الوسم: علاء ساغه

  • حتمية إحياء “الحِزام والطّريق” لنا وللأجيال المُقبلة

    حتمية إحياء “الحِزام والطّريق” لنا وللأجيال المُقبلة

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    علاء ساغه*:

    “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و “طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”، حتميات تاريخية في العصر الحديث، تعمل جمهورية الصين الشعبية على إنجازها، بإحياء مسالك “طريق الحرير” التاريخي القديم، والإضافة عليها بأخرى جديدة، لتؤدي كلها الى بكين، عاصمة العالم الاقتصادية والحضارية، عوضاً عن الغرب وبضمنه روما، الذي فرض على البشر بالنيران والقيود أن يتبع لمشيئته.

    “الحزام والطريق” – هو الإسم المختصر لطريق الحرير الجديد والمُعاصِر، الذي تقدّم به الرئيس شي جين بينغ عام 2013، خلال زياراته في سبتمبر وأُكتوبر من ذلك العام إلى دول آسيا الوسطى السوفييتية سابقاً، والتي تشكّل جغرافياً منذ بدء تَشَكّل الحضارة الصينية، فضاءً إستراتيجياً هو الأهم للصين ولمبادرة الصين الاقتصادية العالمية، والتي تنبىء بتغيير جذري لمسار التاريخ الدولي.

    جمهرة كبيرة من كل بلدان العالم، الذين يشاركون في المنتدى الدولي الثاني للحزام والطريق في الثلث الثالث من أُكتوبر الحالي، سوف يجتمعون في هاينان وبكين، لمناقشة أهداف ومرامي طريق الحرير الجديد، الذي يَنتصر له الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، من أجل جَمع البشرية وممثليها حول منافع الاقتصاد والتجارة التي تولّد الخيرات المادية، وتطمئن الناس الى مستقبلهم ومستقبل أحفادهم في عالم سلمي ينتج ويحيا ويتصادق.

    كان بودي المشاركة بفعالية في أعمال منتدى الحزام والطريق العتيد في هاينان وبكين، وأتمنى ذلك في السنة المقبلة، رغبة مني في العمل على إتجاه تحصيل منافع مشتركة، من الحزام والطريق لبلدي الاردن، ولغيره من البلدان العربية ولتلك الصديقة المجاورة للعالم العربي، ولجعل الاردن نقطة رئيسية في مسلكه الدولي، ومن أجل استثمارات صينية شاملة، من شأنها أن ترفع من قدرات الاردن، ليتمكن من التصدّي للضائقة الاقتصادية التي يتعرض إليها، وفي دعم المبادرة الصينية أن نروّج إليها ونُجري عملية توعية شعبية لها لتقبّلها ودعمها أردنياً وعربياً.

    تتخذ “المبادرة” من الممرات العالمية والمدن المركزية المنتشرة على جنباتها، منصّات ومراكز للتعاون الجماعي الدولي، في سبيل البناء المشترك الصيني – الاممي لهذا المشروع الكوني، وللمحافظة عليه بجهود جميع الدول المشاركة فيه، وبما فيها الجَسر الجديد للقارة الأوروآسيوية؛ وممر الصين – منغوليا – روسيا؛ وممر الصين – آسيا الوسطى – غربي آسيا؛ وممر الصين – شبه جزيرة الهند الصينية؛ بينما تتخذ المسالك البحرية “لـِ”الحزام والطريق” من الموانىء الرئيسية نقاطاً، للبناء المشترك لممرات النقل الكبرى السالكة والآمنة والعالية الفعالية بتقديرات الصين ودراساتها التي أجرتها على الأرض، رغبةً منها في بناء مجتمع ذي مصلحة مشتركة ومصير واحد ومسؤولية متكاملة للجميع، تتسم بالثقة السياسية المتبادلة والقائمة على الاندماج الاقتصادي والسّماحة والتسامح التاريخي والثقافي والانساني بين الامم والشعوب كبيرها وصغيرها..

    ولا بد هنا من التنويه الجاد، إلى ان روسيا وكازاخستان هما بتقديري أهم شريكين إستراتيجيين لصين الحزام والطريق، فمعهما تتعاون الصين بعمق وشمولية في مختلف المناحي، وتعتبر العلاقات مع البلدين سلسة للغاية، وعلى مستوى عالٍ من الثقة المتبادلة، يدعمها التنسيق والتشاور المستمر على أعلى مستوى، زد على ذلك الاتفاقيات الكثيرة التي تم التوقيع عليها بين هذه الدول الثلاث، وهي تضمن النجاح الاقتصادي لها وللحزام والطريق وثباته.

    تعتمد فكرة الحزام والطريق على تحويل الاقتصاد الصيني الموجّه من التصدير وحيد الاتجاه، الى اقتصاد منفتح ومتفاعل. فبرغم إقرار الصين لضرورات توجيه الاقتصاد الى الداخل الصيني، وتلبية متطلبات الشعب الصيني أولاً، ومن أجل الحفاظ على ديمومة التطور الاقتصادي في مواجهة موجات الانتقامية منه، وفرض قرارات جائرة عليه، ومحاولة شل قدراته غربياً، إلا أن الصين التي تتمتع بقوى استثمارية هائلة، ومكانة مالية هي الاولى في العالم، ترى أهمية تدعيم اقتصادها برفد الاقتصادات الثالثية بقوى التقدم والنمو، وكذا أوضاع الشعوب وبخاصة في آسيا وأفريقيا، وهو ما يتيح لها رفع قدرات الشعوب للعمل معاً لرفد الاقتصاد العالمي بقوى عاملة كبيرة وخبراء جُدد، وأسواق متزايدة ومتّسعة، تعمل بدورها على تنسيق الاقتصاد العالمي برمته، وتنشيط الاستهلاك العابر للقارات، وتوظيف التأثير الفائض للاستثمار العابر لهذه القارات بصورة مستفيضة.

    وهنا لا بد لي من التنويه إلى أن هذا المشروع الصيني الكوني الجاري تطبيقه، يقوم على جَسر الهوّة  مابين الدول النامية والفقيرة من جهة، والدول الصناعية من جهة أُخرى، وتوطين التكنولوجيا في البلدان الثالثية، وتعليمها كيفيات إحراز النمو ومن خلال مكافحة الفساد وعمليات الإفساد الاقتصادي، والاستناد الى المنافسة الشريفة والحوكمة ومكانتها الدولية.

    ترى الصين أن “الحزام والطريق”، من شأنه أن يطوّر روح طريق الحرير المتمثلة في السلام الشامل للكون، والعمل على مساواة البشر من خلال الاقتصاد الذي سيُفضي الى نقلات سياسية في صالح الامم، وينشر قيم التعاون والانفتاح والتسامح، ومن خلال توريث العالم كل ما تتمتع به الصين من تفوّق وخبرات التنمية وقدرات تكنولوجية ورؤوس أموال، لتتفوّق بالتالي مكانة السوق والتعاون الدولي، ولتتمكن مختلف الاقتصادات من صد أية أزمات مالية وهجمات انتقامية عالمية، وبغية دفع الانتاج والانفتاح العالمي الشامل الى الأمام، وتحقيق التنمية الدولية المشتركة، وبخاصة للأجيال المُقبلة.

    #*علاء_ساغه: كاتب #أُردني، ومساعد لرئيس #الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين وعضو قديم بالاتحاد الدولي.

  • نحن والصين ومعادلة رابح – رابح

    نحن والصين ومعادلة رابح – رابح

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    علاء ساغه*:
    تابعتُ ظهر اليوم الأحد، 14 مايو/ أيار بشغفٍ، الكلمة القصيرة التي ألقاها فخامة الرئيس (شي جين بينغ)، في مأدبة الغداء التي أقيمت على شرف المشاركين في القمة الدولية لمنتدى مبادرة الحزام والطريق في بكين، من خلال الفضائية الصينية الناطقة بالعربية.
    وقد لفت انتباهي على وجه التحديد، حديث الرئيس عن أهداف قمة المبادرة، وتتلخص في ضمان الصين لمعادلة “رابح – رابح” في العملية الاقتصادية الواسعة التي تشمل كل شعوب العالم وبلدانه، ويُرافقها تعزيز في التنسيق بشأن القضايا الدولية والإقليمية الكبرى.
    الرئيس “شي” طرح في خطابه القصير مسألة في غاية الأهمية، وهي رغبة القيادة الصينية في تأكيد مشروعها للعلاقات الدولية الجديد للمنفعة الجماعية للدول والشعوب، والذي لم يَسبق له مثيل في التاريخ البشري.
    هذا المشروع الصيني يَعتمد بالدرجة الاولى على دفق شامل للاستثمارات، وتوظيف الرساميل الصينية الأضخم أساساً، والوطنية للدول الاخرى، في عملية اقتصادية عابرة للحدود الدولية، من خلال عولمة إيجابية للاقتصاد والتجارة لا تتغوّل اقتصادياً وتجارياً على أحد، ولتمكين تشييد البُنى التحتية وتلك الضامنة لمرور وتفعيلات مبادرة الحزام والطريق في عشرات البلدان، الواقعة أولاً في ثلاث قارات. لذلك، كما أصاب الرئيس “ِشي”، ستكون طريق المبادرة، بل يجب أن تكون: “طريقاً منفتحاً للتعاون، ولدعم وتطوير إقتصاد عالمي منفتح.
    وقد وصف الرئيس “شي” كذلك وببلاغةٍ، الحالة الاقتصادية الراهنة في العالم، بأنها تماثل “نضال اليَرقة للتحرّر من شرنقتِها “، حيث ستعاني آلاماً قصيرةً قبل أن تتمكن من خلق حياة جديدة، ومؤكداً في الوقت ذاته، بحكمته المعهودة، بذل الصين قصارى جهودها لممارسة وإظهار جميع مزاياها، والاستفادة من إمكانياتها، وعدم إدّخار أي جهد ممكن لضمان المضي قدماً: ((تماماً مثل حبات الرمل، التي تتجمع مع بعضها لتشكّل “الباغودا”، وكما يُمكن لقطرات المياه أن تتجمع لتشكّل البحر العميق)). ومن أجل مشاركة هذه المنافع، أكد الرئيس “شي” بأن تنمية الحزام والطريق “ستعود بمنافع عظيمة وعادلة للشعبين الصيني والعربي، وبناء مجتمع المصالح المشتركة والمصير المشترك لكلي الجانبين.”
    الرئيس “شي” لم يتحدث عن بلد عربي ما دون بلدان اخرى، ولم يُشر الى شعب عربي ما دون غيره، إنما جمع البلدان العربية في عالم واحد والشعب العربي في حضارة شعب واحد، ليخاطب العرب أجمعين بكلمات نافعة وجامعة لجميعهم، وهو ما يؤكد نظرة القيادة الصينية الى تطلعها لرؤية عالم عربي واحد وشعوب عربية غير متخاصمة، بل موحَّدة، لتتمكن هذه الشعوب من بناء عالمها الجديد، سوياً مع الصين، وفي روح من المبادرات الجماعية من جانبها هي أيضاً، لتتمكن الإتّساق مع روح المبادرة الصينية، التي تفترض الوحدة لجميع الامم والبلدان، في عملية التنمية الاقتصادية والتبادلات مع الصين، حتى لا تتشتت الجهود وتتفرق بين “هذا و ذاك”، و “نحن و هم”، فيختلط الأمر بينها، ويَضعف موقعها وتتراجع فعاليتها.

    هذه الإشارة الهادئة لفخامة الرئيس “شي” هامة جداً، وأعتقد بأن رسالته بخصوصها قد وصل بالطبع لجميع العرب من مسؤولين وممثلين اجتماعيين، علّهم يُقدّرون الوضع العالمي الخاص للمبادرة التي تدعمها أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية، وأكثر من 50 دولة ومنظمة عالمية، حيث وقعت على اتفاقيات تعاون مع الصين، ومشيراً بهذا الخصوص، إلى أن دائرة أصدقاء الصين حول مبادرة “الحزام والطريق” ((تأخذ بالتوسع أكثر))، سيّما أن الشركات الصينية قدمت أكثر من 50مليار دولار أمريكي كإستثمارات، وأطلقت عدداً من المشاريع الرئيسة في الدول الواقعة على طول طرق المبادرة، ما أدى إلى تحفيز التنمية الاقتصادية لتلك الدول، وخلق العديد من فرص العمل المحلية، مؤكداً أيضاً ان مبادرة “الحزام والطريق” نشأت في الصين، لكنها قدمت منافع جيدة تجاوزت حدودها، ونتطلع نحن بدورنا الى تفعيلها في بلادنا – الاردن، بالسرعة الممكنة، لأن ذلك في صالح مستقبلنا، ناهيك عن حاضرنا .

    *كاتب اردني ومستثمر، وعضو ناشط في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.