الدكتور/ بسام أبو عبد الله، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق ومدير مركز دمشق للدراسات
أشاد الدكتور/ بسام أبو عبد الله، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق ومدير مركز دمشق للدراسات بمبادرة ” الحزام والطريق ” لما تقدمه من رؤية جديدة من خلال استخدام القوة الناعمة والاقتصاد كأساس لبناء العلاقات مع الكثير من الدول وربط الصين مع آسيا وأفريقيا وأوروبا عبر المشاركة في بناء البنية التحتية والتبادل الاقتصادي والثقافي ، ما يساعد على التخلص من الهيمنة الغربية وتحقيق توازن العولمة الاقتصادية بشكل ملائم.
قال بسام أبو عبد الله في حوار اجرته معه شبكة الشعب على هامش منتدى ” الحزام والطريق” للتعاون الدولي المنعقد يومي 14 و15 مايو الجاري بالعاصمة الصينية بكين، أن الصين قدمت من خلال مبادرة ” الحزام والطريق” نمط جديد من العولمة يختلف كثيرا مع العولمة الغربية التي تستخدم القوة كأداة للتوصل الى تحقيق المصالح الذاتية الاقتصادية والجيوسياسية مستشهدا بحرب الافيون في الصين التي كان الهدف منها السيطرة على الاقتصاد الصيني. مضيفا، أن قيام المبادرة على مبدأ إحترام الصين لميثاق الامم المتحدة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول أخرى واحترام ثقافات ومعتقدات الشعوب الاخرى، ومبدأ الاقتصادي رابح رابح، وانشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية،ودعم انشاء مناطق تنموية خاصة ومشاريع تنموية في مجالات عديدة مختلفة فتح أفق جديدة أمام دول العالم وتساهم على خلق خيارات تنموية لشعوب الدول في آسيا وافريقيا واروربا خاصة وأن التقديرات الامريكية تتحدث عن أن الصين ستصبح قوة اقتصادية اولى في العالم خلال السنوات القادمة.
وأكد بسام أبو عبد الله أن العلاقات السورية ـ الصينية قوية ومتجذرة تاكدت خلال الازمة التي مرت بها سوريا السنوات الاخيرة ، حيث استخدمت الصين 6 مرات حق الفيتو لوقف مشاريع الهيمنة الغربية ودفعها الى احترام الدول واحترام حقها في تقرير مستقبلها السياسي.منوها الى أن ادراك الصين لمخاطر الارهاب الدولي في سوريا وخطر تواجد مواطنيين صينيين من الويغور الذين جرى استخدامهم في تنظيم ” الدولة الاسلامية” وغيرها من التنظيمات المتطرفة الاخرى على الامن الصيني خلقت اعتبارات وعوامل حاكمة للعلاقات بين البلدين، منها مكافحة الارهاب الدولي، وحاجة سوريا الى اعادة الاعمار والدعم الاقتصادي.
حققت الصين وسوريا تزايدا في حجم التجارة الثنائية السنوية من 170 مليون دولار أمريكي إلى 2.48 مليار دولار أمريكي خلال العقد من عام 2000 إلى 2010،كما تقوم عشرات الشركات الصينية باستكشاف النفط والغاز والمقاولات الهندسية وبناء البنية التحتية والخدمات الأخرى فى سوريا،مما قدمت مساهمة جليلة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى سوريا وتحسين رفاهية الشعب السوري.ويعتقد بسام أبو عبد الله أن مستقبل التعاون الاقتصادي والتجاري بين سوريا والصين زاهر في ظل توجه سوريا الى تقديم المشاريع الاستراتيجية الى الدول الصديقة التي وقفت معها خلال فترة الازمة. وأشار الى أن سوريا تعتزم اعادة فتح معرض دمشق الدولي بعد توقف لعدة سنوات، ومن المتوقع أن تشارك الصين في المعرض بتقديم شركاتها ومشاريعها. بالاضافة إلى اصدار الحكومة السورية قانون جديدة يسمى ” قانون التشاركية” يسمح للاستثمار شركات الدولة او القطاع الخاص بمفركدها في المشاريع المتاحة والاستثمار في سوريا في اطار هذا القانون. مضيفا، أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين سوريا والصين لم تتاثر كثيرا بالعقوبات المفروضة على سوريا وواقع الحرب،وحسب المعلومات، تم الانتهاء من دراسة الجدول الاقتصادي الخاص بمشروع محطة توليد الطاقة الكهربائية بقيمة 60 مليون دولار تنفذه الصين، بالاضافة الى مشاريع اخرى خاصة بالطاقة والكهرباء والنقل والمواصلات بداخل وخارج دمشق من المقرر أن يبدأ تنفيذها مباشرة بعد تحقيق الاستقرار الامني.
تعتبر سوريا محور الطرف الغربي لطريق الحرير القديم،حيث تربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا.وقال بسام أبو عبد الله أن استراتيجية “التوجه نحو الشرق” التى طرحها الرئيس السوري بشار الأسد تتفق مع مبادرة “الحزام والطريق” التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ بشكل عالي. مضيفا إن مشروع “الحزام والطريق” الذي تشكل سورية جزءاً أساسياً فيه باعتبارها نقطة تلاقي القارات والحضارات، هو فرصة للسوريا لعقد شراكات إستراتيجية مع الصين، وكل القوى الصاعدة في العالم، وتنفيذ إستراتيجية الرئيس بشار الأسد “التوجه شرقاً” بهدف تعزيز مناعة، وقوة سورية، وهي البلد الذي يواجه إرهاباً معولماً بهدف السيطرة عليه، ووقف صعود القوى الجديدة في العالم كالصين وروسيا وإيران. ويعتقد بسام أبو عبد الله ، أن مبادرة ” الحزام والطريق” مشروع عملاق فيه مصلحة للعديد من الشعوب والدول ، إلا أن لغات وثقافات وأديان مختلفة يعتبر التحدي الأكبر الذي يقف أمام الصين، مما يحتاج بالتاكيد الى تفاعل بينها وبين كل هذه المناطق المختلفة، وكذلك إلى بناء جسور شعبية وثقافية إضافة إلى الاقتصادية. ويتطلع بسام أبو عبد الله إلى نقل الصين لتجربتها الادارية والعلمية والتقنية الى الدول الاخرى لا سيما سوريا ، بالاضافة الى زيادة عدد المنح الدراسية التي تعتبر اهم ادوات القوى الناعمة، و بناء جامعة صينية في سوريا باختصاصات دقيقة تخدم البلدين ، ودفع العلاقات بين الصين وسوريا من خلال تكوين طلاب يفهم اللغة والثقافة الصينية ، ومختصين في الشؤون الصينية ومبادرة ” الحزام والطريق”.