الوسم: الجزائر

  • (الحزام والطريق) بين الصين والجزائر: علاقة استراتيجية لنمو إقتصادي واعد

    (الحزام والطريق) بين الصين والجزائر: علاقة استراتيجية لنمو إقتصادي واعد

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    د. بن خالد عبد الكريم:

     

    منذ أن أطلق رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ خلال زيارته إلى كازخستان عام 2013 مبادرته “البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”، المعروفة اختصارًا بإسم “حزام واحد وطريق واحد”، باتت هذه المبادرة تشكِّل المحرك الأساس للسياسة الصينية داخليّاً وللدبلوماسية الصينية خارجيّاً. وأدرجت رسميًّا عام 2014 ضمن خطة أعمال الحكومة.

    ـ كرونولوجيا مبادرة الحزام والطريق بين الصين والجزائر:

    تعد الصين الدولة الوحيدة في العالم التي تقدّم إنتاجاً أو سِلعاً أو استثمارات بأعلى المقاييس العالمية، وبأقل تكلفة من الجميع، لسبب أساسي هو أن تكلفة الإنتاج أقل في الصين، سواء من اليد العاملة أو من آلات الإنتاج، وقد انضمت الجزائر إلى مبادرة “طرق الحرير الجديدة” الصينية خلال المنتدى السابع للتعاون الصيني الأفريقي في بكين يومي 3 و4 سبتمبر للعام الجاري، على هامش هذه القمة الدبلوماسية والتجارية التي شارك فيها قادة 53 بلداً أفريقياً، وقّعت الجزائر والصين مذكرة تفاهم تنص على انضمام الجزائر إلى المبادرة الصينية.

    وشكلت البضائع الصينية 18% من واردات الجزائر في 2017 لتجعل الصين في المرتبة الأولى قبل فرنسا (9%) و3 دول أوروبية أخرى، في حين أن الصين لم تستورد سوى 2% من صادرات الجزائر، وحلّت في المرتبة الثالثة عشرة بين الدول التي تستورد منها، والصين الشريك التجاري الأول لأفريقيا، حيث تستثمر عدة مليارات من الدولارات في مشاريع البُنى التحتية من طرق وسكك حديد ومرافئ أو مصانع. في حين تلقى هذه المشاريع ترحيباً من الدول الأفريقية ينتقدها الغرب “خشية!” عواقب الديون الصينية التي ستُثقل كاهل تلك الدول كما تدّعي، حيث  مساهمة المؤسسات الصينية في إنجاز البرامج التنموية الجزائرية الواسعة تزيد عن 10 ملايير دولار أمريكي سنوياً.

    ستمكّن هذه المبادرة السخية الجزائر من نسج شبكة طرقات تربطها بالقارات، وهي التي تعوّل على نهضة إقتصادية شاملة، فيما سيمكن بكين من تسهيل قيام استثماراتها في القارة الأفريقية، وستكون الجزائر بوابة لها من أجل دخول القارة السمراء، التي تحتل فيها مرتبة الشريك الأول، وقد بلغت قيمة المبادلات التجارية سنة 2017 أكثر من 170 مليار دولار بعد أن كانت لا تتجاوز 10 مليار دولار سنة 2000، حيث تعتبر العلاقات الجزائرية-الصينية “ممتازة”، عبر مختلف المراحل التاريخية، وعَرفت ازدهاراَ خلال العشريتين الأخيرتين، حيث تسجّل الاستثمارات رقما مرتفعاً يقدر بـ6.2 مليار دولار في النفط والغاز والمناجم، في حين تبحث حكومة بكين عن مشاريع جديدة في قطاعات السياحة، الإلكترونيات وتركيب السيارات، هذا المجال الذي يعرف تطوّرا في الجزائر منذ العام 2015، وتبحث بكين عن مكانة لها في السوق الجزائرية التي يغزوها اليوم الفرنسيون والألمان والكوريون، حيث تَعتبر الصين الجزائر سوقاً مهمة في مجال تركيب السيارات وتسعى إلى جعلها نقطة انطلاق للتصدير لبلدان أخرى في المنطقة، وهو الذي سيسهله انضمامها إلى مبادرة الحرير الجديدة.

    وتُصنّف الصين كأول مستثمر أجنبي في الجزائر متجاوزة العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، حيث بلغ مجموع الاستثمارات الصينية 7,4 مليار دولار، وتشكّل الشركة الوطنية الصينية للأشغال والبناء “سي أس سي أو سي” أهم قوة ضاربة لبكين في الجزائر، حيث تقوم بانجاز العديد من المشاريع على رأسها ميناء الجزائر الجديد الذي تقوم الصين بتمويله وفقاً لاتفاق إقراض طويل الأجل بحوالي 3 مليار دولار، إلى جانب مشاريع انجاز البُنى التحتية، منها توسِعة مطار الجزائر الدولي. وتبقى مصر أول دولة مستقطبة للاستثمارات الصينية، بحوالي 20 مليار دولار.

    وتصنف الصين أيضا كأهم متعامل تجاري للجزائر خلال السنوات الثلاث الماضية وكانت الصين أول مموّل للجزائر عام 2016 بقيمة 8.396 مليار دولار، ومبادلات فاقت 9 ملايير دولار، مع ميزان تجاري لصالح الصين، وسجلت اختراقاً مُعتبراً في نفس الفترة، على خلفية نشاط الشركات الصينية وارتفاع العَمالة الصينية المقدّرة بأكثر من 50 ألف.

    ودفع تنامي النشاط الصيني في الجزائر إلى إقامة المقر الرئيسي لأكبر الشركات الصينية “سي أس سي أو سي”CSCEC في المنطقة عبر مشروع “القصر” KSAR بباب الزوار بالعاصمة، والذي يُرتقب أن يحتضن مقرات شركات صينية، يحوّل إلى موقع نشاط لهذه الشركات في المنطقة، بالنظر إلى محَافظ المَشاريع التي تَحوزها في الجزائر في مجال البُنى التحتية والمنشآت القاعدية.

    وساهمت الاستثمارات والنشاطات الصينية في الجزائر في إنشاء 50 ألف منصب عمل منذ بداية 2000، وتدفقات مالية بأكثر من 1.5 مليار دولار في السنوات الست الأولى ، وتسجل هذه التدفقات ارتفاعاً متواصلاً، مع اهتمام الشركات الصينية بجعل الجزائر إحدى نقاط ارتكاز لتوسعها في إفريقيا، الذي يعرف نموا برقمين، وأبدت الصين التي تتمتع باحتياطي صرف يقدر بنحو 3081 مليار دولار مع نهاية الشهر الماضي، استعدادها للاستثمار في القارة الافريقية، والارتكاز على عدد من الدول المحورية من بينها الجزائر، لضمان تنفيذ برامج توسع وتنمية، ووفقا لتقديرات إحصائية، فإن الشركات الصينية تساهم في أكثر من 100 مشروع للبُنى التحتية المنشآت القاعدية‘ ويرتقب أن تنجز أكبر ميناء بالجزائر بالحمدانية بقرض امتياز في غضون السنوات الثلاث المقبلة.

    ـ #الدكتور_عبدالكريم_بن_خالد: عضو في الفرع الجزائري للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء #الصين)، وأُستاذ محاضر تخصص في عِلم النفس الاجتماعي للمنظمات في جامعة أدرار – #الجزائر، وإعلامي وكاتب مُمَارِس معروف بخاصة فى جريدة “#الشعب” الجزائرية الرائدة، ولديه حصص إذاعية وتليفزيونية.

  • الحزام والطريق ودور الجزائر في شمال إفريقيا

    الحزام والطريق ودور الجزائر في شمال إفريقيا

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    عبدالقادر خليل*:

    الجزائر دولة صديقة للصين، والتاريخ يشهد على هذه الحقيقة بكل نقلاتها المحورية في السياسة والدبلوماسية والعسكرية والاقتصاد في القارة السمراء، ومن خلال علاقات الصين العربية والتي تتسم بالثقة والتطور الإيجابي والمتبادل النفع.

    علاقات الجزائر بالصين “ممتازة” كما توصف شعبياً ودولياً، ولقد كان لها الأثر الكبير والفاعل لتجعل منهما شريكين عميقين ومخلصين لبعضهما البعض، وعازمين على تنمية وتعزيز تلك الأواصر إلى أبعد الحدود، وعلى أشمل نطاق، بخاصة بعد توقيعهما على “التعاون الاستراتيجي” الشامل.

    ولا يمكننا الحديث عن العلاقات بين البلدين، دون التنويه ولو بسرعة إلى جوانب مضيئة في تاريخهما المشترك، فقد أُقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر في يوم 20 من ديسمبر عام 1958. ومنذ استقلال بلادنا الجزائر في القرن الماضي وبالتحديد في عام 1962، وإلى يومنا هذا، تمكّن البلدان من توقيع على عدد من الاتفاقيات التي تغطي كامل المجالات الاقتصادية والثقافية، والتي نقطف ثمارها بلا توقف. وكان للجزائر دور هام ومسعى هادف قل نظير جوهره عالمياً لتدعيم مرامي عودة الصين إلى هيئة الأمم المتحدة عام 1971، كما تمسّكت الجزائر دائماً بدعم حقيقي للصين في مختلف المواقف والازمات والتقلبات العالمية وفي المحافل الدولية، لذا تتسم علاقات بلدينا بالصدق والمصارحة واستهداف المنافع العميقة لهما بحصاد وفير، وهو ما يؤكد للقاصي والداني أن علاقاتهما تتسم بأنها نموذجية وضمن روابط جنوب ـ جنوب أيضاً يُحتذى بها.

    وفي قرننا الحادي والعشرين أيضاً، تولي الجزائر علاقاتها الصينية أهمية بالغة، إيماناً منها بالدور العالمي الجديد للصين من أجل إحلال السلام الشامل، وتحقيق التوازن الاقتصادي الدولي بمعادلة صينية ذكية وهي “رابح رابح”، أي استفادة الجميع من الفوز المشترك. فبعد إطلاق الرفيق شي جين بينغ الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية لمبادرته التاريخية الحزام والطريق، منذ خمس سنوات، أي في عام 2013، وهي تعمل بلا توقف على إعادة رصف طريق الحرير القديم، في حلّةٍ جديدةٍ هادفةٍ، ومربحة للجميع، ولقد رحّبت الجزائر دولةً وقائداُ وشعباً ومؤسساتٍ مدنيةٍ وسياسيةٍ بهذه المبادرة أيّما ترحيب.

    والمعلوم أن مبادرة الحزام والطريق، هي عبارة عن حزام أرضي يربط الصين بآسيا وأوروبا، عبر حدود الحرير في آسيا الوسطى وروسيا، وطريق بحري يتيح لها الوصول إلى أفريقيا أيضاً، عبر بحر الصين والمحيط الهندي. ولن تقتصر التبادلات  والتعاون بين الصين والدول الواقعة على طول الحزام و الطريق، على الاقتصاد والتجارة فحسب، بل يتعداها إلى مجالات عديدة كالعلوم والثقافة وغيرها. ومن دون شك، تعتمد الحكومة الصينية على الجزائر للعب دور قيادي لنجاح هذه المبادرة، نظراً لموقع الجزائر الاستراتيجي، حيث تقع دولتنا في أقصى شمال إفريقيا، وهي مطلة على البحر الأبيض المتوسط، في جهاتها الثلاث، من الشمال والغرب والشرق، كما لديها شريط حدودي كبير مع دول الساحل الافريقي، مما يجعل الصين تمنح الجزائر ومن خلال الحزام و الطريق، دورا محورياً واستراتيجياً في المنطقة، ولتكون رابطاً مهماً مع إفريقيا وأوروبا. وفي هذا الاتجاه، تصب أهداف الاتفاقيات الجديدة المبرمة بين البلدين، وبخاصة الاقتصادية منها.

    وهنا لا بد من الإشارة إلى المشروع الضخم الذي ستنجزه الصين في الجزائر، وهو مشروع الميناء الكبير الذي سيقع غرب الجزائر العاصمة وبالتحديد في منطقة الحمدانية، بمدينة شرشال التابعة لمقاطعة تيبازة، والذي من شأنه توفير نحو 200 ألف منصب شغل فعلي.

    وسوف يكون لهذا الميناء دور فعّال في تفعيل شريان الصادرات والواردات وبخاصة الصينية والجزائرية، ويمكن للصين إعتباره نقطة رئيسية لأفريقيا واوروبا الغربية، للانطلاق الأسهل من الجزائر نحوها من خلال طريق سهل. والمعلوم أن الصين تُعتبر الشريك التجاري الأول لإفريقيا والجزائر، حيث أن أكبر نسبة وحصة للواردات الخارجية هي للجزائر وبالذات من الصين، وتأتي بعدها فرنسا وعدد من الدول الغربية الأخرى، ما يتيح أن تتبوأ الجزائر عرش العلاقات الأفريقية مع الصين.

    ـ #عبد_القادر_خليل: خريج أكاديمي من الاتحاد السوفييتي، وصديق قديم للصين، ورئيس فرع الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين بولاية #ورقلة عاصمة الجنوب الشرقي #الجزائري، ومؤسس ورئيس رابطة أصدقاء الصين بالجزائر؛ وصديق قديم لإذاعة الصين الدولية CRI ومجلة ” الصين اليوم” والقناة الفضائية الصينية الناطقة بالعربية وغيرها.