الوسم: العالم العربي

  • التقارب الإسلامي الصيني مفتاح إعادة إحياء طريق الحرير (ح1)

    التقارب الإسلامي الصيني مفتاح إعادة إحياء طريق الحرير (ح1)

    موقع مبادرة الحزام الطريق بعيون عربية ـ
    د. يربان الحسين الخراشي(موريتانيا)*:

    يرجع بعض المؤرخين تاريخ طريق الحرير إلى حوالي 2000 سنة قبل الميلاد، وهي عبارة عن مجموعة من الطرق غير المترابطة غالباً، كانت تسلكها القوافل بهدف التجارة.
    وتذكر المصادر التاريخية الصينية أن اكتشافها تم سنة 138 قبل الميلاد على يد تشانغ تشيان (Zhang Qian) مبعوث الإمبراطور السابع لمملكة هان الغربية (206 ق م- 25 م) إلى Da rouzhi (قبائل من شعب الهنود الأوربيين البدائيين) وهي إحدى المماليك الستة والثلاثون التي كانت تستوطن المناطق التي تقع غرب مملكة الهان آنذاك أي شينجيانغ وآسيا الوسطى حالياً، وذلك من أجل ربط حلف عسكري معها ضد أعدائهم التقليديين شعب الهون، الذين كانت حربهم مع مملكة هان في أوجها، لكن استراتيجية الإمبراطور ليو تشي (Liu Che) العسكرية الرامية إلى تطويق قبائل شعب الهون باءت بالفشل، وقضى على أحلامه في بسط نفوذه على سهول آسيا الوسطى وإبعاد خطر قبائل الهون المحاربة بعد أن قضى 40 سنة من حكمه الممتد ل 54 سنة في حرب كر وفر معهم .

    وخلال القرن الأول الميلادي سنة 97 م بعث الملك الرابع لمملكة هان الشرقية (25 م – 220 م) رسوله غان يينغ (Gan ying) إلى روما، وقد ذكرت المصادر التاريخية الصينية وصوله للخليج العربي والعراق، وربما يكون أول صيني تطأ أقدامه بلاد العرب. هذه الرحلة على الرغم من عدم وصولها إلى روما لكنها عززت فتح الطريق الذي يربط بين تشانغآن العاصمة آنذاك (مدينة شيآن الحالية بمقاطعة شنشي) وبين الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والذي عرف باسم “طريق الحرير”. وفي عام 166 م وصل مبعوث الإمبراطورية الرومانية إلى مدينة لويانغ (عاصمة مملكة هان الشرقية)، فيما يعد أول تبادل دبلوماسي بين الغرب والصين.
    كما ذكرت بعض المصادر التاريخية الصينية وصول رسول ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 651 م إلى مملكة تانغ الصينية (618 م -907 م) أثناء حكم إمبراطورها الثالث لي تشي (Li zhi)،وقد سمح الملك الصيني للمسلمين من عرب وفرس بممارسة التجارة والإقامة في الصين، بل حتى التقاضي وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، وذلك بعد ما لمس التشابه الكبير بين قيم الدين الإسلامي الحنيف، وقيم الثقافة الصينية التقليدية، خاصة كونفوشيوسية ، والتي كانت العمود الفقري للثقافة الصينية آنذاك، وهذا ما سمح بتعزيز التجارة عبر طريق الحرير، خاصة تجارة الحرير الذي كان يستخدم كعملة بدل العملة النحاسية الملكية في المناطق الحدودية.
    خلال منتصف القرن الثامن ميلادي، وفي ظل القلاقل التي صاحبت نهاية حكم الأمويين (662-750)
    استغل الصينيون الفرصة وتوغلوا غربا وتمكنوا من إخضاع بعض المناطق المهمة الخاضعة لنفوذ الخلافة، ويعكس حجم الإنفاق العسكري الصيني آنذاك حجم تلك التوترات الحدودية، حيث تذكر بعض المصادر الصينية أن إنفاق مملكة تانغ الصينية على قواتها المرابطة على ثغور آسيا الوسطى قفز من 2 مليون قوان سنة 713م (guànقوان سلسلة لربط النقود على شكل تسبيح وتحوي ألف قطعة نقدية ) إلى 10 مليون قوان سنة 741 م، و 15 مليون قوان سنة 755 م، ويشكل هذا المبلغ نصف إجمالي إيرادات مملكة تانغ آنذاك البالغ حوالي 30مليون قوان.
    لكن ذلك لم يمنع الخلافة من خوض المعركة التي غيرت وجه التاريخ، وذلك بعد استتباب السلطة للعباسيين، حيث زحف الجيش العباسي بقيادة زياد بن صالح رحمه الله سنة 751 م، بينما تولى قيادة الجيش الصيني القائد الكوري القومية قاو شيان تشى (Gao xianzhi) ، وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة للجيش الصيني حوالي 30 ألف بين قتيل وأسير حسب بعض المصادر الصينية.
    وقد كانت هذه الحرب نقطة تحول مهمة جداً في تاريخ آسيا الوسطى، وربما التاريخ العالمي، حيث أنها المعركة الوحيدة بين أقوى دولتين آنذاك، والمعركة الوحيدة أيضا بين العرب والصينيين ومن نتائجها :
    (1) – قتل الحلم الصيني في السيطرة على آسيا الوسطى ونهاية نفوذها وتواجدها العسكري هناك؛
    (2) – تقويض تجارة الحرير وانحسار ازدهار التجارة عبر طريق الحرير ؛
    (3) – خروج تأثير الثقافة الصينية من آسيا الوسطى إلى يومنا هذا؛
    (4) – زيادة أواصر ارتباط العرب والشعوب التركية و انصهارها وتمهيد الطريق لدخول كافة شعوب آسيا الوسطى في الإسلام؛
    (5) – كانت السبب المباشر للقلاقل التي بدأت تنتشر في أرجاء الامبراطورية الصينية خاصة الحرب الداخلية على السلطة التي بدأت 755 م والمعروفة في التاريخ الصيني با (an shizhiluan) التي يعتبرها المؤرخون بداية انهيار امبراطورية تانغ العظيمة.
    لكن أهم نتيجة لهذه الحرب في اعتقادي هم الأسرى الصينيين الذين عن طريقهم تم نقل الاختراعات الصينية الأربعة القديمة ( صناعة الورق وفن الطباعة والبوصلة والبارود)، إلى العالم العربي وخاصة صناعة الورق حيث تم تأسيس أول مصنع للورق في بغداد سنة 794 م، ومن عاصمة الرشيد تم نقل أسرار صناعة الورق إلى كل من دمشق، والقاهرة ثم، الأندلس ومنها إلى أوربا، وهذا ما يرشح صناعة الورق أن تكون المساهمة الصينية في بزوغ العصر الذهبي للحضارة الإسلامية.

     

    *

    Dr. Yarbane El Houssein El Karachi

    Jilin University – China

    Department of Exploration and Drilling Engineering

    E-mail:  yarbalanacn@yahoo.com

    yarbanacn@163.com

  • الخلفيات: الممرات الاقتصادية تحت مبادرة الحزام والطريق

    الخلفيات: الممرات الاقتصادية تحت مبادرة الحزام والطريق

     
    ستستضيف الصين منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي يوم 14 و15 مايو. فيما يلي الممرات الاقتصادية المقترحة في إطار مبادرة الحزام والطريق.
    -الممر الاقتصادي بين الصين ومنغوليا
    اقترحت الصين فكرة الممر الاقتصادي بين الصين ومنغوليا وروسيا في سبتمبر 2014 خلال الاجتماع الثلاثي الأول لرؤساء الدول الثلاث في دوشانبيه عاصمة طاجيكستان.
    وفي 23 يونيو 2016، توصلت الدول الثلاث إلى ورقة حول خطة التنمية للاقتراح ، وهي أول خطة للتعاون متعدد الأطراف لتشكل جزءا من مبادرة الحزام والطريق.
    ويضم الممر اثنين من الشرايين الرئيسية: واحد يمتد من إقليم بكين – تيانجين – خبي إلي هوهيهوت ومنغوليا وروسيا؛ ويمتد الآخر من مدن داليان وشنيانغ وتشانغتشون وهاربين ومانتشولي الصينية إلي تشيتا الروسية.
    ومن المتوقع تحقيق سبعة مجالات رئيسية للتعاون: الهياكل الأساسية للنقل والاتصال؛ بناء الميناء، وخدمات الجمارك والتفتيش الحدودي والحجر الصحي؛ والقدرة الصناعية والاستثمار؛ التجارة؛ والتبادلات الثقافية والشعبية؛ حماية البيئة؛ والتعاون مع المناطق المجاورة. ويعد النقل هو التركيز الرئيسي.
    -الجسر البري الاورآسي الجديد
    يذكر أن الجسر البري الأورآسي الجديد هو ممر دولي يربط بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي .
    كما إن هذا الجسر “الثاني” الذي يختلف عن الجسر البري السيبيرى الذى يمتد من ميناء فلاديفوستوك بشرقي روسيا إلي موسكو حتى دول أوروبا الغربية، يذهب من المدن الساحلية الصينية ليانيونقانغ وريتشاو إلى روتردام الهولندية وأنتويرب البلجيكية.
    ويمتد خط السكك الحديدية الذي يبلغ طوله 10800 كيلومتر عبر كازاخستان وروسيا وبيلاروسيا وبولندا وألمانيا، ويخدم أكثر من 30 دولة ومنطقة.
    ويذكر أن العديد من خطوط السكك الحديدية العابرة للقارات قد دخلت الخدمة حتى الآن ، الأمر الذي يسلط الضوء على إمكانيات مبادرة الحزام والطريق.
    وتشمل هذه السكك الحديدية خط سكة حديد تشونغتشينغ – شينجيانغ – أوروبا الذي يصل إلى دويسبورغ الألمانية عبر بولندا، وخط سكة حديد تشنغدو – شينجيانغ – أوروبا الذي يصل إلى بولندا، وخط سكة حديد ييوو – شينجيانغ – أوروبا الذي يصل إلى مدريد.
    ويتطور بناء الطرق السريعة وخطوط نقل الطاقة والموانئ ذات الصلة بطريقة ثابتة.
    – الممر الاقتصادي بين الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا
    ويربط الممر الاقتصادي بين الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا وشبه الجزيرة العربية، حيث أن هذا الممر الذي يغطي المنطقة الشاسعة يتبع مسار طريق الحرير القديم.
    يبدأ الممر من منطقة شينجيانغ الصينية ويعبر آسيا الوسطى قبل الوصول إلى الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة العربية وهو يعبر خمسة بلدان في آسيا الوسطى، ما فيها كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان و17 بلدا ومنطقة في غرب آسيا بما في ذلك إيران والسعودية وتركيا.
    -الممر الاقتصادي بين الصين والهند
    يمتد الممر الاقتصادي بين الصين والهند عبر دلتا نهر اللؤلؤ الصينية وطريق نانتشونغ – قوانغآن السريع وسكة حديد ناننينغ – قوانغتشو السريع إلى هانوي وسنغافورة.
    ويعد هذا الجسر البري يربط الصين بشبه جزيرة الهند الصينية ويعبر قلب فيتنام ولاوس وكمبوديا وتايلاند وميانمار وماليزيا. ومن المتوقع أن يعزز تعاون الصين مع دول الآسيان .
    – الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان
    اقترح رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ خلال زيارته لباكستان فى مايو 2013 بناء الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان.
    ويبدأ الممر الذى يبلغ طوله 3000 كيلومتر من كاشجار الصينية وينتهي في جوادار الباكستاني ويربط الحزام الاقتصادي لطريق الحرير في الشمال وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 في الجنوب.
    ويعد الممر شبكة تجارية من الطرق السريعة والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب والكابلات البصرية، وكذلك مشروعا رائدا في إطار مبادرة الحزام والطريق.
    – الممر الاقتصادي بين بنجلاديش والصين والهند وميانمار
    كشفت الصين والهند عن اقتراح لبناء الممر الاقتصادي بين بنجلاديش والصين والهند وميانمار خلال زيارة رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ للهند في مايو 2013 بهدف ربط السوقين الهائلين للصين والهند وتعزيز الربط الإقليمي .
    وفي ديسمبر 2013، عقد الاجتماع الأول لفريق العمل المشترك للممر الاقتصادي بين بنجلاديش والصين والهند وميانمار في كونمينغ، حيث وقعت جميع الأطراف خطة دراسة مشتركة، مما أدى إلى إنشاء آلية للتعاون بين الحكومات الأربع .

  • إطلالة جوية على مقر استضافة منتدى الحزام والطريق

    إطلالة جوية على مقر استضافة منتدى الحزام والطريق

    في الصورة الملتقطة 6 مايو الجاري، فندق كمبينسكي على ضفة بحيرة يانشي بحي هوارو ببكين. سينعقد منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في 14 و15 مايو ببكين، وسيكون مركز المؤتمرات الدولي في بحيرة يانشي بحي هوايرو مقر استضافة المنتدى.

  • متحدث: بكين مستعدة لإقامة المنتدى الأول للحزام والطريق

    متحدث: بكين مستعدة لإقامة المنتدى الأول للحزام والطريق

    قال المتحدث باسم حكومة بلدية بكين، أن العاصمة جاهزة لاستضافة منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي يومي 14 و15 مايو الجاري، حيث تسير الأعمال التحضيرية على أكمل وجه.
    وقال وانغ ون جي المتحدث باسم حكومة بلدية بكين خلال مقابلة خاصة مع وكالة (شينخوا)، إن هذا الحدث سيقام في مركز المؤتمرات الوطني الصيني ومركز بحيرة يانتشي الدولي للمؤتمرات في الضاحية الشمالية لبكين.
    واكتمل بناء جميع مواقع الاجتماعات في مركز المؤتمرات الوطني الصيني حيث سيقام حفل الافتتاح والجلسة العامة للاجتماع رفيع المستوى. كما تم استكمال التجهيزات في مركز يانتشي وهو المكان الرئيسي للمنتدى.
    ويتوقع أن ينتهي المركز الإعلامي الرئيسي داخل مركز المؤتمرات الوطني الصيني اليوم الأربعاء ، بينما سيكون هناك واحد آخر مؤقت في مركز يانتشي.
    وبحسب وانغ، فإن هذا الحدث ضم نحو 2000 متطوع تم تدريبهم جميعا.
    وأضاف وانغ أن المنظمين استخدموا مواد بناء صديقة للبيئة وقابلة للتدوير والورق المعاد تدويره. وتعلموا من تنظيم الاجتماع الـ22 لقادة اقتصاديات منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في عام 2014، وقدموا أفكارا جديدة لتسليط الضوء على موضوع المنتدى.
    وصنع طهاه الطعام ما يزيد عن 800 صنف يعكس العادات والثقافات في البلدان على طول الحزام والطريق.
    ويأمل المنظمون الحد من تأثير الحدث على حياة المواطنين اليومية. لذلك لن يتم تطبيق ضوابط الطوارئ على المركبات، ما يعني أن السيارات ستسير وفقا لضوابط لوحة الترخيص الخاصة بالأرقام الفردية أو الزوجية، كما لم يتم منح إجازات أو عطلات .
    ومن المتوقع أن توقع أكثر من 20 دولة و20 منظمة دولية على مذكرات تعاون مع الصين خلال المنتدى الذي سيجمع ممثلين من 110 دول.
    وتتكون مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين في 2013 من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ 21. وتهدف المبادرة إلى بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية تربط آسيا مع أوروبا وأفريقيا، وما وراءها من الطرق التجارية لطريق الحرير القديم.

  • مقالة : التعاون في العلوم والابتكار يفيد بلدان الحزام والطريق

    مقالة : التعاون في العلوم والابتكار يفيد بلدان الحزام والطريق

    وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
    تهدف الصين إلى إكمال شبكة تعاون أساسية في مجال التكنولوجيا للدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق بحلول عام 2030.

    وأدلى باي تشون لي رئيس الأكاديمية الصينية للعلوم بهذه التصريحات في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء في بكين، مشيرا إلى أن الشبكة لا غني عنها لتطوير العلوم والابتكار بحلول منتصف القرن الحالي.

    وقال “منذ إتمام طرح المبادرة في عام 2013، وسعت الأكاديمية تعاونها وتواصلها العالميين ، نحن نقدم الدعم والخدمات التكنولوجية لمساعدة البلدان في معالجة القضايا العملية”.

    وذكر أن الأكاديمية بدأت مبادرة التواصل الدولي وتتعاون بشكل وثيق مع الأكاديمية العالمية للعلوم للنهوض بالعلوم في الدول النامية.

    وأضاف باي أن الأكاديمية الصينية للعلوم قامت بتدريب حوالي 1800 شخص من دول الحزام والطريق، تركزا على قضايا مشتركة مثل تغير المناخ وأمان المياه والطاقة الخضراء والوقاية من الكوارث والإغاثة منها .

    وأردف ” إن العديد من الدول لديها نظم ايكولوجية هشة ، والصين لديها أيضا قضايا مماثلة”، مضيفا ” أن بحثنا يهدف إلى المساعدة، وفي الوقت نفسه فإن التكنولوجيات المتقدمة من الدول الأخرى مثل الوقاية من العواصف الرملية يمكن أن تفيدنا “.

    وتقوم الأكاديمية بإنشاء تسعة قواعد خارجية للتعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، كما أطلقت أكثر من 20 مشروعا علميا رئيسيا للتصدي للتحديات المشتركة التي تواجهها بلدان الحزام والطريق مثل مراقبة الطقس.

    وتابع باي قوله ” إن ذلك أجزاء من شبكة التعاون العلمي الدولي للأكاديمية الذي يركز على تقديم المشورة الإستراتيجية والتعاون في مجال العلوم التكنولوجيا والتدريب والاستغلال التجاري للإنجازات العلمية”.

    ويقوم أكثر من 30 ألف عالم أجنبي بزيارة الأكاديمية للمشاركة في التبادلات والتعاون كل عام ويعمل 2000 منهم حاليا في الأكاديمية في معظم المجالات الأكاديمية.

    واجتذبت الصين أكثرمن 1500 طالب أجنبي من الدول النامية، في حين تخطط الأكاديمية لتدريب حوالي 500 طالب ماجستير ودكتوراه سنويا وفقا لما ذكره تساو جينغ هوا، مدير التعاون الدولي بالأكاديمية الصينية للعلوم.

    وقال باي ” إن المواهب تشكل الأسس للتبادلات والتعاون”، مضيفا ” إننا نأمل في أن تتمكن برامجنا من تزويد الطلاب الأجانب بالمهارات اللازمة لتقديم المساهمة في بلادهم ، الأمر الذي سيفيد مبادرة الحزام والطريق على المدى الطويل”.

    وذكر باي أن الأكاديمية ستواصل توسيع شبكة التعاون القائمة على هذه المزايا ودفعها في النهاية إلى المسرح العالمي.

    وحتى الآن ، شاركت 22 بلدا في الإطار الأولي للأكاديمية ، وقال باي ” إننا نرحب بالدول الأخرى للمشاركة في الشبكة والمشاركة في بناء الحزام والطريق “.

    هذا وستستضيف الصين منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي يومي 14 و15 مايو الجاري.

    وكشف الرئيس الصيني شي جين بينغ عن اقتراح الصين لبناء حزام اقتصادي على طريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، أي مبادرة الحزام والطريق، بالتعاون مع البلدان ذات الصلة خلال زيارته لوسط وجنوب شرق آسيا في سبتمبر وأكتوبر 2013.

    وتركز المبادرة على تعزيز تنسيق السياسات وترابط البنية الأساسية وتسهيل التجارة والتكامل المالي والتفاهم المتبادل بين الشعوب من خلال التشاور المكثف والمساهمة المشتركة والمنافع المشتركة، بهدف تحقيق منافع للجميع.

    وبحلول نهاية عام 2016، أعربت أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية وإقليمية عن اهتمامها بالمشاركة في بناء الحزام والطريق، كما وقعت أكثر من 40 بلدا ومنظمة دولية اتفاقات تعاون مع الصين في هذا الصدد

  • تعليق: مبادرة “الحزام والطريق” ترسخ جذورها فى الشرق الأوسط

    تعليق: مبادرة “الحزام والطريق” ترسخ جذورها فى الشرق الأوسط

    صحيفة الشعب الصينية ـ
    بقلم:ليو باو لاي،نائب الرئيس السابق للجمعية الصينية للدبلوماسية الشعبية،السفير الصيني السابق فى الشرق الأوسط وكبير الباحثين فى الصندوق الصيني للدراسات الدولية:

    أثار منتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي الذي سينعقد يومي 14 و15 مايو الحالي ببكين اهتماما كبيرا فى المجتمع الدولي ونقاشا ساخنا فى وسائل الإعلام الكثيرة. وأعتقد أن منطقة الشرق الاوسط تحل مكانة مهمة إذا ما استعرضنا عملية بناء ” الحزام والطريق”، حيث حصدت انجازات كبيرة فى التعاون مع الصين فى هذا الصدد.

    أولا، التعزيز المستمر للثقة السياسية المتبادلة بين الصين والشرق الأوسط.

    توصلت الصين ودول الشرق الاوسط إلى ثلاثة توافقات بشأن بناء “الحزام والطريق”:أولا،بناء “الحزام والطريق” يقود اتجاه التعاون الاستراتيجي بين الجانبين.حيث أنشأ الجانبان آلية الحوار الاستراتيجي السياسي،وأصبح التصميم على أعلى مستوى للعلاقات الثنائية أكثر نضجا،ويلعب “منتدى التعاون الصيني – العربي” دورا مهما فى هذا المجال.كما عززت الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بين إلى ثلاثة دول فى الشرق الأوسط ،السعودية ومصر وإيران الثقة المتبادلة. وقد تم خلال زيارة شي التوقيع على 52 اتفاقية تعاون،ما فتح صفحة جديدة لبناء “الحزام والطريق “بين الصين ودول الشرق الأوسط.ثانيا،التكامل الكبير بين الجانبين وتمتعهما بفضاء واسع ومجالات متعددة للتعاون،مما يمكن للجانبين الاستفادة من بعضهما البعض ،كما يمكنهما التحالف لتعزيز المزايا. وفى هذا الصدد، تمتلك الصين مزايا فى السلع والتكنولوجيا والاستثمار والسوق وغيرها من العوامل التى تحتاج إليها منطقة الشرق الأوسط،وفي المقابل ، يتوفر لدى الشرق الأوسط الطاقة والاستثمار والسوق وغيرها من العوامل التى تحتاج إليها الصين.ثالثا،الجانبان لديهما الحماسة فى التعاون.حيث تعزز الصين الانفتاح على الخارج من أجل إنجاز هدف بناء مجتمع رغيد العيش على نحو معتدل بحلول عام 2020.فى حين تهدف دول الشرق الأوسط إلى تحقيق الاستقرار فى الوضع السياسي وانعاش الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب،وتسرع فى تطبيق سياسة “التوجه إلى الشرق”، فترغب فى ربط خططها للتنمية بمبادرة “الحزام والطريق”.

    ثانيا،التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والشرق الأوسط قوي

    أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية؛ وحققت المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة الصينية ــ الخليجية تقدما كبيرا؛ وتم توقيع اتفاقيات تعاون حجمها 183 مليار يوان خلال الدورة الثانية لمعرض الصين والدول العربية،و أصبح المعرض منصة مهمة لبناء صيني –عربي مشترك لـ “الحزام والطريق”.

    ثالثا،إحراز الجانبين تقدما فى تنفيذ مشاريع التعاون فى القدرة الانتاجية

    تم تشييد المرحلة الثانية من مشروع السكك الحديدية فائقة السرعة بين أنقرة واسطنبول الذى انشاته شركة صينية فى تركيا. وتم تدشين مصفاة “ياسرف” لعملاقي صناعة النفط أرامكو السعودية وشركة سينوبك الصينية فى يناير عام 2016،وتبلغ الطاقة التكريرية لهذه المصفاة 400 ألف برميل يوميا (حوالى 20 مليون طن سنويا). وتعتبر مصفاة “ياسرف” الأولى من نوعها لشركة سينوبك فى الخارج،وأكبر مشروع استثماري للصين فى السعودية. كما قد تم إكمال بناء المرحلة الأولى من المشروع والتي تبلغ مساحتها 1.34 كيلومتر مربع قبل سنوات،وأزيح الستار عن المرحلة الثانية لمشروع المنطقة والتى تبلغ مساحتها كيلومترين مربعين فى يناير عام 2016 أيضا. وتجذب المنطقة أكثر من 100 شركة صينية فى صناعة المنسوجات والملابس والمعدات النفطية والدراجات النارية والطاقة الشمسية،إلخ،وستوفر هذه الشركات أكثر من عشر آلاف فرصة عمل فى مصر. وبالإضافة إلى ذلك،تم افتتاح المركز الصينى العربى لنقل التكنولوجيا وتوقيع اتفاقية التعاون بشأن تشغيل نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية وتأسيس مركز التدريب للطاقة النظيفة وغيرها من المشاريع.

    رابعا،تعزيز الدعم المالي المتبادل بين الجانبين

    أصبحت عشر دول فى الشرق الأوسط من الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية،وهى قطر، عمان، الكويت، السعودية، الإمارات، الأردن، مصر، إيران، تركيا واسرائيل.هذا من جانب،ومن جانب آخر،فتح البنك الصناعي والتجاري الصيني فروعها فى دبي وأبو ظبي والدوحة والكويت والرياض واسطنبول.كما وقعت الصين اتفاقيات مقايضة العملات الثنائية مع الإمارات وقطر.وخصصت الصين قروضا خاصة بدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط بقيمة 15 مليار دولار تستخدم في مشاريع تعاونية مع دول المنطقة في مجالات الطاقة الإنتاجية والبنية التحتية.

    خامسا،التبادلات الثقافية بين الجانبين نشطة

    حددت الصين والدول العربية ، عام 2014 وعام 2015 كعام للصداقة الصينية- العربية،وأقيم فى إطاره المنتدي الصيني – العربي لوزراء الثقافة،والدورة الثالثة لمهرجان الفنون العربية والدورة الأولى لمنتدى المدن الصينية والعربية.ووصل عدد الطلاب العرب الدارسين فى الصين إلى 14 ألف شخص إلى حد نهاية عام 2015.ومع التطور السريع لتدريس اللغة الصينية فى الدول العربية، فتحت الصين 11 معهد كونفوشيوس و3 فصول كونفوشيوس فى 9 دول عربية.وتخطط الصين تنظيم فعاليات تبادل ثقافي واسعة النطاق مع دول الشرق الأوسط كل سنة ،ونظمت ندوات مختلفة أيضا،ما يلعب دورا متزايد الاهتمام لتعزيز التبادلات الشعبي بين الصين ودول الشرق الأوسط.

  • آراء في قمة “مبادرة الحِزام والطريق”

    آراء في قمة “مبادرة الحِزام والطريق”

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عرية ـ
    بقلم: الأكاديمي مرَوان سُوداح و يَلينَا نِيدوغِينَا*:

     

      عَوضَاً عَن المُقدّمِة

    تشهد جمهورية الصين الشعبية في منتصف مايو/ أيار 2017م، إنعقاد قمة مُبادرة “حزام واحد ـ طريق واحد”، التي يَحضرها بحسب إعلان وزارة الخارجية الصينية، عددٌ ضخم من قادة الدول والمنظمات والاتحادات الدولية والإقليمية والقارّية، ورجال المال والأعمال وكبار الشخصيات الحكومية والإجتماعية الحالية والسابقة، والخُبراء من شتى أنحاء العالم. ويُعتبر هذا التمثيل الأضخم من نوعه عالمياً، وسيَشهد على تأييد كوني للمبادرة الصينية لم يَسبق له مَثيل لمبادرات دولية أخرى منذ عشرات السنين.

     

    ولقد أصاب المُتحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية الصينية (لو كانغ)، في تصريح صحفي له في أبريل/ نيسان، خلال حديثه عن الإقبال الواضح على حضور القمة بأنه: “دليل على أهمية هذا المُنتدى العالمي”، وبأنه “انعكاس للتأييد الكبير الذي تحظى به المبادرة” الرئاسية الصينية الحزام والطريق، إذ تشير مختلف المراجع الى أن أكثر من 100 دولة قد وقّعت مع الصين إتفاقيات تعاون ذات صِلة بشأن المبادرة (عند إعداد هذه المقالة)، وتستمر بدعمها والإعراب عن رغباتها في المُشاركة ببنائها، كما وقّعت أكثر من 50 منظمة وهيئة دولية وثائق متعلقة بالمشاركة في صروح المبادرة.

    ومن الضروري الإشارة هنا، إلى أن الصين كانت طرحت على لسان الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية الرفيق شي جين بينغ، في عام 2013، في كازاخستان، مبادرة “حزام  طريق الحرير البري وطريق الحرير البحري للقرن الـ21″، والتي يُطلق عليها أيضاً إسم “حزام واحد – طريق واحد”. وتُعدُ هذه المبادرة شبكةً للنقل عابرة لمختلف الحدود الدولية، تربط قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، بِهدف تعزيز التنمية المشتركة والتفاهم الإنساني والسياسي والاقتصادي الأشمل بين الدول المَعنية.

    ويأتي انعقاد القمة الجديدة لنيل تأييد عالمي للمقترح الصيني الأممي للتنمية العالمية من خلال هذه المبادرة، التي تؤكد استعادتها المدوية للأمجاد والعَقد الإنساني – الدولي لطريق الحرير الصيني القديم، البري والبحري. ونلمس اليوم ومنذ بداية العام، كيف تبذل الصين، قيادة وشعباً، قصارى جهدها للخروج بهذا الحدث على أعلى مستوى، وستغدو القمة القريبة بلا شك، المنصة الأفضل للتعاون بين الدول، وبخاصة الآسيوية والأوروبية والإفريقية، ذلك أن الصينَ لم تتوانَ عن الارتقاء بها من جميع الجوانب، رغبة بإنجاحها الأكثر تميزاً، ولتكون الأعلى مستوىً وإثماراً بين مختلف المبادرات الدولية والقارية وليغدو زمننا هذا بحق وبلا مُنازع: (عَصر الحِزام والطَّريق الصِّيني).

    ويَحق لنا القول بهذه المناسبة، وفي تقييمنا للتأييد العالمي للصين، على خلفية اجتماع ممثلي العالم لتأييد السياسة الاقتصادية الصينية، أنه لم يَسبق لأطراف المجتمع الدولي بجميع أمزجته وملامحه وتحالفاته، وفي لحظة سياسية وعسكرية حرجة تجاور الصين وتعلو فيها تهديدات إدارة الولايات المتحدة لجمهورية الصين الشعبية وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، الاجتماع في أجواء آمنة بحماية الصين الشريفة قيادةً وجيشاً وعلى هذا النحو الأرقى كما يُخطط له، لإبداء رأيهم بالمبادرة ومناقشتها والتقدم للصين بإقتراحاتهم ورؤآهم بصددِها، بل ان هذا الاجتماع سيعمل على تبريد الوضع الدولي المُتفاقم في شرقي آسيا والمُنذر بعواقب وَخيمة لا يُحمد عُقباها.

    فهذه هي المرة الأولى في تاريخ البشرية التي يتفق خلالها جميع المُمثلِّين الدوليين على أهمية الصين ونفع مبادراتها للبشرية، وهو بحد ذاته اعتراف صريح ومباشر بأن الصين تحوز على المكانة الاولى عالمياً في حِراكاتها الاقتصادية، فها هي دول العالم تسارع للوصول إلى الصين، التي تنتقل مع مناقشة المبادرة إلى التصنيف الأول في المجال الإنساني والاقتصادي.

    وفي الجانب الآخر، لفتت الصين بمبادرتها هذه، أنها لا تتخذ قرارات من جانب واحد لتطبيقها عالمياً على الجميع، بل تسارع لدعوة العالم كله لمناقشتها والاستفادة من آراء غيرها بشأنها، وهو مظهر جديد في العلاقات الدولية، حين تطرح دولة ما مبادرة وطنية أولا، ودولية بمساراتها وأبعادها ثانياً، بغية مناقشتها عالمياً، وبعد اتفاق العالم عليها، تقوم بإقرارها بموافقة الجميع دون استثناء، “الكبير و الصغير” على حد سواء، وليس بموافقة أغلبية  الحضور أو بعضهم، أو الأكثر تأثيراً دولياً فيهم، كما كان أمر طرح مبادرات واقتراحات دولية غربية وأمريكية أخرى كثيرة ومثيرة للجدل، قبل الإعلان عن المبادرة الصينية التي سترسي “الجماعية” بعُروةٍ وثقى، وتؤكد التوافق الدولي الحكومي والأهلي العام في عناوين مبادراتها الاممية.

    حتى عهد قريب، كانت الولايات المتحدة الامريكية ومختلف الدول الغربية، المتربولية، هي التي توجّه البشرية عنوةً نحوها، وتربطها برباطها ومشيئتها الجمعية، دون استئذان ودون طلب موافقة منها، وترغم الحكومات والأمم على الموافقة على مطالبها ومبادراتها الأحادية الجانب دون مشاورتها.

    لكن الصين استبدلت للعالم الغرب بأكلمه بصروحها ومبادراتها الانسانية، حين نالت شرف تأييد الشرق والغرب معاً، والشمال والجنوب الأرضي على حد سواء على مبادراتها السلمية، التي تهدف إلى المساهمة برفد ورفع قدرات مختلف الطبقات الاجتماعية والدول – بغض النظر عن توجهاتها وتركيبتها السياسية والأيديولوجية – في عَملانية دولية واحدة ومتكاملة للتقدم الاقتصادي، وفتح الأبواب على مصاريعها لتبادلات تجارية حرّة ونافعة، ولإرساء قاعدة التقارب السياسي الشامل، فتذليل الموانع الأيديولوجية لدى البعض المتصلب بعدم التفاهم مع الآخر أو التعاون معه، وأسقطت بمبادراتها العالمية السلمية (الأنا السياسية الإستعلائية) لكل جهة مستعلية، ما سيؤدي إلى تراجع وقنوط الأيديولوجيات المناهضة للإنسانية وضمور منطلقاتها وتجفيف أسانيدها، على قاعدة التعاون الإنساني والاقتصادي الأوسع والأشمل للبشرية بأكملها، بدعم من الصين وبمساندة من قيادتها المُستمسِكة بالسلام الدائم والشامل والناجز، سيّما سلام العقول والأنفس والحَيوات البشرية.

    نرى بأن المبادرة تُعقد في أجواء إيجابية وتعاونية عالمية مجيّشة بروح تبادلات جماعية وثـّابة، وسيجد جميع المندوبين أنفسهم في الصين أمام واقع إنساني وبشري عالمي من طراز دولي جديد، بدأ يتشكّل بدفع صيني، لا يُهدّد أحداً، ولا يَعتدي على حقوق أحد، ذلك أن المبادرة الصينية تستهدف الجميع بإيجابياتها، إذ أن خواصها وقواعدها وثمارها إيجابية محض، فهي خالية من السلبيات و(القهرية) التي إتّسمت بها القرون الخوالي في العلاقات الدولية، إذ أن هدف القيادة الصينية الحزبية والحكومية إنما ينصبُ على وجه الخصوص من أجل الارتقاء باقتصادات الدول الضعيفة والنامية والفقيرة، ولتمكين شعوبها من فـُرص التشغيل والأعمال والاستثمار. بينما توضع الدول الغربية الكبرى أمام واقع جديد للتعاون الشامل، وحَصد الأرباح السلمية – المدنية، في إطار طقس التعاون المتبادل، والنفع والكسب المشترك، وهي مبادئ أساسية وواقعية، ترفعها الصين شعاراً حقيقياً لها، وتشكّل أركان المبادرة الصينية وكل مبادرة صينية أخرى، بحيث لا يتم تهميش أي طرف مُشارك، ولا الانتقاص من جهة ما، بغض النظر عن حجمها المادي ومكانتها المعنوية وتاريخها.. وإمكاناتها المالية والاستثمارية.. وطبيعة وضعها الاقتصادي وبٌنيته.

    قمّة المُبادرة الشِّيجينبِيِنغيّة وخُلاصَاتها

     منذ 2013م عندما طرح الرئيس شي جين بينغ مفهوم مبادرة البناء المشترك لـ”الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” ومفهوم “طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين” (إختصاراً: الحزام والطريق)، غدا المفهومان أساساً للسياسة الصينية مع دول وحكومات العالم، سيّما لأنهما ينجحان في وراثة وتطوير “طريق الحرير” القديم بشقيه البري والبحري، فأصبحت المبادرة الشيجينبينغية، الإستراتيجية المتوسطة والطويلة الأمد لعلاقات الصين الخارجية.

     إن طرح هذين المفهومين إنما يهدف صينياً أولاً إلى: إنهاض مناطق غرب الصين أولاً وتطويرها لتكون على مستوى إقليم الشرق الصيني؛ وثانياً إلى الانفتاح على روسيا وتعزيز التحالف الإستراتيجي الشامل معها؛ وثالثاً الوصول إلى دول آسيا الوسطى المهمة للصين والعالم والتعاون معها، من خلال تعزيز التبادلات المختلفة بالاتجاهين وتدفق هذه التبادلات إلى دول الجوار في المقام الرئيس ونحو الصين ولبعضها بعضاً. لذا، يمكننا هنا أن نفهم وندرك، لماذا تم في عام 2014، الوصول الى توافق وتفاهم صيني – روسي عميق بين الرئيسين (شي جين بينغ) و (فلاديمير بوتين)، مفاده رغبة ببناء “الحزام والطريق”،  أولاً وقبل كل شيء بجهود البلدين الجارين والحليفين. لذلك، يتطلع الزعيمان الصيني والروسي الى لقاء بعضهما بعضاً خلال قمة المبادرة ونأمل أن يكونا بذلك قد أكدا على نحو حاسم رياديتهما العالمية.

     وهنا بالذات نُؤكد، أن أهمية المبادرة الصينية تهدف فيما تهدف إليه، إلى نزع فتيل الأزمة العالمية التي تؤججها أمريكا مع الصين، فقد عَمدت الإدارات الامريكية على التتالي الى جذب عدة دول آسيوية لنفسها لتطبّق من خلالها تطبيقاتها السياسية “المُبدعة!” ضمن المبدأ الأمريكي الاستعماري التقليدي في (الاحتواء الجماعي والمزدوج)، ولإبعاد تلك الدول عن الصين وبذر الخلافات بينها وبين بيجين. ومن تلك الدول كانت فيتنام، التي كانت حليفة عميقة للصين خلال حرب فيتنام الطويلة والشهيرة، ومنها كانت كذلك الفلبين، والهدف الامريكي كان وما يزال إشعال مواجهة بينها وبين الصين في ملعب الصبن الاستراتيجي بالذات، وبهدف منافسة الصين أيضاً على آسيا الشرقية، فقد اكتشفت أمريكا إن فقدانها دولاً أسيوية ما بإيقاف تنافسها مع الصين، سيؤدي لا محالة الى فقدانها ليس هذه الدول فحسب، بل والمنطقة الشرقية من آسيا وبالتالي عُمق آسيا، وهو ما يحدث الآن بالفعل في التراجع الأمريكي في آسيا الشرقية.

    وهنا نرى مرات أخرى، أن المبادرة الصينية إنما هي خيار وسبيل جديد لا غلو فيه ولا انتقاص من أحد، وبغض النظر عن التاريخ الايجابي أو السلبي للآخرين مع الصين، ولكون المبادرة وبغض النظر عن التقلبات الحادة والخطيرة في الوضع الدولي، ستعزز وتعمق سياسة الصين وروسيا المتمثلة في توطيد وتعميق شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة ونشر الاستقرار والكسب الجماعي في آسيا، وتأصيل أهدافهما المشتركة في تحقيق التنمية والنهضة المشتركة، وتصميمهما على حماية العدل والعدالة الدوليين، وضمان السلام والاستقرار في قارة آسيا ورياح العالم. وبضمن هذا، ترفض الدولتان سياسة الحِمائية والإنعزالية ضيقة الأفق وحبس البشرية في قوقعة غربية ضيقة. لذلك تخرج المبادرة عن كل نطاق ضيق، وتفيض الى رحاب العالم أجمع بمجموعة كبيرة من الإيجابيات، وبطرح الخَيارات والفضاءات في المجالات التي منها الآسيوي والافريقي والأوروبي والأمريكي والغربي عموماً، بشمولية التكامل والتنمية الاقتصادية برعاية صينية. وهنا، فإن الصين كانت على الدوام ترغب بشدة في أن يندمج اقتصادها المتنامي والمتعاظم مع الاقتصاد العالمي لأجل ثبات الرأسمال، وديمومة التجديدات التكنولوجية والخبرات والأسواق. ومع بداية القرن الـ21، أصبح الاقتصاد الصيني ضخماً للغاية ومهماً بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية والاقتصاد العالمي برمته، وبات من الصعوبة بمكان التغاضي عنه أو إغلاق البوابة الاقتصادية في وجه الصين وعزلها عن العالم.

    لذلك، وفي إمتداد طريق المبادرة الى أبعد من آسيا عموماً، أكد الرئيس شي في كلمته في كلية أوروبا في “بروج البلجيكية”، إرتباط التعاون ما بين الصين وأوروبا ببناء “الحزام والطريق”، وأشار إلى أن زيارتيه الاستراتيجيتين إلى أوروبا في عام 2014 إنما ترمزان إلى مشاركة أوروبا في “الحزام والطريق”. وفي عام 2015، أكد الرئيس شي في كلمته في قمة الأعمال الصينية – البريطانية، أن “الحزام والطريق” سوف يمران بأفريقيا ويربطان بين آسيا وأوروبا. فمبادرة “الحزام والطريق” تتجاوز نطاق “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير القديم” وحدود دبلوماسية الجوار الى أبعد منها، لتشكل منصة مشتركة للتنمية، مفتوحة وشاملة وتعاونية، لكل الدول بدون استثناء.

     المبادرة الصينية “تحكي بنفسها عن نفسها!”. فـ”هي مِن الصين للعالم”، و “مِن العالم للصين”. كيف ذلك؟

     ترى المبادرة أنها “ليست صينية خالصة”، بل أممية محض، وإن كانت الصين قد تقدّمت بها وسوف تعمل على توظيف أموالها الطائلة في استثمارات هي الأكثر حيوية على جانبي طريق المبادرة في 3 قارات أولاً.

     

     و المبادرة الصينية كما نراها شخصياً ونثق وجدانياً وعقلياً أنها: “مَنصّة تنمية عولمية مشتركة مفتوحة وشاملة وتعاونية”، و”هدية ثمينة من الصين الشعبية للعالم أجمع”. وترى الصين فيها كما نعتقد “عَملانيةً مُشتركةً للجميع”. فهي “لن تُثمر بيد صينية واحدة” فقط ومعزولة عن العالم، بل “تحتاج الصين لكل الأيادي العالمية لإنجاحها”، ولمختلف الجهود والتوظيفات الإعلامية والسيكولوجية والسوسيولوجية الأُممية، ولشتى العُقول والمشاعر، والأهم المطلوب هو “جَمعُ الثقافات الإنسانية وشعوب العالم وقومياته الكثيرة نحو هدف واحد” هو “تحويل العَالَم سلمياً”، وبالذات “على طريق الأمن والأمان” و”لتوزيع الثروات بعدالة التوزيع على الجميع”، “من خلال الاقتصاد المُشترك والتجارة الأسرع والرابحة للكل”، و”لتشييد جسور المَنافع المُستدامة والكسب المشترك المُتساوي الحقوق، وبدون تغول أحدٍ على أحَد”.  

    إضافة الى ذلك كلّه، غدت مبادرة الحزام والطريق أضخم فعالية دولية للخدمات شُهرةً بين دول العالم ومنصة للتعاون الدولي الأفضل والشريف بمهامه وآلياته وأهدافه ولفتح آفاق عالمية أكثر إشراقا على كل العالم.

    إن الأُفق الرحب والاستراتيجي للمبادرة يَنال الإعجاب عالمياً على المَديات القصيرة والطويلة، وذلك لأن هذه المنصة تهتم بدفع الدول الواقعة على طول “الحزام والطريق” إلى مشاركة الصين في جُملة إنجازاتها الاقتصادية عن طريق استخدام مزايا الصين التنموية ورغبتها بتنمية نفسها والعالم بدرجة متساوية ونافعة للجميع.

    وعلى المدى المتوسط، نُشاطر الرأي القائل، أن هذه المبادرة تربط ما بين التنمية الاقتصادية الصينية السريعة ومصالح الدول الواقعة على طول الطريق، وتعزز التكامل الاقتصادي في منطقتي آسيا والمحيط الهادئ. وعلى المدى الطويل، مع تعمّق المبادرة، سوف تساهم وتساعد في تحسين منظومة إدارة الاقتصاد الدولي، وفي دفع تحسين المبادئ الدولية في مجالي التجارة والاستثمار والمجالات المعنية، وفي تحقيق التوازن بين “الدول المركزية” والدول الهامشية” في نظام الاقتصاد الدولي”.

    القمّة: نحو أمم متحدة جديدة

    وفي القمة، وفي مشاركة موضوعها الاستثماري الدولي الكثيف في كل الميادين، وقد بدأ بالتدريج منذ العام 2015م، ستعمل القمة على ما يوصف بأنه “الاصطفاف المُتدرج” للعالم على الأرض الصينية وفي مصلحة دوله المشاركة في مشروع “الحزام والطريق” الدولي، سيّما أن احتياطيات الصين الضخمة من النقد الأجنبي وقُدراتها المالية الفلكية، تضمن الدفع نحو تطبيق بناء “الحزام والطريق” في اتجاهات مختلفة وفي آن واحد، فمن المتوقع أن تغطي تفعيلات المبادرة أكثر من 60 في المئة من سكان العالم، وأكثر من ثلث الناتج الاقتصادي العالمي.

    وفي كل ما تقدّم نلمس أن الصين تتحول بقمّة المبادرة الى مركز رئيس لـ (هيئة أمم متحدة جديدة) تتكون من العالم كله، مع فارق بسيط وجوهري بينها وبين المنظمة الحالية، الرسمية، للامم المتحدة، هو أن الصين “تجمع العالم ليس للتشاور والنقاش فحسب، ولا لإتخاذ القرارت ضد بعضها البعض وكيل الاتهامات، بل للعمل المُنتج والنافع بالتصويت جماعياً على مصير الاقتصادي والإنساني للعالم”، حيث يُفترض أن توافق مُختلف الدول المُشاركة في القمة في مايو/ أيار، على شتى القرارات والاقتراحات التي تتخذها هي نفسها بنفسها ولمصلحتها، “فتنجح الصين في ذلك” وبه أيّما نجاح. وهذه الحالة الفريدة في شكلها ونوعها وجوهرها تاريخياً بجذب دول وامم العالم اليها برضاها ولأجل مصلحتها الفردية والجماعية في آن واحد، ستُرسَّخُ بلا شك نوازع العالم الجديد الذي ما يزال جَنيناً يَنمو، ودون أي تضارب مصلحي بين بعضها البعض، ودون أن يَسودها أية ضغائن أو حروب أو نزاعات من أي جِنس.

    و ها هي دول وأمم العالم تجتمع في الصين، في وقت حالي تتطلع فيه شعوب كثيرة إلى إحتياطي الصين الكبير من النقد الأجنبي، الذي يُمكن أن يُقدّم إليها الضمانة المالية كدول نامية تفتقر إلى قدرات الاستثمار، ذلك ان اقتصاداتها تدور في حلقة مفرغة، تتمثل في نقص مدخراتها المحلية والافتقار إلى القدرة على إقامة مشروعات بُنية تحتية ضخمة، وتقييد البُنية التحتية المتخلفة لجهود تنمية الاقتصاد.

    لذلك، نرى كيف أن الصين تعمد إلى تقوية استثماراتها في الدول الآسيوية، أولاً لضمان إنسيابية سبيل المبادرة الى أبعد من آسيا. فحسب إحصاءات وزارة التجارة الصينية، في عام 2015، بلغ حجم الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية في دول “الحزام والطريق” 14.8 مليار دولار أمريكي، بزيادة 18% عن سنة 2014، وبلغ حجم عقود المقاولة الخارجية الجديدة 29.6 مليار دولار أمريكي بزيادة 7.4 % عن سنة 2014. وفي الفترة من كانون الثاني/ يناير حتى حزيران/ يونيو 2016، زاد حجم عقود المقاولات الخارجية التي وقعتها الشركات الصينية مع دول “الحزام والطريق” بنسبة 37% مقارنة مع نفس الفترة في السنة السابقة. وقد قدّمت الصين مجموعة كاملة من الحلول الفعّالة من حيث التكلفة، للدول الواقعة على طول “الحزام والطريق”.

    لذلك، ولأسباب كثيرة أخرى، نتمنى لمختلف الجهات الحاضرة والفاعلة  في قمة المبادرة في الصين، كامل النجاح في رسم صرح عالمٍ جديد، واستنباط المزيد من الأسباب المؤدية إلى نشر شامل للعدالة والسلام في دول العالم أجمع.

     

     

    *يلينا نيدوغينا والأكاديمي مروان سوداح: رئيسة تحرير ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتـّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الاردن.

  • الحريري في مؤتمر طريق الحرير: خيارنا سلوك طريق الأمل وتحقيق الاستقرار والتنمية

    الحريري في مؤتمر طريق الحرير: خيارنا سلوك طريق الأمل وتحقيق الاستقرار والتنمية

    اكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، خلال رعايته مؤتمر طريق الحرير “حزام واحد وطريق واحد في لبنان”، الذي تنظمه مجموعة فرنسبنك وغرفة التجارة الدولية لطريق الحرير، في مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي، “ان تلاقي الحضارات والثقافات والأديان هو الطريقة الوحيدة لمكافحة التطرف والتعصب والعنصرية والانعزال”.

    واشار الحريري الى “ان الاستثمار في لبنان اليوم يعني الاستعداد لإعادة الاعمار في سوريا”، معتبرا ان “اعادة اعمار سوريا هو جزء من عمل لبنان بعد انتهاء الازمة السورية وعودة اللاجئين”. وقال: “هذا الاستثمار سيسمح لاقتصادنا بأن ينطلق لتعويض الانخفاض الحاد في النمو والعمالة الذي شعرنا به منذ بدء الأزمة السورية”.

    وأعلن “ان حكومتي اعتمدت مقاربة جديدة للتعامل، مع تحدي استضافة أكثر من 1.5 مليون نازح سوري”، وقال: “نشكر المجتمع الدولي على المساعدة الانسانية للاجئين الا ان البنى التحتية لم تصمم كي تتحمل هذا العدد الهائل من السكان”، آملا أن تستمر هذه المساعدة”.

    وأعلن “ان الأمن والاستقرار في بلدنا هما الأولوية القصوى لحكومتي، وهما ما ينبغي أن يكون أولوية لكل من يريد أن يحافظ على هذه القيم في العالم اليوم”، مؤكدا “ان لبنان أهم من أن يترك وحيدا، فهو نموذج للتعايش والحوار وهو النموذج لتسوية سياسية تسعى إليها الكثير من الأزمات في المنطقة اليوم”.

    وقال: “إن خيارنا هو سلوك طريق الأمل وتحقيق الاستقرار والتنمية وهذا هو الاتجاه الوحيد الذي يقودنا جميعا إليه “طريق الحرير”.

    وأكد ان العلاقات بين لبنان والصين قديمة وقد تطورت مع نمو النقل والاتصالات، ولبنان شكل نقطة تلاق بين الغرب والشرق”.

  • تعليق: تنامي الدور الصيني البناء في الشرق الأوسط

    تعليق: تنامي الدور الصيني البناء في الشرق الأوسط

    صحيفة الشعب الصينية ـ
    بقلم هوا إي شنغ، خبير في الشؤون الدولية:

    بعد زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى الصين، أدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو زيارة رسمية إلى الصين أيضا. ويبدو أن ذلك لم يكن من محض المصادفة. فقبل 4 سنوات، أدى كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو زيارة متزامنة إلى الصين، مباشرة بعد تولي القيادة الجديدة الحكم في الصين. وفي بداية العام الماضي، قام الرئيس شي جين بينغ بجولة شرق أوسطية شملت السعودية ومصر وإيران. وتعد الدول المذكورة أطرافا دولا مركزية في الشرق الأوسط، تتميز علاقاتها البينية بقدر كبير من التداخل والتعقد. لكن، جميع هذه الدول تجمعها علاقات طيبة مع الصين، وتستطيع الصين أن تجد لغة الحوار معهم جميعا. وهو ما يعكس الدور البناء الذي تستطيع الصين أن تلعبه في منطقة الشرق الأوسط.

    يتجسد الدور الصيني البناء في الجوانب الثلاثة التالية:

    أولا، دفع التنمية الإقليمية من خلال التعاون التجاري والإقتصادي. حيث تعود جذور عدة مشاكل في الشرق الأوسط إلى التنمية، وتكمن حلولها النهائية في الإعتماد على التنمية. في هذا الصدد، وفي إطار مبادرة “الحزام والطريق” يمكن للصين أن تساعد دول المنطقة على تنمية إقتصادياتها ورفع مستواها التصنيعي وتحسين بنيتها التحتية. وعلى ضوء هذه الرؤية، عبر القادة الصينيون للجانب السعودي أثناء زيارة الملك سلمان إلى الصين، عن دعم الصين لـ”رؤية السعودية 2030 “، ورحبوا بالسعودية بأن تكون شريكا عالميا للصين في البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق”، كما أعرب القادة الصينيين عن رغبة الجانب الصيني في أن يكون شريكا عالميا في إطار التنوع الإقتصادي السعودي، وتسريع مفاوضات التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، ودفع التعاون التجاري والإقتصادي بين الصين ودول المنطقة؛ من جهة أخرى، أعرب الجانب الصيني عن رغبته في تحقيق التكامل مع إستراتيجيات التنمية الإسرائيلية وتعزيز التعاون الصيني الإسرائيلي في مجال الإبتكار ودفع مفاوضات التجارة الحرة بين البلدين.

    ثانيا، دعم الإستقرار في الشرق الأوسط. لا تكتفي الصين بدور “المتفرج” في شؤون الشرق الأوسط. بل تعمل الصين حثيثا على دفع السلام والإستقرار في هذه المنطقة، وتطرح مقترحاتها الخاصة للوساطة والمصالحة بين الدول المتنازعة، وتحث الدول المعنية على معالجة الخلافات والنزاعات من خلال المفاوضات والحوار. وفي مايخص القضية الفلسطينية على سبيل المثال، حثّ القادة الصينيون الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على التمسك بالمسار الصحيح لـ “حل الدولتين”، وتقديم تنازلات متبادلة وإستئناف محادثات السلام في أسرع وقت ممكن. كما بذلت الصين الكثير من الجهود لتقريب وجها النظر بين الحكومة السورية والمعارضة. وحظي الدور الصيني البناء في دفع عملية السلام بالشرق الأوسط بتثمين العديد من القادة في الشرق الأوسط.

    ثالثا، دفع الحوار والتعلم المتبادل. حيث يبقى الحوار الوسيلة الأنجع لمعالجة الخلافات، وفي هذا الجانب، تسعى الصين إلى تعزيز الحوار والتبادل بين الحضارة الصينية والحضارة العربية الإسلامية وكذلك الحضارة اليهودية. وجعل التبادل البشري يصبح رافدا هاما من راوفد تعزيز العلاقات بين الصين ودول الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، تتمسك الصين بموقف داعم لدول الشرق الأوسط والدول العربية في حماية ثقافتها وتقاليدها، وتعارض كل أشكال الميز والأفكار المسبقة تجاه أمة بعينها أو تجاه دين ما. في ذات الوقت، تطرح الصين مبادئ الأحترام المتبادل والتعايش السلمي بين مختلف الحضارات والثقافات والأديان. وتنظر إلى التنوع الحضاري والثقافي والديني على أنه قوة دفع داخل مختلف المجتمعات وعاملا لتعزيز السلام الإقليمي، وليس فتيلا للنزاعات بين الدول والإضطرابات.

    هناك جاجة متبادلة بين الصين ودول الشرق الأوسط. فمن جهة، تمتلك منطقة الشرق الأوسط آفاقا هائلة للنمو، ويلوح في سمائها الآن أمل السلام. وتأمل من الصين أن تلعب دورا أكثر أهمية، وتتعطش إلى تطوير علاقات أكثر متانة مع الصين. في المقابل، تمتلك منطقة الشرق الأوسط، مكانة مركزية في الدبلوماسية الصينية: إستراتيجيا، تمثل منطقة الشرق الأوسط “الجار الكبير” للصين، وتشكل “ملاذا” إستراتيجيا هاما بالنسبة للصين؛ إقتصاديا، تعد منطقة الشرق الأوسط المصدر الأول للطاقة بالنسبة للصين؛ أمنيا، تمثل منطقة الشرق الأوسط، دفّة الجبهة الدولية لمحاربة الإرهاب. ولا شك في أن الصين تحتاج إلى التعاون مع دول الشرق الأوسط في ضرب “القوى الثلاث”(الإرهاب، الانفصالية، التطرف).

    إن قدرة الصين على لعب أدور أكثر أهمية في منطقة الشرق الأوسط، تعود إلى المميزات التي تتمتع بها الصين على هذا المستوى. أولا، الصين هي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وتتحمل مسؤوليات المحافظة على السلام والإستقرار العالمي، وتدعم جهود الوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة في قضايا الشرق الأوسط. ثانيا، تركز الصين على قضايا التنمية، وترى في أن مفتاح معالجة قضايا الشرق الأوسط يكمن في تسريع التنمية. وفي هذا الجانب، ترغب الصين في تقديم مسهاماتها في تحقيق التنمية بالشرق الأوسط، من خلال دفع التعاون والفوز المشترك. ثالثا، لا تتعامل الصين بمنطق الإقصاء في الشرق الأوسط، ولا تنازع القوى الكبرى الأخرى الهيمنة على المنطقة، ولا تمارس سياسات الأحلاف والتكتلات، بل تتمسك بالموضوعية والمواقف العادلة وتحث مختلف الأطراف على معالجة النزاعات العالقة.

    وبالنظر إلى المصالح السياسية والإقتصادية والأمنية الكبرى للصين في منطقة الشرق الأوسط، من المتوقع أن تلعب الصين أدوارا بناءة متزايدة الأهمية في هذه المنطقة.

  • كيف يمكن تحقيق التكامل مع صناديق الثروات السيادية لدول الشرق الأوسط؟

    كيف يمكن تحقيق التكامل مع صناديق الثروات السيادية لدول الشرق الأوسط؟

    صحيفة الشعب الصينية ـ
    بقلم سونغ وي،باحثة مساعدة فى معهد بحوث التعاون التجارى والاقتصادى الدولي التابعة لوزارة التجارة الصينية:

    في ظل بناء مبادرة “الحزام والطريق”، تعد مشاكل التمويل مسألة مركزية لتعزيز التكامل مع الإستراتيجيات التنموية في منطقة الشرق الأوسط ودفع مشاريع التعاون في طاقة الإنتاج.

    تمتلك دول الشرق الأوسط، صناديق ثروات سيادية ذات حجم كبير، كما تتمتع بقدرات إستثمارية هائلة. حيث تمتلك دول الخليج 4 صناديق ثروات سيادية على قائمة أكبر 10 صناديق سيادية عالمية، وهي على التتالي: مكتب الإستثمار بأبوظبي (450 مليار دولار)، مكتب النقد السعودي (384 مليار دولار)، مكتب الإستثمار الكويتي (230 مليار دولار)، ومكتب الإستثمار القطري (70 مليار دولار).

    لجأت دول الخليج إلى تأسيس صناديق الثروات السيادية، لضمان التنمية الإقتصادية طويلة المدى قبل نضوب النفط، ويمكن القول أن هذه الصناديق تعبر على “رأسمالية الدولة”.

    من الملاحظ أن دول الشرق الأوسط لديها رغبة قوية ومتبادلة لتعزيز التعاون المالي مع الصين ودفع التعاون في مجال طاقة الإنتاج بشكل مشترك. وقد واجهت صناديق الثروات السيادية الخليجية بعد الأزمة المالية انتقادات الرأي العام المحلي بشأن تركيز استثماراتها فى الخارج ، أضف إلى ذلك خسائر صفقات الإستحواذ أثناء فترة أزمة الإئتمان، حيث رأت أطياف واسعة من مواطني هذه الدول ذلك على كونه إهدار لثروات الشعب. لذا تعمل دول الشرق الأوسط في الوقت الحالي على إستثمار فائضها المالي في الأسواق الأجنبية لضمان القيمة المضافة. وبعد ضغوط أسعار النفط التي سببتها إطلاق أمريكا لثورة الغاز الصخري، باتت لدى دول الخليج رغبة في تنويع إستثماراتها. ليس هذا فحسب، بل تزايدت رغبة دول الشرق الأوسط الكبرى أيضا في المشاركة في الإدارة الدولية، وتجاوبت بشكل إيجابي مع مبادرة “الحزام والطريق ” الصينية، ودفع الترابط الإقليمي والتسهيلات التجارية. وشاركت كل من إيران وتركيا والسعودية ومصر في عضوية البنك الآسيوي للاستثمار فى البنية التحتية.

    بالنظر من زاوية الجانب الصيني، يمتلك التعاون مع صناديق الثروات السيادية لدول الشرق الأوسط أهمية كبيرة، حيث تساعد على تخفيف العقبات أمام التعاون في مشاريع طاقة الإنتاج، وحماية الأمن الطاقي،وتنسيق التعاون الاستراتيجي، وتقريب العلاقات بين الصين ومجلس التعاون الخليجي و”مجموعة دول الـ 77″ من خلال تعميق التعاون المالي، ومن ثم توسيع تمثيلية الصين داخل الدول النامية.

    بناء على ذلك، على الصين أن تدفع بإتجاه تعميق التعاون المالي بين الشركات الصينية ودول الشرق الأوسط، وتحقيق ثلاثة أهداف: أولا، جذب صناديق الثروات السيادية للإستثمار في مشاريع التعاون في طاقة الإنتاج داخل السوق الصينية؛ ثانيا جذب صناديق الثروات السيادية للإستثمار في مشاريع التعاون في طاقة الإنتاج بمنطقة الشرق الأوسط؛ ثالثا، جذب صناديق الثروات السيادية للإستثمار في مشاريع التعاون في طاقة الإنتاج في الدول النامية داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط. في هذا الجانب، يمكن القيام بالتدابير التالية:

    أولا، دفع التعاون بين صندوق طريق الحرير مع الصناديق السيادية في الشرق الأوسط، لتأسيس “صندوق التعاون في طاقة الإنتاج بين الصين ودول الشرق الأوسط”.

    ثانيا، تمويل مشاريع طاقة الإنتاج من خلال التعاون في حقوق الأسهم. حيث تولي إستثمارات حقوق الأسهم أهمية كبيرة لقدرات التنمية المستديمة. أولا، دفع التعاون بين بنك التنمية الوطني وبنك الصادرات والواردات مع صناديق الثروات السيادية لدول الشرق الأوسط في تطوير التعاون في حقوق الأسهم. ثانيا، تشجيع الأجهزة التجارية المحلية على تعزيز التعاون مع صناديق الثروات السيادية في تمويل مشاريع حقوق الأسهم. ثالثا، جذب صناديق الثروات السيادية للإنضمام في صندوق طريق الحرير من خلال حقوق الأسهم.

    أخيرا، إستغلال وسائل العمل التجاري لجذب صناديق الثروات السيادية، مثل السندات، الأسهم الفريدة، الإكتتاب العام والتأمين وغيرها من السلع المالية المبتكرة، وجعل “صندوق طريق الحرير ” الذي تبلغ ميزانيته 40 مليار دولار، يعطي فاعلية 1 تريليون دولار. كما يمكن التفكير في إصدار سندات لصندوق طريق الحرير مسعرة باليوان الصيني، لتعويض النقص المالي. من جهة أخرى، يمكن لبنك الصادرات والواردات وبنك التنمية الوطني توسيع التعاون الإستراتيجي مع صناديق الثروات السيادية لدول الشرق الأوسط، وتأسيس شركات إستثمارية متعدد الأطراف.