الوسم: الصين

  • “طريق الحرير”.. أو طريق التحرر من الاستعمار والتخلف والفقر

    “طريق الحرير”.. أو طريق التحرر من الاستعمار والتخلف والفقر

    belt-and-road-forum

    صحيفة الخبر الجزائرية ـ
    بكين: مبعوث “الخبر” م. دكــار
    31 يوليو 2016:

    استضافت صحيفة “الشعب” اليومية الصينية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، منتدى “التعاون الإعلامي على طول الحزام والطريق 2016”، بمركز المؤتمرات ببكين، واختارت له شعارا كبيرا “مصير مشترك، آفاق جديدة من التعاون”، بحضور ممثلين عن 212 وسيلة إعلامية من 101 دولة ومنظمة دولية، من أجل تعزيز التبادلات والتعاون وتحقيق التنمية والمنفعة المشتركة في إطار مبادرة “الحزام والطريق”. وبالمناسبة قال الرقم واحد في يومية “الشعب”، يانغ تشن وو، إن هذا المنتدى أصبح أكبر قمة لوسائل الإعلام العالمية من حيث عدد الدول ووسائل الإعلام المشاركة، مؤكدا أن المنتظر من هذا التجمع هو تحقيق ست تحديات في سبيل تعزيز التعاون وتحقيق النجاح المشترك. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ، طرح خلال جولته فيي وسط آسيا ومجموعة دول الآسيان في سبتمبر وأكتوبر 2013، مبادرة “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و”طريق الحرير البحري للقرن الـ 21”، وهي مبادرة اقتصادية تجارية ثقافية اجتماعية، تهدف إلى تعزيز الحوار والتواصل والمبادلات التجارية والتواصل الشعبي. ويعطي المشروع نبضا عصريا جديدا للتراث العالمي “طريق الحرير”، ويقدّم حيوية جديدة للتعاون الآسيوي والأوراسي.

    ما بعد الأزمة المالية

    أما من حيث فلسفة المبادرة التي تولي لها الحكومة الصينية أهمية بالغة، وتدعمها ماديا وتقنيا وماليا وسياسيا، فمشروع “الحزام والطريق” هو تبادل الطاقة الإنتاجية بين الصين والدول الواقعة على طول “طريق الحرير”. ويؤكد المشرفون عليها أنها ليست “خطة مارشال”، بل مشروع استثمار مشترك في الأعمال التجارية وإنجاز البنى التحتية وتقاسم ثمار التعاون. ومضمونه هو “خمس تواصلات”، أي مواصلة الطريق، تدفق التجارة، تداول العملة، التبادل السياسي وحوار الثقافات بين تلك الشعوب، وهي خطة ذات ثراء ودلالات مقارنة مع خطة مارشال وتحمل ثلاث مهمات رئيسية:

    فالمهمة الأولى، يقول أصحاب المبادرة هي استكشاف طريق النمو الاقتصادي العالمي، إذ طرحت الصين بصفتها “رأس القطار المحرك لنمو الاقتصاد العالمي” إنشاء “الحزام والطريق” في عصر ما بعد الأزمة المالية، “على أن يستفيد الجميع من أرباح التنمية والإصلاح والخبرات والتجارب التنموية، وتعزيز التعاون والحوار بين الدول ذات الصلة، وإقامة شراكة وتنمية عالمية جديدة أكثر إنصافا وتوازنا، بعيدا عن الاستعمار والهيمنة والاستدمار، من منطلق قاعدة “رابح – رابح”، لتنمية الاقتصاد العالمي مستقر وطويل المدى.

    رسالة.. تركها التاريخ

    أما المهمة الثانية، فهي تحقيق إعادة توازن في العولمة، وإعادة التوازن في العالم، ويشجع الانفتاح على الغرب، والدفع بتنمية المنطقة الغربية وآسيا الوسطى، ومنغوليا وغيرهم من البلدان والمناطق الداخلية الأخرى، وتنفيذ مفهوم التنمية المتسامحة في عولمة المجتمع الدولي. وفي نفس الوقت، تهدف المبادرة إلى ترويج القدرة الصناعية الصينية نحو الغرب، والسماح للدول على طول “طريق الحرير” والبلدان الساحلية أن تكون أول المستفيدين. والتحدي الثالث المبرمج لهذا المشروع، هو إنشاء نموذج القرن الـ 21 للتعاون الإقليمي، إذ يقول قادة الصين، إن “الحزام والطريق” هو استراتيجية الانفتاح الشامل، يشكل الآن نظرية “الممر الاقتصادي”، ونظرية “الحزام الاقتصادي”، نظرية التعاون الدولي في القرن الـ21 ، وغيرها من نظريات الابتكار لتجديد نظرية التنمية الاقتصادية ونظرية التعاون الإقليمي ونظرية العولمة.

    وتهتم استراتيجية المبادرة بمبادئ الاستثمار المشترك والبناء المشترك والتقاسم المشترك، لتتجاوز خطة “مارشال”، والمساعدات الخارجية واستراتيجية الخروج، لتجلب أفكارا جديدة للتعاون الدولي في القرن الـ 21.

    وقال الرئيس الصيني “شي جين بينج” إن “طريق الحرير” هو تراث مشترك بين دول كثيرة، وهو الآن يخضع لعملية تطوير في التعاون السياسي والاقتصادي، وتبادل الأموال والتجارة المشتركة. وأكد شي جين بينج في رسالته التي قرأها نائبه والأمين العام لمجلس نواب الشعب الصيني، وان شانج، أن وسائل الإعلام تلعب دورا مهما في بناء الثقة، وأن المنتدى منصّة لتعاون الدول والشعوب، بما يدعم بناء “الطريق والحزام”. ومن جهته، قال “وان شانج” نائب الرئيس والأمين العام لمجلس نواب الشعب الصيني، إن طريق الحرير القديم هو رسالة مهمة تركها التاريخ بين الشعوب، وإن مبادرة “الطريق والحزام” هي الأمل والحلم، لأن الصحراء لن تحقق الحلم وكذلك البحار.

    60 ألف وظيفة

    ورافع الأمين العام لمجلس نواب الشعب الصيني للمشروع، قائلا إن مبادرة “الطريق والحزام” التي أطلقها الرئيس الصيني سنة 2013 وجدت تجاوبا لافتا من الدول الواقعة على الطريق، ملمّحا أنها مبادرة شاملة تعمل على إيقاظ الوعي بأهمية التعاون بين الشعوب، وهي ليست عزفا منفردا من جانب الصين، ولكنه عزف متناغم من جميع الدول. وألمح “شانج” أن البنك الآسيوي للاستثمار وصندوق طريق الحرير، من ثمار المبادرة التي أوجدت حتى الآن 60 ألف وظيفة جديدة عبر مشروعات المبادرة التي تسعى لبناء طريق الحرير الأخضر (المتوافق بيئيا) والفكري (الثقافي) والصحي (الآمن) والسلمي.

    وكشف عن توقيع اتفاقيات بين أكثر من 30 دولة، على طول طريق الحرير، وأن بلاده تتمسك بالتشاور والتعاون والسلام والانفتاح والمكاسب المشتركة. واعتبر “شانج”، أن المنتدى منصة لتعاون الشعوب والدول بما يدعم بناء الطريق، وأن وسائل الإعلام لها دور مهمّ في بناء الثقة، وأنه يدعو للسفر في الصين وخارجها على طول الطريق، ورواية قصة طريق الحرير القديم والجديد.

    وفي كلمته بالمناسبة، شن رئيس مجلس إدارة مؤسسة “الأهرام” المصرية، أحمد السيد النجار، هجومًا على ما وصفه بالعهد “الاستدماري” للدول الأوروبية، في مقابل ما وصفه بالقيم التي روّج لها “طريق الحرير”، الذي كان يربط الشرق بالغرب.

    ديمقراطية المصالح

    وقال النجار إن طريق الحرير اكتسب رمزيته من أن الدول الواقعة عليه لم تخلق بينها نزعات للسيطرة، وإنما كان ازدهاره نموذجًا للتعاون السلمي بين الدول والشعوب. ولفت النجار النظر إلى أنه بينما كان “طريق الحرير” يربط بين عدة دول وشعوب، فإن هذا تواكب مع نزعة أوروبية إجرامية للسيطرة خلال ما وصفه بالعهد “الاستدماري”.

  • موقع الصين بعيون عربية كاستشراف مبكر لمبادرة الحزام والطريق

    موقع الصين بعيون عربية كاستشراف مبكر لمبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-chinainarabeyes

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    موقع “الصين بعيون عربية” هو محاولة متواضعة للتعبير عن إيمان موجود لديّ بوجوب أن تكون العلاقة بين الصين والعرب بأحسن حالاتها، خدمةً لتاريخنا المشترك كأمتين عظيمتين، ومن أجل تحقيق المنافع على مختلف المستويات للشعوب العربية والصينية، وبحثاً عن مستقبل مشرق لأمتّينا في هذا العالم.

    ولعلّ هذا المشروع المسمّى “الصين بعيون عربية” هو استشراف مبكر لمبادرة “الحزام والطريق” كفكرة تهدف إلى “تحقيق التواصل بين القلوب”، بما ينتجه هذا التواصل من تمازج حضاري وفوائد معنوية ومادية لا تقدّر.

    الموقع يشكّل قناة تواصل بين العرب والصينيين، ولكنه عملياً جزء من مشروع كبير أعمل من أجل تحقيقه، وهو مشروع “مركز  دراسات الصين بعيون عربية”، وهو المركز الذي سيقوم بنقل آراء المفكرين والمحللين العرب مباشرة إلى الصينيين، وآراء المفكرين الصينيين مباشرة إلى العرب، دون المرور بالوسائط الغربية التي تنتقي فيما تنقله ما قد يسيء إلى الطرفين في ما هو موجود عند هذا الطرف أو ذاك، أو ما قد يخلق عدم فهم لاهتمامات هذا الطرف عند الطرف الآخر.

    إن الترجمة المباشرة من العربية إلى الصينية ومن الصينية إلى العربية دون أي وسيط هي الوسيلة التي يطمح مركز الدراسات إلى استخدامها من أجل خلق حالة معرفية قائمة على المعلومات الدقيقة والآراء الصحيحة والأفكار الواضحة، دون أي لبس أو تأويل أو تحريف. وفي هذا برأيي مساهمة كبيرة في دفع التعاون العربي الصيني المستقبلي بقوة إلى الأمام.

    لقد آمنتُ منذ أكثر من عشر سنوات بأن قَدَر العلاقات بين الصين والعرب أن تكون علاقات رفيعة المستوى، فاعلة، مستمرة ونافعة للطرفين العربي والصيني، وأن هذا سيكون فرصة كبرى للعرب للنهوض من الواقع السيء الذي يفرض نفسه عليهم، كما أنه يساهم في دفع نهضة الصين إلى مزيد من النجاح.

    وانطلاقاً من هذا الإيمان أنشأتُ المدوّنة ومن ثم الموقع وأصدرتُ نشرة إلكترونية تحت العنوان نفسه: الصين بعيون عربية، لا بل تعلّمت شيئاً من اللغة الصينية، من أجل فهم روح هذه اللغة، ومن ثم روح الشعب الصيني العظيم،  وأنا مستمر في هذا المشروع وأجد في نفسي سعادة كبيرة عندما أرى تعدد المبادرات المماثلة وتكاثر المهتمين بشأن العلاقات العربية الصينية في صفوف شعوب الدول العربية.

    كما أنني انضمّيت إلى الاتحاد الدولي للكتّاب والصحافيين العرب أصدقاء (حلفاء) الصين، وهو مؤسسة تتماهى في أهدافها مع الأفكار التي يحملها الموقع، وعملت تحت إشراف الأستاذ مروان سوداح، مؤسس الاتحاد ورئيسه، وتسلّمت مهام أمانة السر، ونحن نعمل معاً في الاتحاد  من أجل تحقيق الأهداف نفسها.

    في خلاصة سريعة، ومن خلال معرفتي بطبائع الشعوب العربية أدعو المسؤولين في جمهورية الصين الشعبية إلى إيلاء “الديبلوماسية الشعبية” اهتماماً كبيراً، إلى جانب الديبلوماسية الرسمية، وإلى خلق قنوات للتواصل مع الناس في منطقتنا، وإلى تفعيل “القوة الناعمة” الصينية، كي تتغلغل في نسيج المجتمعات، وتجعل من الصين حقيقة واقعة عند الشعوب، عندها تصبح “مبادرة الحزام والطريق” قابلة للتنفيذ، لا بل تصبح عندها مطلباً جماهيرياً نابعاً من رغبات الناس وإرادتهم، وليست مبادرة مسقطة على الناس من أعلى، تحتاج إلى جهود كبيرة لإقناعهم بها وبأهميتها.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية

  • “نصائح” على هامش تطبيق مبادرة الحزام والطريق

    “نصائح” على هامش تطبيق مبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-beltandroad-Suggestions

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

     

    لا يمكن لأي شخص بمفرده أن يقدّم نصائح في موضوع تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق”، لأن موضوعاً بهذا الحجم يحتاج إلى مراكز دراسات كبرى تستلهم الرؤى من التاريخ، وتضع الخطط الكفيلة بالانطلاق نحو المستقبل، استناداً إلى ما يؤمنه الحاضر من إمكانات.

    ولكن ما يمكن الإشارة إليه بشكل سريع هو ضرورة أن تكون مبادرة الحزام والطريق ملكاً لكل الشعوب التي تقع على الحزام والطريق، فتقترح، وتتشارك في التنفيذ، لتستفيد من النتائج على قاعدة المساهمة، وليس على قاعدة التحول إلى كائنات طفيلية على المشروع.

    المطلوب أن يكون مشروع الحزام والطريق مشروع كل الناس في الدول التي يمر فيها المشروع، من ناحية الفكرة، ومن ناحية الأهداف، ومن ناحية الجهد. عندها يصبح المشروع حلماً للجميع، يعمل الجميع على تحقيق نتائجه المتوقعة، ولا يتحوّل إلى مجرد باب للاستفادة السهلة التي يمكن الاستغناء عنها في أي وقت.

    إن هذا المشروع يرسم تاريخاً جديداً للدول المشاركة فيه، فيجب أن يكون الرسم بكل ألوان الطيف، وليس بلون واحد، ولا بيد واحدة، تخطط وتنفّذ وتوزع الفوائد.

    يجب أن تقنع الصين كل الدول التي يعنيها المشروع بأن مصلحتها التاريخية، لا بل وسيلة بقائها كأمم حية، تعتمد على مدّ هذا الخط الحيوي لكل دول المنطقة.

    وعملية الإقناع هذه تحتاج إلى حجّة قوية، وهذه الحجة موجودة وظاهر للعيان، وهي حجم الفوائد التي ستتحقق من هذا المشروع، كما تحتاج إلى وسائل للترويج لهذه الحجة، وهذا الأمر الذي يجب أن تقوم به القيادة الصينية بالاعتماد على وسائل الإعلام التي يجب أن تُنشأ وتصبح أكثر قوة وفاعلية، وبمختلف اللغات الموجودة في الدول التي يمر بها الحزام والطريق.

    إن الصين دولة كبيرة وقادرة وحيّة ومتطورة ومتفاعلة مع الواقع ومع الطموحات. ولذلك ليس غريباً أن تكون الصين هي المبادرة إلى إعادة رسم تاريخ المنطقة والعالم من جديد.

    ويأتي طرح مبادرة الحزام والطريق كجزء أساسي من عملية إعادة هيكلة العالم ورسم خريطته الجيوسياسية والاقتصادية، وهو طرح يليق بدولة تسعى لأن تكون الرائدة في التنمية والتطور على مستوى العالم كالصين.

    وانطلاقاً من هذه الوقائع تأتي المبادرات الصينية المواكبة لطرح الفكرة الأساسية، وهي مبادرة الحزام والطريق.

    إن ما تقوم به الصين من تطوير للمرافق الأساسية والبنى التحتية، وعلى رأسها المواصلات البرية والبحرية والجوية، هو خطوة طبيعية من دولة تطمح للعب دور اقتصادي وسياسي مميز على مستوى العالم. وكذلك فإن إنشاء صندوق طريق الحرير يُعتبر بمثابة تكوين للذراع التنفيذية لحلم إعادة بناء طربق الحرير.

    إن خطوات جبارة وفعّالة من هذا النوع تعتبر دليلاً على أن ما تطرحه الصين لا يقتصر على كونه مجرد حلم يدغدغ عقول فتيان مراهقين، وإنما هو مشروع يطرحه حكماء يؤمنون بالفكرة ويؤمّنون الوسائل المناسبة لتطبيقها.

    ويبقى أن طروحات من هذا الحجم وبهذا الشكل من الطموح تتطلب مواكبة إعلامية بالمستوى نفسه، من خلال خلق جهاز إعلامي فعّال يقرّب الفكرة المطروحة إلى إذهان الجميع ويروّج لها بكل اللغات واللهجات، ويجعل من الجهود التي تبذلها القيادة الصينية على طريق بناء هذا الخط العظيم جهوداً معلومة ومقدّرة، وبالتالي جهوداً منتجة ومؤثرة في صفوف شعوب الدول المختلفة التي يمر بها الحزام والطريق.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • مناطق الغرب الصينية.. المستفيد الرئيسي من مبادرة الحزام والطريق

    مناطق الغرب الصينية.. المستفيد الرئيسي من مبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-china-west

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    لعل من أبرز أهداف مبادرة الحزام والطريق هو تنمية المناطق التي يمر بها الحزام والطريق في البر والبحر، سواء في الصين أو في الدول الأخرى التي ستكون جزءاً من هذه المبادرة.

    ومع ملاحظة كون الحزام البري يمر في المناطق الصينية الوسطى والغربية، فإن هذه المناطق التي تحمل بشكل عام طابعاً إسلامياً ستكون مستفيدة بشكل كبير من مشاريع البنية التحتية والتواصل التي ستقام تنفيذاً لمبادرة الحزام، وهذا ينسجم بشكل كبير مع الإرادة الحقيقية التي تبديها القيادة الصينية في سعيها لنقل التطور الذي يشهده الشرق الصيني إلى الغرب، والذي شهد سابقاً العديد من الخطوات الجبارة في هذا المجال.

    وقد قامت القيادة الصينية بالفعل بإطلاق عشرات المشاريع التنموية الضخمة في المناطق الغربية خلال السنوات الماضية، بتكلفة تزيد كثيراً عن المئة مليار دولار أميركي.

    ومن اللافت أن انخفاض نسبة النمو في الصين بشكل عام لم ينعكس على انخفاض هذه النسبة في الغرب، والتي بقيت مرتفعة عدة نقاط عن المعدل العام.

    إن هذه الإنجازات ستكون فرصة كبرى للنهوض بالغرب الصيني، ولجعله جزءاً من العملية التنموية الشاملة التي تخوض القيادة الصينية غمارها، وهذا يعود بالفائدة على الصين كلها، لأنه يرفع قيمة الانتاج القومي الشامل، ويساعد في تحقيق هدف الرقي بالمواطنين الصينيين في مختلف المناطق، ويحل العديد من أزمات الشرق الصيني نفسه، وعلى رأسها أزمة الهجرة الجماعية ـ الشرعية وغير الشرعية ـ لليد العاملة، وما تعكسه هذه الهجرة من مشاكل اقتصادية واجتماعية كالبطالة والجريمة والتشرد وغيرها.

    وأكثر من ذلك، إن تنمية المناطق الغربية يعيد إليها ألقها القديم، كحواضر ثقافية واجتماعية واقتصادية كبرى، ويحفّز الكثيرين من المواطنين الصينيين في المناطق المكتظة للتوجه صوبها والمساهمة في تطويرها ومدّها باليد العاملة الذكية والمدرّبة، وهذا يخلق ديناميّة تنموية هائلة تعود بالفائدة على الصين كلها، وعلى الدول المجاورة أيضاً.

    من ناحية ثقافية، فإن تنمية هذه المناطق الغربية سيجعلها مجالاً للتلاقح الفكري والثقافي بين المسلمين في هذه المناطق وإخوانهم في الدول الأخرى القريبة من ناحية، وبين الشعوب الصينية الأخرى في الشرق، وهذا عنصر غنى ثقافي وحضاري يستعيد أمجاد التلاقح الفكري والثقافي الذي كانت تلك المنطقة مهده على مدى التاريخ، والذي كان له نتائج كبرى على صعيد العلاقات الثقافية الإسلامية الصينية.

    بالمقابل، فإن انفتاحاً من هذا النوع قد يكون له محاذير لا بدّ من التوقف عندها، وعلى رأسها يقف القلق الأمني، حيث سيؤدي هذا الانسياب في الانتقال والتلاقي إلى إفساح الطريق أمام منتهزي الفرص من مثيري الشغب والباحثين عن المتاعب للقيام بأعمال لا تمتّ إلى مصالح الشعوب الصينية والعربية والإسلامية بصلة، وهذا ما يجب العمل على تفاديه من خلال مراقبة دقيقة ومستمرة للعناصر المشبوهة والمثيرة للمشاكل من مختلف القوميات والأجناس والإيديولوجيات، وعلى رأسها عناصر المخابرات الأجنبية التابعة لدول لا تريد الخير لشعوب المنطقة وترغب في إفشال عملية نموها وتطورها.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • كيف تتفاعل قوى العالم مع مبادرة الحزام والطريق؟

    كيف تتفاعل قوى العالم مع مبادرة الحزام والطريق؟

    mahmoud-raya-beltandroad2

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    من الواضح أن الوضع القائم في العالم العربي له انعكاسات فعلية على التعاون القائم ـ والذي سيقوم ـ بين الصين والدول العربية. ولا شك أن أوضاعاً أفضل، وظروفاً أكثر استقراراً، سيكون لها انعكاس أفضل بكثير على هذه العلاقات، في حين أن الظروف القائمة تضع الكثير من العراقيل في طريق تطوير العلاقات العربية الصينية، سواء على صعيد المواقف السياسية المتعارضة لدى الدول العربية من الكثير من الأحداث الدائرة في هذه الدول، أو على صعيد الانعكاسات السلبية للأزمات الداخلية على الأوضاع الاقتصادية لهذه الدول، بما يؤدي إلى تراجع أدائها الاقتصادي، ومن ثم إلى الحد من فرص تنمية وتنويع العلاقات مع الصين.

    يبقى في المقابل أن الاختلاف القائم بين الدول العربية قد يكون مفيداً بشكل أو بآخر للعلاقات مع الصين، إذ أن هذا التفكك يمنع الدول العربية من الانسياق إلى موقف موحد ضد الصين عند حصول أي اختلاف سياسي بين العرب والصين تجاه قضية من القضايا، وبهذا تتعامل الصين مع الدول العربية كدول متنوعة المواقف، وليس ككتلة موحدة تفرض على الصين اتجاهاً معيناً تجاه القضايا المطروحة.

    ولعلّنا لاحظنا هذ الواقع فيما يتعلق بالموقف الصيني من الأزمة السورية، فبالرغم من استخدام الصين عدة فيتويات في مجلس الأمن في وجه مشاريع دعمتها دول عربية معينة، فإن هذا لم يؤثر على علاقات الصين مع هذه الدول على المستوى الاقتصادي، بل إن هذه العلاقات شهدت تطوراً كبيراً في مختلف المجالات. وهذا الأمر ناجم عن عجز الدول العربية عن تحويل قوتها الاقتصادية إلى قوة سياسية تفرض مواقف سياسية على دول كبرى ومستقلة وترفض الابتزاز مثل الصين.

    تملك الولايات المتحدة الأميركية مصالح كبرى في منطقة “الشرق الأوسط”، وهي كانت القوة الأولى المؤثرة على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية على مدى العقود الماضية.

    هذه حقيقة معروفة ولا يمكن التهرّب منها، وبالتالي فإن أي تغيير في اتجاه اهتمام دول الشرق الأوسط المختلفة لن يكون محل رضا عند السياسيين الأميركيين الذين سيبذلون جهوداً كبيرة لعرقلة أي محاولة لخلق تكامل اقتصادي بين منطقتي “الشرق الأوسط” و”الشرق الأقصى”.

    وهذا الواقع يفرض على دول مبادرة الحزام والطريق العمل على إقناع مختلف دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة بأن مشروعاً عملاقاً من هذا النوع سيعود بفوائد عظمى على العالم ككل، ولن تقتصر فوائده على الدول المعنية بالمبادرة.

    إلا أن هذه المهمة ليست مهمة سهلة، وإنما تتطلب إيماناً من دول المبادرة بأهمية المشروع الذي تعمل عليه، بما يجعلها قادرة على تحمّل كل الضغوط الهادفة لعرقلته وتعطيله، كما تتطلب وجود إرادة لديها في الوقوف في وجه هذه الضغوط والعمل على مواجهتها وتهميشها.

    وإذا كان هذا الإيمان وهذه الإرادة موجودان لدى الصين للقيام بهذه المهمة، فيجب معرفة أحوال الدول الأخرى، ولا سيما الدول العربية التي ينبغي عليها أن تفاضل بين المنافع الكبرى التي تحصل عليها من تطبيق مبادرة الحزام والطريق، وبين الابتزاز الذي (قد) تتعرض له من الدول الكبرى لمنع اندفاعتها لتحقيق هذه المنافع.

    أما بالنسبة لموضوع اليابان، فهي بالرغم من الحجم الكبير لتبادلها التجاري مع الدول العربية، ومع الصين ايضاً، فإنها ليست لاعباً مستقلاً في عملية تعطيل أو عرقلة مشروع الحزام والطريق، وإنما قد تعتمد على الولايات المتحدة للاستثمار في هذا المجال.

    بالمقابل فإن اليابان ـ لو فكرت بشكل سليم ـ قد تكون مستفيدة بشكل كبير من مبادرة الحزام والطريق، لجهة إيجاد طريق مباشر وقليل الكلفة إلى الأسواق الاستهلاكية العربية والغربية، هذا لو تعاونت بإرادة صادقة وجديّة مع هذه المبادرة.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • الصين ولبنان… على طريق الحرير

    الصين ولبنان… على طريق الحرير

    mahmoud-raya-china-lebanon-silkroad

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    تعتبر العلاقات الصينية اللبنانية جسراً مهماً للتواصل بين الحضارتين الصينية والعربية، ويشكل التبادل الثقافي والاقتصادي بين البلدين انموذجاً للتعاون الدولي.

    كما أن الصين وقفت دائماً غلى جانب لبنان في الظروف المصيرية التي مرّ فيها وما يزال يمرّ، وكانت الصين السند في العديد من المحطات السياسية. وبالمقابل دعم لبنان الصين في المحافل الدولية وعبّر عن وقوفه إلى جانبه في أكثر من موقع وموقف.

    ولا يمكن أن ننسى الدور الذي تلعبه الصين على مستوى حفظ الأمن في لبنان من خلال مشاركة قوات صينية في قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. وتقوم هذه الوحدة الصينية بدورها كاملاً على صعيد حفظ الأمن وعلى صعيد إزالة الألغام أيضاً، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين أهالي المنطقة التي تستضيف هذه القوات وبين الصين.

     

    والعلاقات بين الصين ولبنان تحمل ذكرى الطبيب الشهير جورج شفيق حاتم (1910 ـ 1988)، وهو طبيب أميركي عالمي من أصل لبناني، انتقل إلى الصين ورافق مسيرة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لمدة 12 عاماً كطبيب له، كما أنه تصدى لعلاج 40 ألف مصاب بالجذام وأمراض الحرب في الصين. وقد افتتح حاتم أكثر من عيادة لممارسة مهنة الطب في عدة مدن صينية أبرزها شنغهاي.

    عرف الدكتورحاتم في الصين باسم “ما هايدي” وتعني “الحصان” (رمز الفضيلة) الآتي من خلف البحار، وكان أول الأجانب الذين انضموا إلى الحزب الشيوعي الصيني، وظل كذلك الى أن توفي سنة 1988 في الصين، ودفن في مدافن عظماء الثورة في “باباشان” تقديراً له.

    لقد سجل التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني اللبناني رقماً قياسياً جديداً وبلغ حجم التبادل التجاري  عام 2014 مليارين و496 مليون دولار أميركي، وبقيت الصين الشريك التجاري الأول للبنان للسنة الثانية على التوالي.

    حجم التبادل التجاري بين لبنان والصين كان قد  ارتفع من نحو 413 مليون دولار سنة 2001 إلى حوالي ألفين و300 مليون دولار سنة 2013 “.

    الأرقام جيدة ومبشرة، بالرغم من الخلل الكبير في الميزان التجاري بين البلدين، إذ أن النسبة العظمى من البضائع المتبادلة هي بضائع صينية مصدرة إلى لبنان، في حين أن البضائع اللبنانية المصدرة إلى الصين لا تتعدى قيمتها خمسين مليون دولار.

    على المستوى الاقتصادي، للبنان مصلحة كبيرة في تعميق التعاون مع الصين، وفي بناء المزيد من العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ومبادرة “الحزام والطريق” تشكل فرصة هامة لتحقيق هذه الأهداف، كونها تسهّل عملية التواصل من ناحية، وتضع لبنان في قلب مسار التجارة الإقليمية، بحيث أنه سيستفيد من دون شك من عملية نقل البضائع عبر أراضيه ومن خلال موانئه ومطاره.

    من جهة أخرى، يشكل لبنان نقطة تبادل ثقافي وحضاري مميزة على مستوى العالم، ولا ننسى أن معهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في بيروت هو المعهد الأول المخصص لهذا الغرض الذي تم إنشاؤه في العالم العربي، وقد تم تصنيفه بين المعاهد العشرة المتميزة بنشاطاتها الثقافية في العالم في مؤتمر المعاهد في كانون الأول 2013 في بيجينغ.

    من هنا يمكن أن يلعب لبنان دوراً كبيراً في ربط الحضارتين الصينية والعربية في كل المجالات الثقافية والاجتماعية المختلفة.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

     

  • مبادرة الحزام والطريق: فوائد للصين وللعرب.. وللجميع

    مبادرة الحزام والطريق: فوائد للصين وللعرب.. وللجميع

    mahmoud-raya-beltandroad1

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    بكثير من الاطمئنان، يمكن وصف المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني السيد شي جين بينغ في جامعة نزارباييف في كازاخستان لإنشاء حزام الحرير في أيلول/ سبتمبر عام 2013، ومن ثم أمام البرلمان الأندونيسي في تشرين الأول/ أكتوبر في العام نفسه، بأنها مبادرة رؤيوية، منفتحة على المستقبل، وتَعِد بالكثير من التغيير إلى الأفضل، لأن مجرد التفكير بإعادة إحياء طريق الحرير القديم ـ بقسميه البري والبحري ـ هو تفكير بالأفضل، ليس للصين فقط، وإنما لكل المنطقة التي يمر بها الحزام والطريق، لا بل للعالم كله.

    إن مبادرة الحزام والطريق هي مبادرة هادفة إلى تحسين مستقبل الإنسانية، بمختلف أعراقها وشعوبها، وليس مستقبل دولة واحدة أو أمة واحدة، وهذا يدل على أن همّ التطوير والتقدم الذي تحمله القيادة الصينية ليس همّاً قومياً أو فئوياً، وإنما هو همّ يشمل كل البشرية.

    إن المعنى الحقيقي لمبادرة الحزام والطريق كما عرّفه الرئيس شي جين بينغ نفسه هو خلق التواصل على مختلف الصعد بين الدول والشعوب الواقعة على طول طريق الحرير، بفرعيه البري والبحري، وهذه هي المهمة التي كان يقوم بها طريق الحرير القديم، حيث ربط الشعوب والحضارات، وسمح بنقل البضائع والسلع، ولعب دوراً كبيراً في الحوار والتلاقح بين الثقافات والأفكار.

    لقد أدّت الظروف الدولية خلال القرون الماضية إلى ضمور (ضعف) هذا التواصل، وحتى إلى انقطاعه في فترة من الفترات.

    ولذلك فإن مبادرة “الحزام والطريق” تشكل فرصة لاستعادة هذا التواصل وتنميته والسير به إلى الأمام، وهذا ما يمكن تسميته بـ “إحياء طريق الحرير”.

    إذا كانت الصين تقع على الطرف الشرقي من طريق الحرير، فإن العالم العربي يقع على الطرف الغربي، ولذلك فإن الصين والدول العربية هما الطرفان المعنيّان أكثر من غيرهما بهذا المشروع ـ الحلم، دون تجاهل الفوائد التي ستجنيها الدول الأخرى، سواء الواقعة على طول الطريق، أو تلك التي ستصل نتاجات الطريق إليها في أوروبا وأفريقيا والغرب بشكل عام.

    إن العلاقات بين الصين والدول العربية هي في طور النمو، ولكنها ما زالت دون المستوى المأمول والمطلوب لكلا الطرفين. ولذلك فإن مبادرة الحزام والطريق تشكل فرصة حقيقية لتحقيق الفائدة للأمتين العظيمتين والعريقتين، الأمة الصينية والأمة العربية، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي ـ وهو أمر مهم وأساسي ـ ولكن على الصعد الحضارية المختلفة، كالثقافة والفكر والمجتمع، وحتى على مستوى السياسة.

    إن ازدياد اعتماد كل طرف على الآخر سيؤدي حتماً إلى تصاعد مستوى اهتمام كلا الجانبين ببعضهما البعض، ما يعني بالتالي تشابكاً في المصالح والمصائر، وهذا ما ينتج عنه تنسيق إلزامي في كل المجالات.

    وينبغي العودة إلى الأفكار التي طرحها الرئيس الصيني في خطابه في جامعة نزارباييف خلال إطلاقه المبادرة لمعرفة الفوائد التي سيجنيها الجانبان العربي والصيني من “إحياء” طريق الحرير.

    إن طريق الحرير يهدف إلى تعزيز التعاون في جميع المجالات، والشأن الاقتصادي في مقدمة الأولويات، ولذلك فإن الاستفادة العربية والصينية من هذه المبادرة لن تقتصر على جانب من الجوانب، وإنما ستمتد إلى كل المجالات.

    ففي الجانب الاقتصادي ستصبح التبادلات التجارية أكبر وأكثر كثافةً، لأن الطرق التي ستفتح والصلات التي ستقام، ستسهّل عملية النقل بشكل كبير وتجعلها أقل كلفة وأكثر انتاجية.

    وفي الجانب المعرفي ستصبح سبل التواصل أكثر يسراً وتوفراً، ما يتيح نقل الخبرات وتبادل المعلومات والاحتكاك الحضاري.

    وفي مختلف الجوانب الأخرى سيكون طرفا خط الحرير الشرقي والغربي في حالة تواصل دائم.

     

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • الحزام والطريق وعَملانيات الانسلاخ والتليين الطبقي!

    الحزام والطريق وعَملانيات الانسلاخ والتليين الطبقي!

    marwan-yelena-beltandroad

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    مروان سوداح* ـ
    يلينا نيدوغينا*:

    مبادرة الحزام والطريق أنية وضرورية، وهي متطلب حيوي لشعوب العالم وغالبية حكوماته، وبضمنها العربية الحالية، بغض النظر عن توجهاتها وتخندقاتها وأيديولوجياتها.

    يَعود السبب في تأييد تلك البلدان شعوباً وحكومات لمبادرة الحزام والطريق التي أعلن عنها رئيس جمهورية الصين الشعبية والأمين العالم للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ في العام 2013م، الى ان تلك القيادات والامم ترى في المبادرة الكونية الصينية عَملانية ناجحة حتى قبل ان تطرق سُبلها الحدود الاجنبية، وذلك لما تتمتع به الصين من مصداقية سياسية وعدالة في التوزيع الإقتصادي، ولأن الحزام الجديد سوف يُنمّي بصورة متبادلة، جماعية وشاملة الاقتصاد العالمي ويَعود بالنفع على الجميع.

    من المَعلوم ان مبادرة “الحزام الإقتصادي لطريق الحرير” و”طريق الحرير البحري للقرن الـ 21″، وطروحات تعزيز الحوار والتواصل والمبادلات التجارية ومبادلات العملة والتواصل الشعبي التي أقرها الرئيس شي وحازت على تأييد فوري في العالم، تقوم على وحدة العملية الاقتصادية والعلاقات الندّية الحقيقية بين شتى الدول بشرط النفع المتبادل بمختلف مظاهره – وهي مبادئ مهمة في المشروع الصيني – تعود بفائدة كبرى على الحكومات والشعوب، سيّما لجهة تعزيز الأمن العام والسلم الاجتماعيين، ومنع الثورات والغليان على طول المساحات الجيوسياسية للحزام والطريق، بل وستجهد بصورة ألية، طبيعية من خلال تفعيلاتها بوقف الانزلاق نحو التطرف بألوانه المختلفة، كما وستكبح انتشار الايديولوجيات الارهابية، وتصد الامزجة الرجعية ومرامي الانتقام الطبقي المسلح من القمم القمعية الحاكمة والدكتاتوريات الفكرية والطبقية، التي تستمرئ عادة تجيير النفع الاجتماعي لنفسها، وحرمان الطبقات الاخرى منه، ومنها طبقات هالكة في أسفل السلم الطبقي كانت تحاول عبثاً قبل الاعلان عن المبادرة الصينية، ان تنسلخ عن جلدها الطبقي الأدنى في سَيْرورَةِ الانزياح تدريجياً الى الاعلى.

    وفي الجانب الشعبي, ترى الشعوب وبخاصة طبقاتها وفئاتها الاضعف والافقر بأن إنشغالاتها في مشروع الحزام والطريق يفتح أمامها آفاقاً رحبة، لذا تعوّل كثيراً على العملية الصينية لتعزيز الثقة المتبادلة والقضاء على سوء الفهم، وتوسيع التوافق ليضخ طاقة أكثر إيجابية في مشروع “الحزام والطريق”، وبخاصة لجهة تفعيل التشغيل على إتّساعه في عملية اقتصادية كونية، لا تقف عند حدود الدول الاقليمية والقارات القديمة والموانع الجغرافية، وتأمل بأن تصبح مالكة لفضاءات شاسعة للتبادل مع غيرها بطرق سهلة، تتوافر فيها وسائل المواصلات الأحدث، وتقنيات أسرع لتنفيذ الصفقات التجارية، وسرعة دوران رؤوس الاموال، وتسهيلات بنكية وبضائعية، وأفاق لا عدَّ لها ولا حصر لتشاركية شعبية مع حكومات الصين المناطقية، ومواقع الانتاج الصينية والاسواق الصينية مباشرةً، ما ينعكس على الامزجة الاممية وتليينها لجهة تعميق التطلعات السلمية والحفاظ على المكاسب الاقتصادية والتجارية والمصالح، التي بدأت تنمو وتتسع وتجد مناخات مهيئة للإبداع وسعادة طبقية.

    *رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (حُلفاء) الصين.

    *رئيسة الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (حُلفاء) الصين.

  • “الحزام والطريق”: منصة جديدة للتعاون الصيني- العربي

    “الحزام والطريق”: منصة جديدة للتعاون الصيني- العربي

    beltandroad-map3

    مجلة الصين اليوم الصينية:

    أولا

    في الثامن والعشرين من مارس عام 2015، أصدرت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح، ووزارة الخارجية، ووزارة التجارة في الصين معا وثيقة بعنوان ((التطلع والعمل لدفع البناء المشترك للحزام الاقتصادي على طول طريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين))، تعتبر خطوة هامة لبناء “الحزام والطريق”. تتضمن هذه الوثيقة مقترحات الدول على طول “الحزام والطريق” وآراء أطراف متعددة، وهي نتيجة التخطيط الموحد الداخلي والخارجي، وتبلور التعاون والحكمة المتعددة الأطراف. تقدم الوثيقة خلفية ومبادئ وإطارا ونقاطا هامة وآلية تعاون لمبادرة “الحزام والطريق”، وتتمتع بالشمول والشفافية والترابط الحميم والانفتاح، وتجيب على أسئلة هامة ذات اهتمام عام.

    وثيقة “الحزام والطريق” تصمم مخططا عظيما، وتطرح بناء ثلاثة ارتباطات، هي ارتباط المصير وارتباط المصالح وارتباط المسؤولية بين الدول والمناطق على طول “الحزام والطريق”، وفي نفس الوقت، تطرح مبادئ ملموسة لبناء “الحزام والطريق”، وهي: الالتزام بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، التمسك بمبادئ التعاون والانفتاح ودور السوق والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، تحقيق تطلعات “الحزام والطريق” عبر التشاور المشترك والبناء المشترك والتعاون المشترك لتشكيل ارتباط المصير. من هذه الوثيقة الموثوقة يمكن أن نعرف أن مبادرة بناء “الحزام والطريق” تلتزم بمفاهيم التعاون والانفتاح والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، وأنها ليست عزفا صينيا منفردا وإنما سيمفونية تعزفها الدول والمناطق على طول “الحزام والطريق”، وأنها ليست بديلا لآليات ومبادرات التعاون الدولية والإقليمية، إنما تساعد الدول والمناطق في تحقيق التواصل المتبادل لاستراتيجيات التنمية وتبادل المزايا، وتوفر فرصة ومنصة للتعاون والفوز المشترك للأطراف المتعددة.

    تطرح هذه الوثيقة مخطط عمل نظاميا وملموسا إلى حد كبير لتحقيق استراتيجية “الارتباطات الخمسة”: أولا، تؤكد أن تعزيز ارتباط السياسات ضمان هام لبناء “الحزام والطريق”؛ ثانيا، تؤكد أن تعزيز ارتباط المنشآت التحتية أولوية في بناء “الحزام والطريق”، مع الاهتمام بالبنية التحتية للترابط، بما فيها الممرات الرئيسية ونقاط الترابط الرئيسية والمشروعات الهامة، ودعم استكمال مرافق ضمان سلامة الطرق ووسائل إدارة المواصلات لرفع مستوى سلامة الطرق، وتعزيز ترابط وتعاون البنية التحتية للطاقة. ويعتبر العمل معا لدفع بناء شبكة إنترنت للخط الرئيسي للاتصالات العابرة للحدود أولوية في المرحلة الجديدة، الأمر الذي يرفع مستوى الاتصالات العالمية المشتركة ويدفع بناء طريق الحرير المعلوماتي؛ ثالثا، تؤكد أن التجارة السلسة محتوى هام لبناء “الحزام والطريق”. يجب توفير تسهيلات للتجارة الاستثمارية، إزالة حواجز التجارة والاستثمار، خلق بيئة جيدة للتجارة الدولية والإقليمية، بناء منطقة تجارة حرة مشتركة للدول والمناطق على طول “الحزام والطريق” لتحفيز وإطلاق إمكانيات التعاون. تشير الوثيقة إلى أنه من الأفضل تعزيز الإجراءات الملموسة للتعاون الجمركي، من حيث تبادل المعلومات والمراقبة المتبادلة والتنسيق في إنفاذ القانون، وبجانب ذلك، تطالب الوثيقة بسرعة دفع تسهيل الاستثمار، إزالة حواجز التجارة، تحسين ترتيب السلاسل الصناعية، دفع التطور المتناسق للصناعات المعنية؛ رابعا، تؤكد الوثيقة على أن الترابط المالي دعم هام لبناء “الحزام والطريق”. يجب تعميق التعاون المالي، دفع بناء نظام مستقر للعملات الآسيوية والاستثمار والتمويل والائتمان، توسيع نطاق وحجم الصرف وتسوية الحسابات بين عملات الدول على طول “الحزام والطريق”، تعزيز انفتاح وتطور سوق الأوراق المالية الآسيوية، بما في ذلك دفع الاستعدادات لإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية لمجموعة بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) وصندوق طريق الحرير. بالإضافة إلى ذلك، يشمل الترابط المالي التعاون في المراقبة المالية، دفع توقيع مذكرات تفاهم ثنائية حول التعاون، إنشاء آلية فعالة حول المراقبة والتنسيق في المناطق المعنية تجريبيا؛ خامسا، تؤكد الوثيقة أن ترابط الشعوب جذر اجتماعي لبناء “الحزام والطريق”. لذا، تحث الوثيقة على الاهتمام بالتبادلات الإنسانية، وتربية مفهوم ترابط المصير المشترك، وتطرح تقديم عشرة آلاف منحة حكومية للمناطق والدول على طول “الحزام والطريق” سنويا، إنشاء منتدى دولي لبناء “الحزام والطريق”. إنها تطرح خطط عمل ملموسة وآلية تعاون ومحتوى تعاون هاما، وتؤكد رغبة الصين في تنفيذ مشروعات مع الدول على طول “الحزام والطريق” في أسرع وقت ممكن لجعل الشعوب تتمتع بالمصالح المشتركة في أسرع وقت ممكن.

    ثانيا

    تشمل خطة “الحزام والطريق” أكثر من ستين دولة، ومعظمها دول نامية واقتصادات ناشئة. وتهتم الصين بالتعاون مع الدول العربية اهتماما عاليا. عندما تقوم المؤسسات البحثية المعروفة بدراسة طريق الحرير الجديد، تهتم بمستقبل التعاون بين الصين والدول العربية، إيماناً بأن نهضة الصين ونهضة الدول العربية مترابطتان، لأنهما شريكان تجاريان مرتبطان بطريق الحرير منذ القدم. اليوم، أصبحت تنمية اقتصاد الصين السريعة قوة دافعة لتنمية اقتصاد الدول العربية، وتدفع حاجة الصين إلى النفط تنمية الاقتصادات العربية، كما يظهر كثير من مستلزمات الحياة اليومية المصنوعة في الصين في مراكز التسوق الصغيرة والكبيرة في دبي والرياض.

    تقع الدول العربية في نقطة الالتقاء الغربية لـ”الحزام والطريق”، وتتمتع بتفوق جغرافي فريد، فهي تربط آسيا وأوروبا وأفريقيا، ولديها موارد غنية وإمكانيات سوق كبيرة وعائد ديموغرافي كبير. الصين والدول العربية شريكا تعاون طبيعيان هامان لتعزيز بناء “الحزام والطريق”. منذ إنشاء منتدى التعاون الصيني- العربي في عام 2004، يحقق تعاون الطرفين تقدما على قدم وساق في مجالات مختلفة عبر جهودهما المشتركة. باعتباره منصة رئيسية للتعاون والتشاور الثنائي، أنشأ منتدى التعاون الصيني- العربي سلسلة من آلية التعاون خلال العشر سنوات الماضية، يجمع قدرات التنمية للطرفين معا، ويحقق مشاركة الموارد وتبادل المزايا، ويحقق الدفع والإكمال المتبادل للتعاون الجماعي والتعاون الثنائي. وفي ظل الوضع الجديد، في إطار بناء “الحزام والطريق” معاً، سوف يبرز دور المنتدى ومزاياه الفريدة في دفع التنمية والتعاون بين الصين والدول العربية بشكل عميق، وستتاح للصين والدول العربية فرص تنمية جيدة. في هذا الوقت، يقدم طرح مبادرة استراتيجية بناء “الحزام والطريق” فرصة جيدة لتوسيع التعاون العملي الثنائي وتعميق علاقات التعاون الاستراتيجي.

    في افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني- العربي الذي عقد في بكين في يونيو عام 2014، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مرة أخرى مبادرة بناء “الحزام والطريق” يدا بيد على أساس مبادئ “التشاور المشترك والبناء المشترك والمشاطرة المشتركة” بين الصين والدول العربية، وطرح أيضا استراتيجية “1+2+3” للتعاون الصيني- العربي: باعتبار تعاون الطاقة جوهر التعاون الثنائي، تعميق التعاون في سلسلة صناعية شاملة للنفط والغاز، ضمان سلامة ممرات نقل الطاقة، تأسيس علاقة تعاون استراتيجية لتعاون الطاقة الصيني- العربي المتمثلة في المنفعة المتبادلة والأمن والثقة والصداقة الطويلة الأمد؛ باعتبار بناء المنشآت التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار جناحين، تعزيز التعاون الثنائي في مشروعات التنمية الهامة ومعيشة الشعبين، إنشاء ترتيب نظامي لدفع تبادل التجارة والاستثمار؛ باعتبار الثلاثة مجالات للتكنولوجيا الفائقة الجديدة- الطاقة النووية والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة نقطة اختراق، بذل الجهود لرفع مستوى التعاون العملي الصيني- العربي.

    وقد أعربت الدول العربية عن حماسها ورغبتها للتعاون في مبادرة بناء “الحزام والطريق”. في الزيارات المتبادلة بين الطرفين على مختلف المستويات خلال العام المنصرم، كان بناء “الحزام والطريق” أحد الموضوعات الرئيسية في النقاشات الثنائية، طرح الطرفان مشروعات يمكنها تحقيق الإنجازات مبكرا في مجالي بناء المنشآت التحتية ونقل القوى الإنتاجية. قبل فترة، زرت قطر والكويت وعمان وغيرها من دول منطقة الشرق الأوسط، وقد تأثرت كثيرا بحماسة وتطلعات الأطراف المتعددة لبناء “الحزام والطريق”. تخطط الكويت لاستثمار مائة وثلاثين  مليار دولار أمريكي لتأسيس منطقة جديدة تحمل اسم “مدينة الحرير” في منطقة ساحلية شمالية للترابط مع “الحزام والطريق”. من المأمول أن تكون هذه المدينة محورا استراتيجيا هاما يرتبط بالصين وأوروبا عبر طريق الحرير. تخطط سلطنة عمان لتأسيس منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة التي تشمل 8 أجزاء: الميناء والصناعة واللوجستيات والثروة السمكية والتجارة والترفيه والسياحة والتعليم، وتقع هذه المنطقة الاقتصادية الخاصة في مركز منطقة ساحلية في شمال شرقي عُمان وفي منطقة مركزية لخطوط الرحلات الجوية لمناطق شرقي وجنوبي آسيا ووسط أفريقيا وأوروبا، وقبالة المحيط الهندي. لذا، لا شك أن دفع بناء “الحزام والطريق” يأتي بفرصة تاريخية لمنطقة الدقم  الاقتصادية الخاصة. يخطط الجانب العربي بناء منطقة في ميناء صلالة العماني إحياء لذكرى تشنغ خه الذي زاره ثلاث مرات، وفيها نصب تذكاري لتشنغ خه، وكذلك منطقة ترفيهية ثقافية، ومطاعم صينية. هذه المرافق لا تخلد ذكرى تشنغ خه فقط، وإنما أيضا تساعد في جذب سياح من الصين وأنحاء العالم. أعتقد أنها تتفق تماما مع هدف بناء “الحزام والطريق” لتحقيق “ترابط الشعوب”.

    ثالثا

    البناء يحتاج إلى الدعم المالي، وقد خطا التعاون المالي المتعدد الأطراف خطوة إلى الأمام. في أكتوبر عام 2013، طرح كل من الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ مبادرة إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية خلال جولتيهما في جنوب شرقي آسيا، وقد حظيت هذه المبادرة برد إيجابي ودعم عام. حتى نهاية مارس عام 2015، بلغ عدد الأعضاء المؤسسين المحتملين للبنك 44 دولة ومنطقة، منها بريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول المتقدمة من خارج آسيا. وسوف يتم توقيع ميثاق البنك وبدء الأعمال المعنية خلال 2015، لكي يتم إنشاؤه قبل نهاية 2015. البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي دعت الصين إلى إنشائه يهدف إلى بناء مرافق البنية التحتية في الدول الآسيوية ودفع ترابط المناطق ودفع تنمية الاقتصاد الإقليمي. أما صندوق طريق الحرير الذي دعت الصين إلى إنشائه برأس مال 40 مليار دولار أمريكي فقد تم تسجيله وتنفيذ عمله. وفي الوقت نفسه، تدفع الصين جهود تسوية الحسابات التجارية عبر الحدود بالعملة الصينية (الرنمينبي)، وإنشاء فروع للأجهزة المالية في المناطق والدول على طول طريق الحرير، والتعاون المالي العابر للحدود لزيادة القوة المحركة والحيوية لبناء “الحزام والطريق”. المهمة الرئيسية للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية هي تقديم الدعم المالي لبناء منشآت البنية التحتية وبناء “الحزام والطريق”، وهو يمثل إضافة للنظام المالي الدولي الحالي في مجال جمع التمويل لبناء منشآت البنية التحتية، ويرحب بمشاركة الأجهزة المالية في أنحاء العالم لتحقيق التعاون والفوز المشترك والتنمية المشتركة. وقد قال الرئيس الصيني شي جن بينغ في خطابه الرئيسي في الاجتماع السنوي لمنتدى بوآو، إن القوى الكبرى تعني تحمل مسؤوليات أكثر لضمان السلام والتنمية في العالم وليس احتكار الشؤون العالمية والإقليمية.

    يمر معظم الدول الآسيوية حاليا بمرحلة التصنيع والتحول الحضري السريع. مع تعمق تنميتها، تواجه مشكلة تخلف مرافق البنية التحتية ونقص الأموال. يسعى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية لتعزيز بناء مرافق البنية التحتية، وهذا يساعد في الحفاظ على التنمية الاقتصادية المستدامة والمستقرة والسريعة. بالنسبة لآسيا، يمكن الإسراع في الاتصالات المتبادلة وتعزيز قدرة التطور الذاتي من أجل إضافة قوة محركة مستدامة؛ وبالنسبة للدول المتقدمة، يساهم في توسيع الطلب على الاستثمار ودفع انتعاش اقتصادها؛ وفي الوقت ذاته، يحفز توسيع الطلب العالمي ودفع انتعاش اقتصاد العالم. بناء مرافق البنية التحتية، سواء في آسيا أو غيرها، أمر هام للغاية، ويقدم فرصة لإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. السبب الرئيسي لاشتراك الدول الغربية فيه هو أنها تدرك الفرصة التجارية لبناء منشآت  البنية التحتية وتثق باقتصاد الصين. الاقتصاد الآسيوي يشكل ثلث حجم الاقتصاد العالمي، وخلال العشرين إلى الثلاثين سنة المقبلة، ستكون آسيا المركز الرئيسي لتنمية الاقتصاد. إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية لا يفتح الباب لفرص جديدة لتنمية اقتصادها فقط، وإنما سيدفع بناء هيكل مالي عالمي متعدد الأطراف يقوم على التعاون والتسامح والفوز المشترك. لا شك أن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية سوف يلعب دورا إيجابيا في تنمية الاقتصاد العالمي في المستقبل.

    رابعا

    “الحزام والطريق” يربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، هو مشروع نظامي يبني ممرا اقتصاديا هو الأكثر طولا وإمكانية تنموية في العالم، ويضم عددا كبيرا من الدول، وثقافات مختلفة. لذا، ستواجه عملية بنائه تحديات كبيرة، ولا يمكن تحقيقه في خطوة واحدة. يحتاج تطبيق هذه الخطة العظيمة إلى تصميم رفيع المستوى وتخطيط علمي ودفع تنفيذ مشروعات بترتيبات مناسبة، على أساس التشاور بين الأطراف المعنية. “الحزام والطريق” ليس عزفا صينيا منفردا وإنما سيمفونية تشترك في عزفها الدول المختلفة.

    في مسيرة تطبيق هذا المشروع العظيم، لا مفر من مواجهة عوائق وصعوبات وآراء مختلفة، بل وسوء فهم. البعض اعتبره “خطة مارشال جديدة”،  فأثير قلق حول سعي الصين إلى إنشاء نظام إقليمي آسيوي. في الحقيقة، سوء الفهم هذا ناتج عن عقلية الحرب الباردة والمباراة الصفرية. إن مصير الدول لم يكن مترابطا في أي وقت مضى مثلما هو مترابط الآن. تتمسك مبادرة “الحزام والطريق” التي طرحتها الصين بمفهوم جديد: الانفتاح بدلا من الانغلاق، الفوز المشترك بدلا من المباراة الصفرية، التعاون بدلا من الانحياز؛ الدعوة إلى السلام والصداقة والتعاون وغيرها من تقاليد طريق الحرير، وضخ مفهوم العصر الجديد. في تنفيذ هذه المبادرة، بجب الالتزام بمبادئ “التشاور المشترك والبناء المشترك والتعاون المشترك”، السعي لدفع تنسيق استراتيجيات التنمية للدول على طول “الحزام والطريق”، الاهتمام بالمصالح الثنائية والمتعددة الأطراف والحصول على موافقة الأطراف المعنية عند تحديد كل مشروع. “الحزام والطريق” هو طريق الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والتعاون والفوز المشترك والتعلم المتبادل. عبر الجهود المشتركة للدول، لا شك أن صفحة جديدة سوف تفتح لبناء “الحزام الاقتصادي على طول طريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”، لتتقاسم الشعوب إنجازات بناء “الحزام والطريق”.

  • معلومات عن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن ال21

    معلومات عن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن ال21

    beltandroad-map2

    أولا، المعلومات الأساسية عن “الحزام” و”الطريق” وأهميتهما

    إن التشارك في بناء “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و”طريق الحرير البحري في القرن الـ21″ (المشار إليهما فيما بعد بـ”الحزام مع الطريق”) مبادرة طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارتيه لكازاخستان سبتمبر الماضي ولإندونيسيا أكتوبر الماضي، ويعتبر خطوة هامة تتخذها الصين من أجل تعميق الإصلاح والانفتاح وخاصة تعزيز الانفتاح نحو غرب الصين. إن “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” الذي يغطي مناطق الصين وغرب آسيا وأوروبا، و”طريق الحرير البحري في القرن الـ21″ الذي يمتد من الصين إلى منطقة الخليج مرورا بجنوب شرقي آسيا والمحيط الهندي والبحر العربي، يشكلان حزاما اقتصاديا معمم الفائدة على أساس المنفعة المتبادلة والكسب للجميع ويتميز بطابع الانفتاح والاستيعاب.

    إن التشارك في بناء “الحزام مع الطريق” يهدف إلى تجسيد وتكريس قيم طريق الحرير القديم الذي مكن الدول الواقعة في قارتي آسيا وأوروبا من تبادل السلع والتقنيات والأفراد والأفكار، مما أدى إلى دفع التنمية الاقتصادية والثقافية والتقدم الاجتماعي لهذه الدول، وتعزيز التحاور والتفاعل بين مختلف الحضارات. يجب على المجتمع الدولي اليوم الارتقاء بروح طريق الحرير المتمثلة في السلام والتعاون والانفتاح والتسامح والاستفادة المتبادلة والصمود أمام الصعوبات، وإضفاء مقومات عصرية عليها لإحيائها وتكريس قيمتها في العصر الحديث، بما يحقق ثروات جديدة ماديا ومعنويا للمجتمع البشري.

    إن التشارك في بناء “الحزام مع الطريق” يتماشى مع المساعي لتعزيز التعاون الإقليمي الذي يمثل التيار السائد في العصر. سيتم الربط فيما بين آسيا الوسطى وجنوبي آسيا وجنوب شرقي آسيا وغربي آسيا وغيرها من المناطق دون الإقليمية من خلال “الحزام مع الطريق”، الأمر الذي يعزز التواصل فيما بين هذه المناطق ويمكنها من تكملة بعضها البعض في الاحتياجات واستفادة كل منها من مزايا غيرها، وبالتالي يقيم ويستكمل سلاسل لوجستية وصناعية وقيمية تغطي قارتي آسيا وأوروبا، ويرتقي بمستوى التعاون لعموم آسيا والتعاون الإقليمي بين آسيا وأوروبا، كما يساعد على تعزيز جهود الدول الآسيوية والأوروبية في إطلاق إمكانيات الطلب المحلي في كل منها وفي المنطقة، وإيجاد مجالات جديدة للنمو الاقتصادي وتعزيز قوة الدفع الذاتية للنمو الاقتصادي وقدرته على مجابهة المخاطر، بما يدفع الاقتصاد إلى إعادة الهيكلة وتطوير نوعيته.

    جاء بناء “الحزام مع الطريق” ملبيا لمتطلبات التنمية في الصين ولرغبة الصين في تعزيز التعاون مع الخارج. يغطي “الحزام مع الطريق” المناطق الوسطى والغربية وبعض المقاطعات والمدن الساحلية في الصين، فإن بناء “الحزام مع الطريق” يتمحور حول استراتيجيات الصين للتنمية الإقليمية والنوع الجديد من التمدين العصري والانفتاح على الخارج، وهو يساهم في توسيع نطاق الانتفاح للمناطق غير الساحلية والمناطق الحدودية والإسراع بوتيرته، بحيث يساعد على تشكيل معادلة جديدة للانفتاح الكامل الأبعاد في الصين. كما يعتبر بناء “الحزام مع الطريق” نقطة بارزة للدبلوماسية الصينية في العصر الجديد تساهم في توثيق روابط المصلحة وتحقيق التنمية المشتركة للصين ودول آسيا الأخرى ودول أوروبا.

    ثانيا، المضمون الرئيسي لـ “الحزام مع الطريق”

    إن مبادرة بناء “الحزام مع الطريق” تتخذ التعاون الاقتصادي كالأساس والمحور والتواصل الإنساني والثقافي كالدعامة الرئيسية، وتلتزم هذه المبادرة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ولا تسعى وراء انتزاع الدور القيادي في الشؤون الإقليمية أو تحديد نطاق النفوذ في المنطقة. إن “الحزام مع الطريق” ليس كيانا أو آلية، وهو سيعتمد بشكل أساسي على الآليات الثنائية والمتعددة الأطراف القائمة بين الصين والدول ذات الصلة وتستعين بأطر التعاون الإقليمية القائمة والفاعلة. كما أن النطاق الجغرافي والأممي لـ”الحزام مع الطريق” سيكون مفتوحا، ستلعب دورا مهما فيه الدول الواقعة على طريقي الحرير البري والبحري القديمين، كما نرحب بالدول الأخرى للمشاركة فيه.

    إن المضمون الرئيسي لبناء “الحزام مع الطريق” يتمثل في خمس نقاط تبرز التعاون العملي القائم على المشاريع المفصلة، وسيعود بفوائد ملموسة على شعوب الدول ذات الصلة: (1) “تناسق السياسات”. يمكن لمختلف الدول إجراء التواصل الوافي حول الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالتنمية الاقتصادية، بحيث يتحقق الالتحام العضوي بين هذه الاستراتيجيات على أساس مبدأ “إيجاد قواسم مشتركة من بين الاختلافات”، ورسم الخطط والإجراءات للتعاون الإقليمي عبر التشاور، بما يعطي “الضوء الأخضر” من حيث السياسات والقوانين أمام الاندماج الاقتصادي الإقليمي. (2) “ترابط الطرقات”. إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى التباحث الإيجابي في تحسين البنية الأساسية العابرة للحدود في مجال المرور، واتخاذ خطوات تدريجية لتكوين شبكة للنقل والمواصلات تربط مختلف المناطق دون الإقليمية في آسيا كما تربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، بما يعالج مسائل عدم الترابط أو الترابط دون التمرير أو التمرير دون الانسياب. (3) “تواصل الأعمال”. التباحث في سبل تسهيل التجارة والاستثمار ووضع ترتيبات ملائمة، تساعد على إزالة الحواجز التجارية والاستثمارية ورفع سرعة الدورة الاقتصادية الإقليمية وجودتها، بما يطلق بشكل كامل الإمكانيات الكامنة للدول الواقعة في “الحزام” و”الطريق” في مجالات التجارة والاستثمار، وتوسيع “كعكة التعاون”. (4) “تداول العملات”. العمل على تحقيق المقاصة بالعملات المحلية وتبادل العملات، وتعزيز التعاون النقدي الثنائي والمتعدد الأطراف، وإنشاء مؤسسات مالية للتنمية الإقليمية، وخفض تكاليف المعاملات، وبالتالي تعزيز القدرة على مواجهة المخاطر المالية من خلال الترتيبات الإقليمية، وتعزيز القدرة التنافسية لاقتصاد المنطقة ككل على الساحة الدولية. (5) “تفاهم العقليات”. إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى توطيد القاعدة الشعبية للعلاقات الرسمية، وتعزيز التواصل والتحاور بين مختلف الحضارات، وزيادة التبادل الودي بين شعوب الدول وخاصة على مستوى الفئات المجتمعية الأساسية، بما يعزز الفهم المتبادل والصداقة التقليدية فيما بينها.

    إن بناء “الحزام مع الطريق” مشروع متكامل طويل الأمد، يتطلب المضي قدمًا به بخطوات تدريجية منتظمة. ويجب أن يبدأ بما هو سهل الإنجاز قبل ما هو صعب الإنجاز، وينطلق بتجربة موقعية ثم تعمم على النطاق الواسع ويتطور أولا رأسيا ثم أفقيا بحيث يتشكل تدريجيا إطار إقليمي للتعاون الواسع. ويمكن لقطاع الأولوية ومشاريع الحصاد المبكر أن تكون مجال ترابط البنية التحتية أو تسهيل التجارة والاستثمار أو التعاون القطاعي، وكذلك التواصل الإنساني والثقافي وتبادل الأفراد. أما التعاون القطاعي فيمكن أن يشمل مجالات الزراعة والمصايد والعلوم والتكنولوجيا والخدمات، وكذلك قطاع التصنيع التقليدي والراقي. وبالنسبة للمشاريع التي تتفق عليها متطلبات المصلحة المشتركة فيما بين الأطراف المختلفة في مجالات الطرق والسكك الحديدية والطيران والنقل البحري وتطوير الطاقة والموارد والأنابيب والكهرباء والاتصالات وأيضا بالنسبة للسياسات والإجراءات المتعلقة بالمفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة وتسهيل تبادل الأفراد، فيجب الإسراع بوتيرة العمل والتشاور بشأنها ونعمل على تنفيذ أي منها حال ما يتم الاتفاق عليه.

    وخلال هذا السياق، تحرص الصين على التعامل الصحيح مع العلاقة فيما بين المسؤولية المعنوية والمصلحة، وتقديم المسؤولية الأخلاقية على المصلحة مع مراعاة المصلحة المشروعة، كما تحرص على تقديم ما في وسعها من المساعدة للدول العربية والبلدان النامية الأخرى وجيرانها الصديقة، وتساعد البلدان النامية على الإسراع بعجلة التنمية بكل صدق وإخلاص. وستزيد الصين من استثماراتها باستمرار في المناطق المحيطة بها، وتعمل على دفع التواصل والترابط مع هذه المناطق، وتبحث في كيفية إنشاء الإطار الإقليمي للاستثمار والتمويل لمشاريع البنية التحتية، بما يجعل المناطق البرية والبحرية المحيطة بها مناطق للسلام والصداقة والوئام.

    /مصدر:الموقع الرسمي لمنتدى التعاون الصيني العربي/