الوسم: مقالات

  • العرب والصين: هذه هي مجالات التعاون من خلال مبادرة الحزام والطريق

    العرب والصين: هذه هي مجالات التعاون من خلال مبادرة الحزام والطريق

    mahmoud-raya-china-arabs

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    هناك من يرى أن الصين لا تحتاج من العرب إلا الطاقة، وهذا الكلام ليس دقيقاً وإن كان فيه نسبة لا بأس بها من الصحة.

    فالعرب ليس لديهم، بسبب الظروف التي يعيشون فيها، الكثير ليقدموه للصين غير الطاقة. ولكن الطاقة بحدّ ذاتها أمر مهم جداً للصين، وعامل مؤثر جداً في مسيرة نموها وازدهارها، إضافة إلى عامل التكنولوجيا المتطورة (high Technology) الذي تبحث عنه الصين في أي مكان في العالم.

    بالرغم من كل التغييرات التي يشهدها العالم، ستبقى الدول العربية المصدر الرئيسي للطاقة على مستوى العالم، وبالنسبة للصين أيضاً، ولذلك فإن مجالات التعاون في هذا الإطار هي مجالات واسعة جداً ولها آفاق مستقبلية بلا حدود، سواء على مستوى النفط أو على مستوى الغاز الذي يشكل الطاقة المستقبلية التي ستحلّ محل البترول في العقود المقبلة.

    ولا يؤثر الانخفاض الظرفي في سعر النفط على هذا التعاون، لأن الاعتماد الصيني على النفط العربي قد يزيد بسبب انخفاض أسعاره، ما يحفّز على إيجاد سبل أكثر سلاسة لإيصال النفط العربي إلى الصين، وهذا ما ستقوم مبادرة “الحزام والطريق” في تأمينه.

    من جانب آخر، لا يجب أن ننسى أن العرب أمة مستهلكة، وفي أكثر من مكان هم أمة غنية، تملك الكثير من الأموال، ولذلك هم يشكلون سوقاً استهلاكية هامة جداً للمنتجات الصينية. وتسهيل عملية التواصل بين الأمتين العربية والصينية من خلال مبادرة “الحزام والطريق” سيفتح آفاقاً واسعة أمام المنتجات الصينية في العالم العربي.

    هناك الكثير من المجالات التي يمكن إطلاق التعاون فيها بين العرب والصين، فضلاً عن تعزيز التعاون في المجالات الموجودة أصلاً كالطاقة وغيرها. ويمكن هنا التذكير بالتعاون الكبير القائم بين الصين والسودان على المستوى الزراعي، ويمكن تعميم هذه التجربة على الدول العربية الأخرى.

    إضافة إلى ذلك، فالدول العربية بمجملها هي دول ناهضة، وهي تحتاج إلى تعزيز عملية التطوير في الكثير من المجالات، سواء على مستوى الصناعة أو التكنولوجيا أو غيرها. والصين بات لديها القدرة على نقل هذه التجربة إلى الدول العربية، من خلال بناء المصانع الكبرى لتشغيل آلاف العاطلين عن العمل، واستثمار المساحات الشاسعة من الأراضي في عمليات استصلاح تؤدي إلى تحويلها إلى أراضي زراعية خصبة.

    وهناك موضوع النقل، فالأراضي العربية واسعة، وما تزال وسائل النقل فيها قاصرة عن المستوى المطلوب في المجالات البريّة والبحرية والجويّة. والصين لديها تجربة مهمة في بناء الطرق والسكك الحديدية، وحتى في بناء وتطوير المرافئ والمطارات، بتقنية ممتازة وبأسعار أقل بكثير مما تعرضه الدول الكبرى الأخرى.

    كل هذه المجالات قابلة لأن تؤمن فرصاً للتعاون الواسع بين الصين والدول العربية.

    إن مشروعاً ضخماً ورؤيوياً كمشروع الحزام والطريق له إيجابيات كبرى على العلاقات بين الأمتين العربية والصينية، ولكن هذا لا ينفي وجود بعض التحديات التي يفرضها قيام هذا المشروع.

    وعلى رأس هذه التحديات تأتي التحديات الأمنية، لأن مشروع فتح الحدود وتعزيز العلاقات وفسح الفرص لتحقيق التعارف والتمازج بين شعوب الدول القائمة على طول الحزام والطريق قد يشكل فرصة لبعض الأطراف لاستخدام هذه التسهيلات في تشكيل نوع من التهديد الأمني، سواء داخل الصين أو في الدول الأخرى المنضمة إلى هذه المبادرة.

    وهناك تحدّ أساسي آخر، وهو تحدي الحفاظ على الحد الأدنى من التنسيق السياسي بين الدول المنضوية في إطار مبادرة الحزام والطريق، لأن أي خلاف سياسي بين دولتين موجودتين على خط الحزام والطريق سيؤدي إلى حصول عرقلة في تدفق المواد والموارد والأشخاص بين مختلف الدول الأخرى.

    من هنا فإن مبادرة الحزام والطريق يجب أن تكون فرصة لإيجاد روابط سياسية متينة بين الدول المعنية، تنبثق عنها روابط أمنية تمنع أي استغلال لهذه المبادرة من أجل تحقيق مشاريع مشبوهة تضر بهذه الدول.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

  • الصين ولبنان… على طريق الحرير

    الصين ولبنان… على طريق الحرير

    mahmoud-raya-china-lebanon-silkroad

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    تعتبر العلاقات الصينية اللبنانية جسراً مهماً للتواصل بين الحضارتين الصينية والعربية، ويشكل التبادل الثقافي والاقتصادي بين البلدين انموذجاً للتعاون الدولي.

    كما أن الصين وقفت دائماً غلى جانب لبنان في الظروف المصيرية التي مرّ فيها وما يزال يمرّ، وكانت الصين السند في العديد من المحطات السياسية. وبالمقابل دعم لبنان الصين في المحافل الدولية وعبّر عن وقوفه إلى جانبه في أكثر من موقع وموقف.

    ولا يمكن أن ننسى الدور الذي تلعبه الصين على مستوى حفظ الأمن في لبنان من خلال مشاركة قوات صينية في قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. وتقوم هذه الوحدة الصينية بدورها كاملاً على صعيد حفظ الأمن وعلى صعيد إزالة الألغام أيضاً، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين أهالي المنطقة التي تستضيف هذه القوات وبين الصين.

     

    والعلاقات بين الصين ولبنان تحمل ذكرى الطبيب الشهير جورج شفيق حاتم (1910 ـ 1988)، وهو طبيب أميركي عالمي من أصل لبناني، انتقل إلى الصين ورافق مسيرة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لمدة 12 عاماً كطبيب له، كما أنه تصدى لعلاج 40 ألف مصاب بالجذام وأمراض الحرب في الصين. وقد افتتح حاتم أكثر من عيادة لممارسة مهنة الطب في عدة مدن صينية أبرزها شنغهاي.

    عرف الدكتورحاتم في الصين باسم “ما هايدي” وتعني “الحصان” (رمز الفضيلة) الآتي من خلف البحار، وكان أول الأجانب الذين انضموا إلى الحزب الشيوعي الصيني، وظل كذلك الى أن توفي سنة 1988 في الصين، ودفن في مدافن عظماء الثورة في “باباشان” تقديراً له.

    لقد سجل التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني اللبناني رقماً قياسياً جديداً وبلغ حجم التبادل التجاري  عام 2014 مليارين و496 مليون دولار أميركي، وبقيت الصين الشريك التجاري الأول للبنان للسنة الثانية على التوالي.

    حجم التبادل التجاري بين لبنان والصين كان قد  ارتفع من نحو 413 مليون دولار سنة 2001 إلى حوالي ألفين و300 مليون دولار سنة 2013 “.

    الأرقام جيدة ومبشرة، بالرغم من الخلل الكبير في الميزان التجاري بين البلدين، إذ أن النسبة العظمى من البضائع المتبادلة هي بضائع صينية مصدرة إلى لبنان، في حين أن البضائع اللبنانية المصدرة إلى الصين لا تتعدى قيمتها خمسين مليون دولار.

    على المستوى الاقتصادي، للبنان مصلحة كبيرة في تعميق التعاون مع الصين، وفي بناء المزيد من العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ومبادرة “الحزام والطريق” تشكل فرصة هامة لتحقيق هذه الأهداف، كونها تسهّل عملية التواصل من ناحية، وتضع لبنان في قلب مسار التجارة الإقليمية، بحيث أنه سيستفيد من دون شك من عملية نقل البضائع عبر أراضيه ومن خلال موانئه ومطاره.

    من جهة أخرى، يشكل لبنان نقطة تبادل ثقافي وحضاري مميزة على مستوى العالم، ولا ننسى أن معهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في بيروت هو المعهد الأول المخصص لهذا الغرض الذي تم إنشاؤه في العالم العربي، وقد تم تصنيفه بين المعاهد العشرة المتميزة بنشاطاتها الثقافية في العالم في مؤتمر المعاهد في كانون الأول 2013 في بيجينغ.

    من هنا يمكن أن يلعب لبنان دوراً كبيراً في ربط الحضارتين الصينية والعربية في كل المجالات الثقافية والاجتماعية المختلفة.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين

     

  • مبادرة الحزام والطريق: فوائد للصين وللعرب.. وللجميع

    مبادرة الحزام والطريق: فوائد للصين وللعرب.. وللجميع

    mahmoud-raya-beltandroad1

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    بكثير من الاطمئنان، يمكن وصف المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني السيد شي جين بينغ في جامعة نزارباييف في كازاخستان لإنشاء حزام الحرير في أيلول/ سبتمبر عام 2013، ومن ثم أمام البرلمان الأندونيسي في تشرين الأول/ أكتوبر في العام نفسه، بأنها مبادرة رؤيوية، منفتحة على المستقبل، وتَعِد بالكثير من التغيير إلى الأفضل، لأن مجرد التفكير بإعادة إحياء طريق الحرير القديم ـ بقسميه البري والبحري ـ هو تفكير بالأفضل، ليس للصين فقط، وإنما لكل المنطقة التي يمر بها الحزام والطريق، لا بل للعالم كله.

    إن مبادرة الحزام والطريق هي مبادرة هادفة إلى تحسين مستقبل الإنسانية، بمختلف أعراقها وشعوبها، وليس مستقبل دولة واحدة أو أمة واحدة، وهذا يدل على أن همّ التطوير والتقدم الذي تحمله القيادة الصينية ليس همّاً قومياً أو فئوياً، وإنما هو همّ يشمل كل البشرية.

    إن المعنى الحقيقي لمبادرة الحزام والطريق كما عرّفه الرئيس شي جين بينغ نفسه هو خلق التواصل على مختلف الصعد بين الدول والشعوب الواقعة على طول طريق الحرير، بفرعيه البري والبحري، وهذه هي المهمة التي كان يقوم بها طريق الحرير القديم، حيث ربط الشعوب والحضارات، وسمح بنقل البضائع والسلع، ولعب دوراً كبيراً في الحوار والتلاقح بين الثقافات والأفكار.

    لقد أدّت الظروف الدولية خلال القرون الماضية إلى ضمور (ضعف) هذا التواصل، وحتى إلى انقطاعه في فترة من الفترات.

    ولذلك فإن مبادرة “الحزام والطريق” تشكل فرصة لاستعادة هذا التواصل وتنميته والسير به إلى الأمام، وهذا ما يمكن تسميته بـ “إحياء طريق الحرير”.

    إذا كانت الصين تقع على الطرف الشرقي من طريق الحرير، فإن العالم العربي يقع على الطرف الغربي، ولذلك فإن الصين والدول العربية هما الطرفان المعنيّان أكثر من غيرهما بهذا المشروع ـ الحلم، دون تجاهل الفوائد التي ستجنيها الدول الأخرى، سواء الواقعة على طول الطريق، أو تلك التي ستصل نتاجات الطريق إليها في أوروبا وأفريقيا والغرب بشكل عام.

    إن العلاقات بين الصين والدول العربية هي في طور النمو، ولكنها ما زالت دون المستوى المأمول والمطلوب لكلا الطرفين. ولذلك فإن مبادرة الحزام والطريق تشكل فرصة حقيقية لتحقيق الفائدة للأمتين العظيمتين والعريقتين، الأمة الصينية والأمة العربية، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي ـ وهو أمر مهم وأساسي ـ ولكن على الصعد الحضارية المختلفة، كالثقافة والفكر والمجتمع، وحتى على مستوى السياسة.

    إن ازدياد اعتماد كل طرف على الآخر سيؤدي حتماً إلى تصاعد مستوى اهتمام كلا الجانبين ببعضهما البعض، ما يعني بالتالي تشابكاً في المصالح والمصائر، وهذا ما ينتج عنه تنسيق إلزامي في كل المجالات.

    وينبغي العودة إلى الأفكار التي طرحها الرئيس الصيني في خطابه في جامعة نزارباييف خلال إطلاقه المبادرة لمعرفة الفوائد التي سيجنيها الجانبان العربي والصيني من “إحياء” طريق الحرير.

    إن طريق الحرير يهدف إلى تعزيز التعاون في جميع المجالات، والشأن الاقتصادي في مقدمة الأولويات، ولذلك فإن الاستفادة العربية والصينية من هذه المبادرة لن تقتصر على جانب من الجوانب، وإنما ستمتد إلى كل المجالات.

    ففي الجانب الاقتصادي ستصبح التبادلات التجارية أكبر وأكثر كثافةً، لأن الطرق التي ستفتح والصلات التي ستقام، ستسهّل عملية النقل بشكل كبير وتجعلها أقل كلفة وأكثر انتاجية.

    وفي الجانب المعرفي ستصبح سبل التواصل أكثر يسراً وتوفراً، ما يتيح نقل الخبرات وتبادل المعلومات والاحتكاك الحضاري.

    وفي مختلف الجوانب الأخرى سيكون طرفا خط الحرير الشرقي والغربي في حالة تواصل دائم.

     

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين