد لا يعدو عن ان يكون مجرد نقرة صغيرة من عصا مايسترو موهوب على طبل ضخم. هذه الحركة الصغيرة ربما سيكون لها صدى واسعاً على صعيد العالم. وهي إن دلت على شيء فهي تدل على عمق الروابط واصالة العرى التي تربط قيادة الصين المعاصرة بتاريخها وحكمتها.
    وإذا كانت طريق الحرير بالبعد التاريخي قد رسمت آفاق العلاقات التي سادت لفترة من الزمن في الماضي، فإن “مبادرة الحزام والطريق” ستترك بصماتها ليس فقط على مدى اجيال معاصرة فحسب، أو أماكن محددة فقط، بل ستتجاوزها إلى ما هو ابعد من ذلك بكثير. وستعزز هذه المبادرة مكانة الصين على الصعيد الدولي من جهة وتقلص تفرّد الاحتكار الغربي الأميركي من ناحية ثانية. من هنا يصبح من الضروري ليس فقط إعلان التأييد لهذه المبادرة، بل المطلوب هو التمسك بها لأننا نتعرض للخنق بسبب سياسات الغرب وتحديدا من السياسة الأميركية.
    مبادرة الحزام والطريق اثارت عاصفة واسعة من التأييد والترحيب ليس فقط، على المستوى الاقليمي، وإنما تجاوزته الى الامدى الدولي. و يعود ذلك إلى أنها ستثمر مزيدا من المنافع للعديد من الدول. وإذا كانت الشعوب قد اعتادت على نمطية استثمارية معينة تستند على تقديم مواردها للمستثمر المستعمرمقابل بعض الفتات الذي يمكن ان تحصل عليه، فإنها وجدت في “مبادرة الحزام والطريق” شكلاً جديداً من المنافع لا يضطرها إلى خسارة مواردها الطبيعية كالسابق بل واكثر من ذلك وهو تنمية تلك الموارد لفائدة الاجيال القدمة.
    وها هي ملامح المستقبل المشرق قد بدأت بالظهور إلى العلن كي تبرهن للمتشككين بأهمية وضرورة احتضان هذه المبادرة العظيمة. ففي باكستان مثلا جرى تدشين وبناء محطة كهربائية ضخمة تستطيع تقديم احتياجات واسعة من السكان هناك؟ وفي غينيا بإفرقيا كذلك تم بناء مثيل لها. كما وسيجري بناء السدود التي يمكنها تأمين الطاقة الكهربائية لمدن كانت تفتقر للإنارة في مناطق مختلفة ومتعددة. كل هذا يجري كمقدمات ضرورية كي تشق مبادرة الحزام والطريق دربها.

     

    * صديق للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدقاء وحُلفاء الصين ـ القدس

  • “المبادرة”.. أُخوّة تاريخية فلسطينية صينية

    “المبادرة”.. أُخوّة تاريخية فلسطينية صينية

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    علي مشعل*:
    أن نتحدث عن فلسطين والصين – شؤون وشجون. لكن مقالتنا هذه لن تتطرق الى تاريخ البلدين، لأن ذلك يتوسّل دراسات كبيرة، وإسهاب يَشمل الكون بإتّساعه، ذلك أن علاقاتنا الفلسطينية – الصينية مُتشعِّبة، عَميقة، تاريخية ومُعَاصِرة، كفاحية ونضالية وإنسانية، مُنتجة ومُتألقة في كل مَحطَّاتها، كتألق القدس وبيت لحم وبكين وشنغهاي في تاريخي البلدين.
    من الضروري الإشارة هنا، الى ان الصين قدّمت لشعبنا الفلسطيني الكثير من المساهمات والمساعدات، وكانت الصين وما تزال تؤكد هذا الدعم على أرض الواقع، وفي مطالبتها بحل مشروع للقضية الفلسطينية وتحقيق حقوق شعبنا, وبرغم أن التواصل في عدة حقول ليس على المستوى المطلوب بين فلسطين والصين بسبب الاحتلال، وعرقلته تنمية العلاقات بين فلسطين والصين، إلا أننا سنبقى نعمل من أجل تحقيق مستوى رفيع في هذه العلاقات، فشعبنا يَحترم الصين ويَحبها، ولا يوجد أية عراقيل فلسطينية لتحقيق نجاحات وإفادة ووفر واسع في علاقاتنا مع الدولة والشعب الصينيين.
    لكن حديثنا يَقتصر هنا على “مبادرة الحزام والطريق” العظيمة، التي تحدث عنها الرفيق شي جين بيغ بإسهاب، أمام المؤتمرين في منتدى بذات الإسم في بكين، استمر يومين، وتمثل فيه مُمثِّلون عن عشرات الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي بيدها قرار التعاون مع الصين وإنجاحه والتقدم بمشاريع ومبادرات في “نفس الخط”.
    فخامة الرئيس “شي” تحدّث للحضور في مؤتمر المنتدى بانفتاحية ومُبَاشرة، كما أن الحضور تحدثوا معه بنفس هذه الروحية، ذلك أنها الطراز الأصيل في العلاقات الدولية. وجرى الحديث في المنتدى وكنت شاهداً على ذلك، عن “الفوز المشترك للجميع”، وبأن المبادرة ليست حِكراً على الصين وليست لها وحدها، بل هي “لجميع الامم والدول والشعوب” التي تريد نفع ذواتها ضمن النفع العالمي، ذلك أن “الحزام البري والطريق البحري” لا يُفضِّلان دولة أو شعب على دولة أو شعب آخر، فالجميع مشاركون على المستوى التفاعلي ذاته، ومَن يَبذل أكثر، يُحقق أكثر.. ومَن يريد المشاركة، ليعمل، ولينتج، و.. ليَحصُد ما وسِعَهُ “الحصد” الى ذلك سبيلاً.
    في المبادرة، وفي منتدى بكين، تفهّم الحضور بعُمق أكبر، موقف الصين، التي لا ترى سيطرة على محطات وسبيل “الحزام والطريق”، لذلك هي تتقبّل مختلف المبادرات والمشاريع من الشركاء الاجانب، والتي من شأنها أن تعمل على ازدهار ونفع المشاركين أجمعين، وبرغم التمويل الصيني الكبير للمشاريع والذي لا يضاهيه تمويل أخر في الكون، والاسباب مفهومة وأولها هي الميزانية الصينية المُكتنزةً، لكن على المشاركين أيضاً تمويل تلك المشاريع والمبادرات من جانبهم، والمشاركة أيضاً بجهودهم وأموالهم لأجل أن يكون مُرادهم قيد الإنجاز ولصالحهم، وفي سبيل ان يكون الاهتمام بالمبادرات ذات العلاقة على مستوى لائق، ويتم المحافظة عليه وتنميته بأحداق عيون جميع ذوي العلاقة وأصحاب الشأن.
    من شأن التعاون الاقتصادي الفلسطيني الفعّال مع الصين، إنقاذ الشعب الفلسطيني من عثراته الحالية التي يُولِّدُها الاحتلال الجاثم على صدور أبناء شعب فلسطين، ذلك أن بمقدروه تأسيس صناعات حقيقية ضمانة لإرساء وتأكيد قاعدة حقيقية للبُنية التحتية للمجتمع الفلسطيني وإنهاض الصناعات، وفتح الأسواق بالاتجاهين، وتقديم الصين المزيد من المِنح التدريبية للكوادر الفلسطينية، ضمن مساهماتها للدول الكبيرة في هذا المجال الثالثية، يضمن تصليب دعائم الدولة الفلسطينية.
    وفي مجال أخر، أعتقد أن السياحة هي مجال إنساني مهم لتنمية العلاقات الفلسطينية الصينية بتسارع، ولتَقدّم البُنية التحتية والسياحية والفندقية الفلسطينية، ونتطلع الى إقامة جامعات فلسطينية في الضفة الغربية، ومركز ثقافي صيني، ومراكز صينية لتدريس اللغة الصينية، ومتاجر صينية ضخمة على طراز “التنين” الصيني، المُنتشرة في عدد من دول العالم، وغير ذلك الكثير.
    في الاستثمار الصيني في فلسطين، يمكن ان تتقدم الصين إلينا بمشاريع مائية وزراعية وصناعية وخدماتية، وفي إعمال التنقيب عن النفط والغاز المتوافرة بكميات كبيرة قبالة قطاع غزة في البحر الابيض المتوسط، وفي الضفة الغربية، عِلماً بأن قوانين الاستثمار الفلسطينية مُحفزة جداً، ويمكن للصين تحقيق نجاحات كبيرة حال شروعها بالاستثمار، وسوف تساعدها السلطات الفلسطينية بكامل طاقتها لمزيد من تأكيد الأُخوة التاريخية التي تربط ما بين شعبينا الصين وفلسطين.

    *علي مشعل: رئيس المجموعة (1) للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين في فلسطين، ومدير عام الدوائر العربية والصين الشعبية في مفوضية العلاقات العربية والصين الشعبية – فلسطين، ورئيس منتديات مستمعي القسم العربي للاذاعة الصينيةCRI وقراء مجلتها “مرافئ الصداقة” في فلسطين.

  • الصين وطريق المستقبل

    الصين وطريق المستقبل

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    عبد الحميد الكبي:

    الحلم الصيني يسير بنجاح لإنجاز المشروع الاقتصادي الباهر، فالحلم الصيني مستمر عبر القرون، ففي اوئل القرن الخامس عشر ميلادي قاد الأمير الصيني تشانغ خه أسطوله البحري عبر المحيط الهندي عدة مرات وصولاً إلى عدن جنوب اليمن، بهدف تحقيق بناء عالم مسالم يعتمد على التبادل التجاري الذي يمثل إنجازا مهماً.

    وبعد ستمائة عام يعيد التاريخ نفسه ويقود الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ حزم طريق الحرير الاقتصادي التجاري، حيث سيعزز المشروع الصيني أواصر التعاون التجاري والاقتصادي الدولي والتنمية في مختلف أنحاء قارة آسيا.

    فقد حدد الرئيس الصيني شي جين بينغ الأهداف الأساسية للمبادرة وهي:

    (تعزيز التعاون الاقتصادي)

    ( تحسين سبل ترابط الطرقات)

    ( تشجيع التجارة والاستثمار)

    ( تسهيل تحويل العملات وتداولها)

    ( ودعم التبادل الحضاري بين الشعوب)

    وهي أهداف تظهر أن الدور الصيني مهم في المجالين الاقتصادي والتجاري.

    ولطريق الحرير أبعاد محلية وخطة تنمية، إذ  تسعى القيادة الصينية إلى تحويل مناطق الغرب والجنوب الغربي كي تكون منطلقاً لتحريك المرحلة القادمة من خطط التنمية في البلاد، وقد بدأت في تنفيذ وإنشاء المدن الصناعية والمطارات والأسواق التجارية والطرق السريعة وسكك الحديد والمعارض لجعلها محطة الانطلاق، وهذا ما سيعزز الاتصالات بين الصين وقارات أوروبا وأفريقيا وآسيا، وهذا من الأهداف الأساسية للمبادرة.

    وتسعى الصين إلى إنجاز هذا المشروع بالرغم من بعض التحديات التي تواجه تنفيذ المشروع الاقتصادي والتجاري

    بالنسبة للدور العربي في طريق الحرير، فسيكون العالم العربي نقطة تلاق لطرق الحرير البرية والبحرية لذلك يعتبر شريكاً مهماً في إنجاح المشروع (طريق الحرير الجديد) وزيارة الرئيس الصيني للمنطقة العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وخطابه في مقر الجامعة العربية وحديثه عن التبادلات بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط والنجاحات الكبيرة دليل على اهتمامه بهذه المنطقة من العالم.

    والعلاقات الصينية بالدول العربية لها دورها الإيجابي في التخفيف بالصراعات في الدول العربية ويساهم في إقامة علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية

    *عبد الحميد الكبي كاتب وناشط مجتمعي عدن

  • “المُبادرة” والتفعلات الطلابية

    “المُبادرة” والتفعلات الطلابية

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ

    إياد  محمد حسن التويمي*:

    من الضروري بمكان تحويل المبادرة الصينية للتبادل الاقتصادي الدولي التي تقدم بها فخامة الرئيس الصديق شي جين بينغ، وشرع بتطبيقها فوراً منذ عام 2013م والى اليوم، الى رافعة هامة للتبادل الطلابي المدرسي والجامعي بين الاردن والصين أولاً، وبين الصين والعالم العربي ثانياً.

    وفي المجال ذاته، لا يمكن لهذه المبادرة ان تنأى بنفسها عن التعاون في مجال الطلاب والدراسة والتعليم المدرسي والجامعي، لأنها تهدف كما في صدر أهدافها، الى تعزيز أواصر الصداقة بين مختلف الشعوب، والطلاب هم جزء هام وأساسي من هذه الشعوب ومراميها للنهوص بالعلاقات الدولية وبدرجات تقدّمها في كل المجالات.

    أزعم ان التبادلات الطلابية بيننا وبين الصين في المجال الطلابي المتوسط والعالي غير متقدمة وغير متطورة، قياساً الى تلك التبادلات في هذا المجال بين الاردن ودول عديدة اخرى، برغم ان “المبادرة” الصينية تطرح أهدافاً  إنسانية عُليا لتناغم الشعوب وتسهيل لقائها. لكن الطلاب في البلدين الاردن والصين، ما يزالوا للآن يجهلون بعضهم بعضاً بصورة كبيرة جداً.

    فالصين ومؤسساتها التعليمية بالنسبة إلي وللطلبة من أقراني، هي شيء غريب حتى اللحظة، ولا نعرف عنها شيئاً سوى من خلال بعض المواطنين الصينيين واصدقائنا من حلفاء الصين، وعبر وسائل إعلام، وأقلها هو الذي يَنشر الحقيقة وبموضوعية عن الصين وطلابها ومدارسها وجامعاتها وسياستها ومسلميها، وغالباً ما يتم تشويه صورتها التعليمية والاجتماعية كما أعتقد، من أجل إبعادنا عنها، ولجعلنا أسرى التعليم والدراسة في بلدان محددةً، لتبقى مسيطرة تاريخياً على طلابنا وعائلاتهم ومستقبلنا العلمي والتعليمي والاجتماعي وثقافتنا وعقولنا بالتالي.

    أما فيما يخص بعض المدارس والجامعات التي تدرّس اللغة الصينية، فهذا الامر جيد جداً، برغم من أنها لم تبلغ مستوى وطني تعليمي للصينية يستطيع التأثير جماهيرياً على أمزجة الطلبة وعلائلاتهم، فثقافتنا تتجه بلا توقف نحو دول معينة وثقافة معينة وتعليم ما، غالباً ما نقع أسرى فيها.

    وفي الحقيقة، تعتبر المبادرة الصينية عظيمة جداً بأهدافها ورغبات الرئيس “ِشي” فيها ومن خلالها، فهو الرئيس – الانسان الذي يَطمح الى سلام العالم وناسه واجتماعهم على مشتركات مِثالية، كما في مبادرته هذه التي لم تتقدم دولة اخرى بمثلها طوال التاريخ البشري.

    لكن الأمر يختلف للآن في التطبيقات خارج الصين، ذلك أن أبناء الأغنياء وأصحاب السلطة والسطوة الاقتصادية والإدارية هم وحدهم الذين يستطيعون الوصول الى الصين وفهمها ورؤيتها كما هي، والتمتع بخيراتها، ومعرفة شعبها وحياتها، بينهما الفقراء وجميع “رقيقي الحال” وبسطاء عامة الناس، والفئات الذكية التي تقف العقبات حَجر عثرة في طريق تقدمها، وهؤلاء هم غالبية المجتمع وقاعدته، يتراجعون تراجعاً واضحاً ولا يفهمون مرامي المبادرات الصينية وطبيعتها، لأن لا قناة توصلهم بالصين، وما المَبَالَغ الفلكية التي يَضعها الأغنياء ومؤسساتهم الغنية سوى أعلى وأكثر علواً من علو سور الصين العظيم نفسه، فتصوروا كيف هي صورة الصين في أعين هؤلاء، الذين يرون بأن الصين هي للقلة الغنية كما هو الامر ما بين الدول الغربية وما بين الاغنياء والفقراء العرب. فغالبية الناس الذين يريدون الصين والعمل معها ودراسة لغتها والتجارة وإياها لا يتمكنون من ذلك، إذ توضع جملة عقبات أمامهم!

    نأمل ان تعمل “مبادرة الحزام والطريق” الصينية على تغيير جذري لهذه الصورة النمطية بالعالم، لأنها تهدف الى خدمة الجميع، بغض النظر عن طبقاتهم ومستوياتهم وتحصيلهم الثقافي والعلمي.

    *عضو في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء الصين ومنتديي قراء مجلة الصين اليوم ومستمعي الاذاعة الصينيةCRI بالاردن.

  • “الحِزام”: مزيد من شساعة العلاقات العراقية الصينية

    “الحِزام”: مزيد من شساعة العلاقات العراقية الصينية

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    بهاء مانع شياع *:
    يُعتبر العراق سبيلاً رئيسياً وفي غاية الأهمية لمبادرة “الحزام و الطريق” الصينية الشهيرة، ذلك أن السبيل الحِزامي القادم من الصين يمكنه ان يصل من العراق الى غرب آسيا والجنوب الغربي منها، ومنه أيضاً الى اوروبا، ولا يمكن التغاضي عن دور العراق الرئيس، ليس في مبادرة الحزام والطريق فحسب، بل وفي مُجمل المشاريع والمبادرات الاقتصادية في منطقة “الشرق الاوسط” وأسيا الغربية.
    يرتبط العراق بعلاقات طيبة وتاريخية مع جمهورية الصين الشعبية، إذ تأسست العلاقات الرسمية بين الدولتين في وقت مبكّر، عام 1958، وتربطهما روابط سياسية تتسم بالتفاهم والصداقة، بالإضافة الى العلاقات الاقتصادية، وهي حيوية ومهمة جداً.

    في سبتمبر 2013م، طرح الرئيس الصديق والقائد شي جين بينغ، خلال جولته التاريخية في وسط آسيا ومجموعة دول “الآسيان”، مُبادرة “الحزام الإقتصادي لطريق الحرير”، و”طريق الحرير البحري للقرن الـ21″، كما طرح تعزيز الحوار والتواصل والمبادلات التجارية، ومبادلات العِملة، والتواصل الانساني الدولي والشعبي وغيره الكثير.
    المبادرة الصينية تكتسب بُعداً دولياُ وأوروأسيوياً وزخماً أممياً بتأييد الإعلام والقادة الحكوميين لها، وتُعتبر مهمة للعراق كما للصين، ذلك ان العراق غني بالنفط ومصادر الطاقة عموماً، ويتم تصديرها لعشرات دول العالم، وبإمكان المبادرة الاستفادة من ذلك وإفادة الدول الاخرى ضمن التعاون المشترك والفوز الجماعي للنتائج الايجابية المتأتية من خلال المبادرة، سيّما لناحية تخليق المزيد من الاستثمارات الصينية العراقية المشتركة، ليس في النفط والغاز حصراً، بل وفي البُنية التحتية في فضاء واسع، والمواصلات التي تؤدي الى ربط الصين بالخليج وقوافل المبادرة التي تصل مياهه، ومنه لشمال العراق ودول أسيا العربية الاخرى وأفريقيا، وكذلك غرب اوروبا برّاً وبحراً، فتتكامل المبادرة الصينية من خلال العراق وربطه القارات القديمة الثلاث بعضها ببعض.
    وفي هذا السياق، نقرأ في تصريحات السفير العراقي لدى الصين سعادة السيد أحمد تحسين برواري، لوكالة الانباء الصينية الرسمية شينخوا، أن المبادرة الصينية تسلّط الأضواء على عوامل عدة تجعل من العراق جزءاً مهماً من هذه المبادرة، بينها “موقعه الاستراتيجي على خط الحرير؛ والمصادر الهائلة للطاقة الموجودة فيه؛ والأواصر الثقافية التي تربطه مع الدول التي تمر بها المبادرة؛ وكون العراق دولة ذات حضارات قديمة ترجع إلى آلاف السنين”.
    في عام 2015م، وقّعت الحكومة العراقية مع نظيرتها الصينية، خمس اتفاقيات ومذكّرات للتعاون الإقتصادي والتكنولوجي والعسكري والدبلوماسي والنفط والطاقة. وأنذاك، دعا رئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي إلى “تفعيل لجنة العلاقات العراقية الصينية، واستئناف اجتماعاتها، وزيادة التبادل التجاري مع الصين”، ورحّب بتوسيع الشركات الصينية نطاق الاستثمار في العراق، حيث أيّد الرئيس الصيني شي جين بينغ هذه الدعوة.
    وتضمنت المذكرة الأولى “التفاهم بشأن المشاركة ببناء الحزام الإقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”. وتضمنت مذكرة التفاهم الثانية “التعاون الإقتصادي والتكنولوجي بين البلدين”.
    أما المذكرة الثالثة فقد تضمنت “توقيع اتفاقية إطارية بشأن التعاون في مجال الطاقة”، وركّزت المذكرة الرابعة على “التعاون العسكري بين البلدين”، في حين شهدت المذكرة الخامسة توقيع اتفاق بشأن الاعفاء المتبادل لتأشيرة دخول الجوازات الدبلوماسية.
    منذ ذلك التاريخ، تواصل العلاقات العراقية الصينية الارتقاء الى فضاءات عليا ويلاحظ أنها تصبح أكثر شساعة مع مرور الساعات والايام وتتسارع على مرأى من الجميع، إذ أن المبادرة الصينية تشكّل منعطفاً في مسار العلاقات العراقية الصينية، وتنعكس على مختلف المجالات التعاونية بينهما، ولأجل تعميق الشراكة الإستراتيجية بين العاصمتين والشعبين.

    * الاستاذ بهاء مانع شياع – رئيس (المجموعة الرئاسية العراقية الاولى – الأول من أُكتوبر-2016 الذكرى 67 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية) للفرع العراقي للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين، ورئيس منتديات مستمعي الاذاعة الصينيةCRI ومجلتها “مرافئ الصداقة”، ومجلة “الصين اليوم” العربية، وكاتب وصحفي ومحرر صحفي في جريدة الاضواء المستقلة ووكالة الاضواء الاخبارية، وعضو في نقابة الصحفيين العراقيين.

  • أيلة وأرابيلا تنتظر قطارات الصين!

    أيلة وأرابيلا تنتظر قطارات الصين!

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    الشيخ محمد حسن التويمي*:
    عقد في منتصف الشهر الحالي، أيار مايو، في العاصمة الصينية بكين، مؤتمر دولي مَهيب، لبحث القضايا التي تتصل بـِ(مبادرة الحزام والطريق)، التي سبق وطرحها فخامة الرئيس (شي جين بينغ) في العاصمة الكازاخستانية (آستنا)، في عام 2013م.
    وقد تم لأجل إنجاح المؤتمر الصيني الدولي، دعوة مئات المدعويين من مختلف البلدان والقارات، ورؤساء الدول والحكومات، الشخصيات العالمية والاقليمية والمحلية، ناهيك عن الصحفيين ورجال القّلم والفكر. وفي الدعوات، نلمس أن المؤتمر هو أحد أهم، إن لم يكن الأهم على الاطلاق، على صعيد عالمي آنيٍّ، لكونه المؤتمر الدولي الوحيد في حَينه الذي يُعقد، ولأنه يَبحث في قضايا مُبادرة ضخمة في إيجابياتها ومردوها في كل الاتجاهات، تنعكس على جميع الشعوب بالتشغيلات والأعمال والمشاريع وتغذية ميزانيات الدول بمليارات من العملات المختلفة، وتضفي بالتالي استقراراً سياسياً وأمنياً على تلك الدول التي ستمر الاستثمارات والتجارة والتبادل الثقافي من خلال طرقها ومَسالكها البرية والبحرية، لتصل من الصين الى شواطئ المحيط الاطلسي والبحر الابيض المتوسط، وشمالاً الى البحر الاسود وبحيرات آسيا وشواطئها الواسعة وامتداداتها غير المنتهية.
    لكن، ماذا يهمنا في الاردن من انعقاد هذا المؤتمر وهذه المبادرة وإفرازاتهما؟
    في الحقيقة والواقع المأمول، أن وطننا الاردن كان منذ طريق الحرير القديم البري والبحري عامراً بالعلاقات مع الصين والصينيين، وقلّما يَعرف الجيل الجديد الاردني والصيني الحاليين عن هذه الوقائع، التي دوّنت في المراجع القديمة، ولم يَمسـسها سوى البحّاثة والباحثون عن الحقائق والمُتعة التاريخية.

    في ملاحظاتي على الحِراكات الصينية، أنها ترتبط في الحقيقةً ببعضها البعض. ففي سبتمبر أيلول المقبل سيُفتتح في العاصمة الاردنية عمان (مول التنين الصيني)، وهو واحد من عدة (مولات) صينية مشابهة تعمل في البلدان العربية، بخاصة في دول الخليج، وسوف يُعظّم افتتاح (المول) وعمله، التبادلات الاقتصادية والتجارية وسيلان الاموال بالاتجاهين الصيني والاردني. فهذا (المول) ليس مكاناً للشراء فحسب، كما في أي متجر تجاري عادي وإن كان كبيراً، بل هو في حقيقة أمره مدينة صينية متكاملة، تحتوي على مختلف أشكال المُتع والتبادلات الثقافية والانسانية الاستجمامية، والثقافية، وفي شكله وتصميمه نشعر بأننا نحيا في الصين وبين أبناء شعبها، لنلمس يومياً طبائعه ومسلكياته، لذا سوف نرتبط سريعاً بالصينيين ونعرفهم حق المعرفة عن (قـُرب قريب!) من خلال يومياتهم، بل وساعة بعد ساعة.
    (مول التنين الصيني)، سوف يربط الاردن بالصين بقطارات سريعة، وليس بقوافل الجِمال والنوق على الشاكلة القديمة، لتصلنا بالصين ولنصل إليها (بأسرع سرعة)/ فتسهيل علاقاتنا وتبادلاتنا معها. وأنا على ثقة تامة بأن هذا المشروع الصيني الرائد، سينجح، إذ أن هدفه سامٍ، وسيؤدي الى تعزيز المبادلات الثنائية وتشييد المزيد من المشاريع الصينية في الاردن، والتي نأمل في قيادة (الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين)، أن يكون منها: مدرسة صينية/ ومَجمع ثقافي وفني صيني/ وفنادق صينية على شاطئي العقبة وبحر الملح (الميت) تتمتع بتسهيلات كاملة لاحتياجات الاردنيين والسياح الصينيين، وقد أبدينا كـ(إتحاد دولي)، ملاحظات رسمية بهذا الشؤون للقيادة الصينية الشقيقة والحليفة.
    وختاماً، نتطلع وكما ترى قيادتنا الاتحادية ونحن جميعاً في اتحادنا الدولي ورئيس الاتحاد الأكاديمي مروان سوداح، تمنياتنا – على خلفية الربط المُبدع ما بين الصين وبريطانيا على مِثال (شينجيانغ – لندن)، بقطار بضائع صيني سريع كان انطلق من تلك المنطقة الصينية، من غرب الصين، متوجهاً الى عاصمة الضباب، حيث قطع خلال ثمانية عشر يوماً مسافة تقدر بنحو سبعة آلاف وخمسمئة ميل – أقول، نتطلع أن تمر قطارات وقوافل المُبادرة الصينية بالمدن والمناطق الاردنية التي شهدت في قديم الزمان مرور متواصل لقوافل طريق الحرير الصيني العريق، ومنها أيلة – العقبة/ البترا/ عمّون – عمّان/ زيزيا (الجيزة) أرابيلا – وإربد/ فالتقت الثقافتان الصينية والاردنية العربية بسهولةٍ ويُسر، مما أكد مَقولة إمكانية توحيد الشعوب والامم والتقاء ثقافاتها بسهولة ويُسر بمبادرة صينية من لدن الرئيس الحكيم شي جين بينغ.
    *مسؤول ديوان متابعة الاعلام الصيني والإسلام والمسلمين بالصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.