الوسم: لبنان

  • التوسع الصيني الاستراتيجي في الشرق الأوسط: دراسة حالة لبنان

    التوسع الصيني الاستراتيجي في الشرق الأوسط: دراسة حالة لبنان

    موقع الصين بعيون عربية-

    د. محمد زريق*:

    عند تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، واجهت الصين سلسلة من التحديات. في السنوات الأخيرة، توسع نفوذ الصين في المنطقة بسبب مصالحها الاقتصادية في الطاقة والتجارة وبناء البنية التحتية والاتصالات الدبلوماسية مع دول المنطقة. ويرتبط هذا بمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتي تم الإعلان عنها في عام 2013 استجابة لاحتياجات الطبقة الوسطى المتزايدة للبنية التحتية والتبادلات الاقتصادية.

    باعتبارها أكبر مستهلك للنفط في العالم، تخضع علاقات الصين مع مصدري النفط الرئيسيين مثل المملكة العربية السعودية وإيران للتطوير الدائم. يتضمن جزء من مبادرة الحزام والطريق إنشاء قنوات جديدة لتعزيز التجارة من خلال توسيع البنى التحتية القائمة. قد تتهدد المصالح والنفوذ الاقتصادي الصيني بسبب عدم الاستقرار في المنطقة. يُهمل لبنان أحياناً بسبب وضعه السياسي المعقد والنفوذ الدولي الكبير. يتكون لبنان من المسلمون السنة والشيعة وكذلك المسيحيون والأكراد وهم أنفسهم على خلاف مع بعضهم البعض.

    يشكل الوضع الأمني حجر عثرة آخر في وجه الشراكة الصينية اللبنانية. واجه لبنان وسوريا التدخلات الخارجية والجماعات المتطرفة وتعقيدات الأزمة السورية. بالنسبة لمبادرة الحزام والطريق، يقع لبنان في موقع استراتيجي في منطقة المشرق العربي وله منفذ مباشر إلى البحر الأبيض المتوسط، مما يجعله موقعًا مثاليًا للمشروع الصيني.

    من خلال مراجعة الأدبيات للأوراق الأكاديمية والوثائق الحكومية والمقالات الصحفية، تهدف هذه الورقة إلى فحص نهج الصين الدبلوماسي واهتماماتها تجاه لبنان. نعرض هنا نظرة متعمقة على علاقة الصين مع لبنان منذ تأسيسها، تغطي الفترة من عام 1949 إلى الوقت الحاضر لإعطاء فكرة أكبر عن كيفية تطور العلاقات والمشاكل عبر الزمن. بالإضافة إلى ذلك، يتم أخذ سياسة عدم التدخل ونفوذ الدول المهمة الأخرى في الاعتبار في لبنان.

    استعراض العلاقات الثنائية لفترة (1949-2000)
    تأسست جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، عندما أحكم الحزب الشيوعي الصيني قبضته على بكين وأصبح مسؤولا عن الحكومة. تنتهج الصين استراتيجية دبلوماسية سلمية وانفتاح على لبنان. لطالما كانت الصين صديقة للبنان في جميع المراحل، على الرغم من قلة اهتمام بكين بالمنطقة خلال هذه الاوقات (فترة الاوبئة والازمات والصراعات). تعتبر أعمال شيشور المصدر الرئيسي للمعلومات حول اتصالات الصين المبكرة مع لبنان، حيث كان رائداً في مجال العلاقات الصينية في الشرق الأوسط.
    في عام 1949 لم يعترف لبنان بالحزب الشيوعي باعتباره السلطة المركزية للصين. ساهمت الصين بقوات عسكرية في الحرب الكورية للدفاع عن كوريا الشمالية والقتال ضد القوات الأمريكية، مما دفع لبنان إلى وصف الصين بالمعتد في الصراع عام 1951. وكانت الولايات المتحدة قد نصحت لبنان بتأجيل التصويت على قرار كان من شأنه استبعاد تايوان من التمثيل الاممي. انقسم كل من البرلمان والحكومة حول موقف لبنان، مما أثار الكثير من النقاش في كليهما. في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، كان موقف لبنان تجاه جمهورية الصين الشعبية معاديًا، وكان لبنان موجهًا نحو الغرب، فقد وسّعت الحكومة اللبنانية تحالفاتها مع الغرب، بقيادة الولايات المتحدة.

    بعد مؤتمر باندونغ في عام 1955، تفاوضت الصين على عشر اتفاقيات تجارية، بما في ذلك واحدة مع لبنان، مما أدى إلى تحول إيجابي تجاه الصين. التقى رئيس الرابطة الإسلامية الصينية بقادة لبنان في عام 1956. في أوائل الخمسينيات، كان للبنان روابط أقوى مع تايوان مما هي عليه الآن. لذلك، لسنوات عديدة بعد هذا الحدث، ظلت مصالح الحزب الشيوعي الصيني في لبنان منخفضة. كان هناك انعدام للثقة بين جمهورية الصين الشعبية ولبنان بسبب سلسلة من الحوادث.

    من ناحية أخرى، اعترضت الصين على الإجراءات التي اتخذها لبنان عام 1969 ضد الفلسطينيين. استمر البلدان في العمل معًا بشأن الصفقات التجارية على الرغم من هذه القضايا. عندما تجاوزت الصين تايوان في التجارة مع لبنان في أواخر الستينيات، أقام البلدان علاقة أقوى. لفترة طويلة، كانت الاتصالات الدبلوماسية بين لبنان والصين محدودة بسبب الحرب الأهلية المستمرة وعمليات القتل السياسي في البلاد. خلال ذلك الوقت، كانت العلاقة قائمة في الغالب على اعتبارات اقتصادية.

    نظرت بكين إلى لبنان على أنه شريك تصدير للسلع الصينية عندما أقيمت العلاقات الدبلوماسية، لكنها رأت أيضًا أن بيروت هي العاصمة المصرفية والتجارية في الشرق الأوسط. في بيروت، افتتحت الصين فرعًا للبنك الوطني الصيني في عام 1972؛ نتيجة للزيارة الأولى التي قام بها وزير الخارجية اللبناني خليل أبو حمد إلى الصين في وقت لاحق من ذلك العام، وقَّع البلدان اتفاقية تجارية جديدة من أجل تسهيل عبور متبادل، واتفاقية أخرى في العام التالي لتوسيع التجارة البينية. لكن الحرب الأهلية في لبنان أخرت المشاريع الصينية التي كانت بكين تنوي اقامتها في لبنان. تم إلقاء اللوم على روسيا في تصعيد الصراع وإدامته وإذكائه. واعتبرت الصين القضية على أنها قضية ينبغي تسويتها من قبل شعوب المنطقة وليس من قبل أطراف خارجية. خلال تلك الفترة، لم يُبذل سوى القليل من الجهود لتعميق العلاقات مع بيروت.

    اتسمت العلاقات بين الصين ولبنان بالتقلبات طوال القرن العشرين، لكنها كانت مقيدة بشكل عام. نمت الروابط الاقتصادية بين بكين وبيروت في السبعينيات، لكن عدم الاستقرار الداخلي في البلاد منعها من توسيع تعاونها مع لبنان. على الرغم من أن الصين لديها تاريخ طويل في دعم الدول المجاورة لها، إلا أن سياسة عدم التدخل في النزاعات الخارجية بدأت منذ وقت مبكر.

    حقبة ما بعد عام 2000: العلاقات الثنائية الناشئة
    يوضح هذا القسم التطور المتزايد للعلاقات بين الصين ولبنان منذ عام 2000. ويؤكد على التعاون في التجارة والتبادل الثقافي والاتفاقيات التي تم التوصل إليها في السنوات الأخيرة.

    بدأت الحكومة الصينية في توسيع العلاقات مع بيروت بعد عام 2000. وأثناء زيارة رئيس الوزراء رفيق الحريري في بكين للقاء رئيس الوزراء الصيني تشو رونغجي في عام 2002، أعرب البلدان عن عزمهما على تكثيف التعاون في المشاريع المشتركة. لقد أدى إلى تعاون موسع في العديد من القطاعات.

    في عام 2005، وقّعت الصين ولبنان اتفاقية تعاون سياحي. تهدف هذه الصفقة إلى تحفيز الاستثمار في قطاعات السياحة المتبادلة وتعزيز التواصل بين المؤسسات السياحية من خلال تبادل المواهب المهنية. تطورت العلاقة أيضًا لتشمل التبادل الأكاديمي والثقافي، حيث يتم تقديم دورات لغة الماندرين في الجامعة الأمريكية في بيروت. ويوجد أيضًا معهد كونفوشيوس في بيروت بجامعة القديس يوسف.

    ومع ذلك، فإن التبادلات الثقافية، والسياحة، والتعليم ليست العلامات الوحيدة لتوثيق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. في عام 2009، رحّبت الصين بأكثر من 150 مهنيًا لبنانيًا لحضور ندوات ودورات في تخصصات متنوعة، بما في ذلك الأعمال التجارية، والتمويل، والزراعة، والصحافة، والتعليم. يصور الموقع الإلكتروني لوزارة خارجية جمهوريةالصين الشعبية عام 2014 باعتباره العام الذي تطورت خلاله العلاقات مع لبنان، مما أدى إلى تعاون أقوى.

    في ذلك العام، حضر نائب رئيس المؤتمر الاستشارى السياسى للشعب الصينى، لوه فوهي، حفل استقبال بمناسبة الذكرى السبعين لعيد استقلال لبنان. في عام 2015، أشار رئيس الوزراء تمام سلام إلى أن لبنان يتطلع إلى أن يكون شريكًا موثوقًا به للصين خلال مؤتمر رجال الأعمال العرب الصينيين. يعتبر الجانبان التعاون الثنائي في الثقافة والتعليم والصحافة والفنون والجيش وسيلة لتوسيع التفاعلات الودية. من المهم ملاحظة أن التعاون الموسع الذي أشارت إليه وزارة الخارجية جاء بعد وقت قصير من إطلاق مبادرة الحزام والطريق.

    لوحظ توسيع في تشبيك الروابط الاقتصادية في السنوات الأخيرة. في عام 2013، أصبحت الصين الشريك التجاري الأساسي للبنان. بذلت بيروت جهودًا لجلب المزيد من الاستثمارات الصينية من خلال مشاركتها في معرض شنغهاي إكسبو في عام 2010. وساعدت الصين لبنان على إنشاء شبكة اتصالات متنقلة وأنظمة تدفئة شمسية وبرامج مساعدات نقدية لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

    ومع ذلك، أعاقت الأزمة السورية الجهود لتعزيز المزيد من التجارة بين البلدين، حيث تم إغلاق الطرق البرية للصادرات اللبنانية. تصدر الصين إلى لبنان معدات كهربائية ومنسوجات ومواد بلاستيكية وآلات. يستورد لبنان 1.89 مليار دولار من الصين، وهو ما يمثل 9.1 في المائة من إجمالي وارداته، بينما يصدر للصين 24.1 مليون دولار، وهي نسبة ضئيلة من إجمالي صادراته البالغة 0.62 في المائة. حتى إذا كان من المحتمل أن تتطور الروابط الاقتصادية في المستقبل مع مبادرة الحزام والطريق، فمن الممكن القول أن عجز تجاري سيحدث بين البلدين. على مدى السنوات القليلة الماضية، وسعت الصين والولايات المتحدة علاقاتهما التجارية. وشمل اهتمام بكين المتزايد بالدول العربية من حيث التجارة لبنان.

    الصين في لبنان: شريك سلمي
    ساعدت سياسة عدم التدخل التي تتبعها الصين على تعزيز التنمية السلمية وحل النزاعات. كانت المساعدات الإنسانية والضغط من أجل حل داخلي سريع من العوامل الرئيسية في نجاح العلاقة الثنائية. كجزء من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، نشرت الصين أكثر من 1000 جندي حفظ سلام في لبنان، وهو ما أعلنه وين جياباو.

    نائب المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة لوي زينمين انتقد تصرفات إسرائيل في عام 2006 لأنها تنتهك سيادة لبنان. وقال زينمين إنه ينبغي استخدام القوة بشكل أخف ورفع الحصار المسلح. كما اتهمت الولايات المتحدة بالتلاعب بالصراع لممارسة الضغط على إيران وسوريا ونشر الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. من خلال مشاركتها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تمكنت الصين من لعب دور غير مباشر في الوساطات اللبنانية. خلال الحرب الأهلية في لبنان، قدمت الصين أيضًا مساعدات مالية.

    لطالما دافعت الصين عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وعدم استخدام القوة العسكرية. عندما يتعلق الأمر بالسلام والأمن العالميين، فإن حق النقض الذي تمارسه الولايات المتحدة على قرارات سوريا واضح تمامًا. تم رفض العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا من قبل بكين وموسكو معًا. تعمل روسيا والصين معًا لتجنب تدخل عسكري من شأنه أن يسقط نظام بشار الأسد.

    في عام 2011، عندما رفضا قرارًا يدين سوريا، مارست الصين وروسيا حق النقض في اطار تعاونهما الاستراتيجي بشأن الصراع السوري. منعت الصين وروسيا استقالة الرئيس بشار الأسد وطالبت وقف العنف ضد المعارضين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في فبراير/ شباط 2012. صوت البلدان ضد قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي يدين جرائم النظام السوري في مارس/ آذار من ذلك العام. من خلال وساطة محايدة، حثت الصين جميع الأطراف السورية على وقف جميع أشكال العنف، وخاصة ضد المدنيين.

    مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الصين لم تمتثل دائمًا لقرارات روسيا باستخدام الفيتو في القضية السورية. ولتعزيز دورها السياسي، امتنعت في عدة مناسبات عن التصويت لروسيا في قراراتها. كما في عام 2012، استخدمت موسكو حق النقض ضد سبعة قرارات لمجلس الأمن الدولي، بينما فعلت بكين ذلك مرتين فقط في عام 2013. وللمرة الثالثة خلال عدة سنوات، استخدمت الصين حق النقض (الفيتو) على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2017. التعاون الاستراتيجي بشأن السيادة وسلامة الأراضي، والأمن في المنطقة يقدمه كلا البلدين.

    التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول، واستخدام القوة، ووضعية المواجهة عارضها الموقف الدبلوماسي الصيني؛ في إطار جهد دبلوماسي للوساطة بين سوريا ومختلف تنظيمات المعارضة، تطوعت بكين للمشاركة من أجل حل النزاع. تشجع بكين عدم التدخل في النزاعات الخارجية والعودة السريعة إلى الاستقرار. إن المشاركة الصينية البنَّاءة تتميز بالمشاركة السياسية بدلاً من التدخل العسكري. تدعم الصين الحوار السلمي كحل مع احترام التطلعات المشروعة للشعب.

    يعزز الإجماع الإقليمي بشأن التنمية الإقليمية السلام في الشرق الأوسط، مما يسمح بتوسيع الخطاب الدبلوماسي في المنطقة. العمل كوسيط واقتراح أفكار بناءة هما من الأدوار الرئيسية لهذه العملية. لقد تلقى نظام الأسد مساعدة من الصين. قدمت الصين مساعدات إنسانية للسوريين. اعتبارًا من عام 2017، يوجد في سوريا أكبر عدد من الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم، وتلقت سوريا الكثير من المساعدات الإنسانية. خلال الأزمة الإنسانية في سوريا، قدمت الحكومة الصينية 1000 طن من الأرز ووقعت ثلاث اتفاقيات بقيمة 40 مليون دولار كمساعدات إنسانية كجزء من برنامج مساعدات غذائية طارئة لدعم البلدان.

    أكثر من اثنتي عشرة منظمة دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، وبرنامج الغذاء العالمي، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، قدمت بالفعل مساعدات لسوريا. ومع ذلك، لم تدخل الصين في قائمة أكبر 10 مانحين للمساعدات الإنسانية. ساهم العديد من البلدان في الصندوق الاستئماني للبنك الدولي لمواجهة الأزمات في لبنان وسوريا لمساعدة المتضررين من هذا الصراع. تلقت سوريا أكثر من 10 مليارات دولار من المساعدات التنموية والمساعدات الحكومية في عام 2017، وفقًا للبنك الدولي. يبدو أن مساعدة الصين محدودة مقارنة بمساعدات الدول الأخرى. كانت مساهمات الصين في لبنان ضئيلة حتى وقت قريب، مقارنة بالدول الأخرى. وقد أدت سياسة عدم التدخل هذه إلى علاقات جيدة مع جميع دول المنطقة وكذلك تعاون وثيق مع روسيا في مجلس الأمن.

    لبنان: الشريك الاستراتيجي للصين في مبادرة الحزام والطريق
    مع مبادرة الحزام والطريق، تتمتع علاقات الصين مع لبنان بمستقبل مشرق. وقع CCPIT مذكرتي تفاهم في عام 2017 مع غرف التجارة العربية للمساعدة في توسيع مبادرة الحزام والطريق لتشمل لبنان. تلقت بيروت حزم مساعدات بلغ مجموعها أكثر من 100 مليون دولار من الصين كجزء من منتدى التعاون الصيني العربي (CASCF) لعام 2018. العلاقات الثنائية المستقبلية بين الصين ولبنان ستتمحور حول مبادرة الحزام والطريق. لهذا السبب من المهم أن نراقب عن قرب وبشغف هذه المبادرة الضخمة التي بالتأكيد ستفغير وجه المنطقة ولبنان.

    يهدف لبنان إلى أن يكون لاعباً رئيسياً في هذا الصدد. الاستثمار في البنية التحتية في تونس أمر منطقي بسبب موقعها الاستراتيجي وسهولة الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط. كذلك يمكن استخدام مرافق الموانئ في بيروت وطرابلس كمركز إقليمي لتجارة البحر الأبيض المتوسط. كنتيجة طبيعية لهذا المنطق، قامت الصين باستثمارات كبيرة في توسيع البنية التحتية للميناء. تجدر الإشارة إلى أن اتحاد بلديات طرابلس عضو في غرفة التجارة الدولية بطريق الحرير الصينية. قال السيد عدنان القصار، إن شركة SRCIC مستعدة لإقراض لبنان ملياري دولار بأسعار فائدة معقولة. وقد أعرب سفير الصين الاسبق في لبنان وانغ كيجيان عن استعداد بلاده لمساعدة لبنان في عمليات التنمية.

    أوضح المسؤولون الصينيون أنهم لا يعتزمون تقويض موقف موسكو في المنطقة. مع مبادرة الحزام والطريق، ازداد الاهتمام الصيني بالشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى دبلوماسية أكثر حزماً في المنطقة، لا سيما في البلدان ذات الخلافات الطائفية والأزمات السياسية. نتيجة لذلك، قد تكون الاستثمارات الاقتصادية السورية واللبنانية محمية بشكل أفضل. ومع ذلك، من الممكن أن تقوم العلاقات الدبلوماسية بين الصين وسوريا على أساس المصالح الاقتصادية المشتركة. حد الصراع المطول في سوريا من قدرة الصين على المساعدة في جهود إعادة الإعمار في سوريا، حيث أعربت عن استعدادها للقيام بذلك.

    عقدت بكين المعرض التجاري الأول حول مشاريع إعادة الإعمار السورية في تموز / يوليو 2017 وأعلنت عن استثمار ملياري دولار في جهود إعادة الإعمار في البلاد. نتيجة لذلك، من الصعب تحديد المبلغ الذي تم تلقيه من هذه الأموال بالضبط حتى الآن. تشارك روسيا والصين وإيران ولبنان في المعرض التجاري. في معرض دمشق التجاري الدولي 60 في عام 2018، وقعت أكثر من 200 شركة صينية اتفاقيات لبناء منشآت فولاذية ومحطات لتوليد الكهرباء ولصنع سيارات ذات علامة تجارية صينية. قال الرئيس الأسد في مقابلة مع تلفزيون فينيكس إن سوريا سترحب بالاستثمارات الصينية في عملية إعادة الاعمار. في المستقبل، يرى الأسد زيادة في التجارة بين البلدين. وتمت الإشادة على نطاق واسع بقبول سوريا لدعوة الصين للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق.في عام 2018، زودت الصين الميناء الرئيسي بسوريا بـ 800 مولد كهربائي. تتعرض مشاريع الصين الضخمة للخطر بسبب الأزمة السورية والتدخل الدولي. سيكون استقرار سوريا على رأس أولويات بكين حيث من المتوقع أن تنمو الروابط الاقتصادية بين البلدين بشكل كبير في المستقبل القريب. يتم توفير طريق بديل لقناة السويس عبر الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا من قبل بلاد الشام. تعتبر منطقة الشام منطقة مهمة بالنسبة لمبادرة الحزام والطريق.

    التقى الرئيس ميشال عون ومدير المركز جيانغ زنغوي في بيروت لمناقشة سبل تحسين العلاقات الثنائية. من بين أمور أخرى، تهدف العلاقة إلى تعزيز التعاون في تطوير البنية التحتية، وكذلك الاستثمارات في الطاقة الجديدة والصناعات الرئيسية الأخرى. يعتقد الرئيس اللبناني الاسبق ميشال سليمان، أن البلاد بحاجة إلى مزيد من التعاون في قطاع الطاقة البديلة. قد يكون لدعم الحكومة الصينية للاستثمارات الخاصة في الشرق العربي أثر إيجابي على لبنان. يتم بالفعل البحث عن الشركات الصينية لتوسيع سوقها الصناعي. واستشهد الرئيس سعد الحريري بالصين كمثال للتحديث يجب الاقتداء به. قد يجعل هذا الانفتاح من بيروت مركزًا لوجستيًا واقتصاديًا وتجاريًا لمبادرة الحزام والطريق الصينية في المنطقة. وتطرق سليمان إلى موضوع اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان وقال إن الصين بسياسة الانفتاح قد تقدم الدعم في هذا المجال. كما أدلى بملاحظة مثيرة للاهتمام حول كيفية عمل البلدين معًا في المستقبل.

    الخلاصة
    بما أن لبنان يقع في منطقة استراتيجية وحساسة ومعّقدة، تزداد أهمية العلاقات اللبنانية الصينية. تجنبت بكين التدخل المباشر في الحرب الأهلية اللبنانية وغيرها من الصراعات الداخلية، عبر استخدام موقف داعمللحكومة ونهج (المسافة الواحدة) من جميع الأحزاب السياسية. من خلال مبادرة الحزام والطريق، يمكن للبنان أن يصبح حليفًا جيوستراتيجيًا للصين، مما يسمح بعلاقات اقتصادية أكبر. عبّرَ مسؤولون لبنانيون عن اهتمامهم بلعب دور رئيسي في المبادرة. ومع ذلك، لا تزال العوامل المحلية تعيق التعاون التجاري. قد يكون توسيع العلاقات الثنائية من خلال مبادرة الحزام والطريق فرصة جيدة لبيروت للاتنفتاح على الشرق والمنطقة. يمكن تعزيز التفاهم المتبادل من خلال التفاعلات الأكاديمية والمهنية. من المرجح أن يستفيد لبنان من مبادرة الحزام والطريق استراتيجية القروض الصينية لتطوير البنية التحتية المهترئة.

    *دكتور في العلاقات الدولية وباحث مستقل، متابع لسياسة الصين الخارجية ومبادرة الحزام والطريق وقضايا شرق أوسطية والعلاقات الصينية-العربية. للكاتب العديد من الدراسات المنشورة في مجلات رفيعة المستوى وصحف عالمية.

  • سفير الصين عن قمة التعاون حول طريق الحرير: مساهمات جديدة قدمت واتفاق لبناء حزام للسلام والازدهار والانفتاح

    سفير الصين عن قمة التعاون حول طريق الحرير: مساهمات جديدة قدمت واتفاق لبناء حزام للسلام والازدهار والانفتاح

    عقد السفير الصيني كيجيان وانغ، مؤتمرا صحافيا في منزله في الرملة البيضاء، تحدث فيه الى “قمة التعاون الدولي حول شريط طريق حرير بحري”، وقال:”ان هذا الحزام الاقتصادي لطريق حرير بحري من القرن الواحد والعشرين، طرح في العام 2013 من قبل الرئيس الصيني، والهدف من هذه المبادرة، تطوير البنى التحتية في قارة اورو الآسيوية والترابط والتنسيق في السياسات بين الدول التي تقع على هذا الحزام وتعميق التعاون في ما بينها لتحقيق الازدهار”.

    اضاف: “بعد اربع سنوات، تطورت هذه المبادرة الى خطة شاملة وكاملة وتنفيذية والى مبادرات واتفاقات بين الصين والدول، وكان اطارها الجغرافي التركيز على القارة الاسيوية من الصين شرقا الى اقصى اوروبا غربا، مرورا بآسيا واوروبا الشرقية”. ولفت الى ان “تطورات هذه المبادرة، كانت بان نعمل شريطا اقتصاديا يربط بين الصين واوروبا غربا مرورا بروسيا والشرق الاوسط وجنوب شرق آسيا وافريقيا الشرقية”.

    واكد ان “الصين منفتحة على جميع الدول، ومرحب بأي دولة بالانضمام الى هذه المبادرة. وبعد اكثر من ثلاث سنوات من التحضير والتشاور والعمل المشترك مع دول المنطقة، اصبح لهذه المبادرة نتائج اولية وانجازات وعقد قمة لهذه المبادرة شارك فيها 111 دولة من اجل مراجعة النتائج التي تحققت خلال السنوات الماضية والتطلع الى المستقبل، ولبنان شارك في هذه القمة وبذل تجاوبا ايجابيا جدا. كما تم توقيع اتفاقيات مع دول عديدة، والتنسيق مستمر على مستوى سياسي ومالي واقتصادي ويتقدم بشكل ملحوظ، والمشاركون متفقون على ان يبنى حزام طريق حرير للسلام والازدهار والانفتاح”، ولفت الى انه “تم خلال القمة تقديم مساهمات جديدة لدعم هذه المبادرة”.

    واعتبر ان “لبنان يتمتع بثقافة وحضارة متنوعة وسياحة مزدهرة وقطاع مصرفي قوي وقطاعات قوية، من ثقافة وفنون واعلام”. وشدد على ان “هذا البلد مميز جدا في الشرق الاوسط والعلاقة بين الصين ولبنان ممتازة والتبادل التجاري يتقدم بشكل سريع والصين اكبر شريك له”. واوضح انه “تم البحث مع الحكومة اللبنانية لتعاون اقتصادي في تطوير مرفأ طرابلس وفي مشاريع عديدة، وقدمت الحكومة الصينية للحكومة اللبنانية ادوات مكتبية واجهزة فحص امنية كان لها الدور الكبير في مكافحة الارهاب، كما ساعدت لبنان في موضوع النازحين السوريين”.

  • السفير الصيني في لبنان لـ«الجمهورية»: لا نسعى للهيمنة عبر منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي

    السفير الصيني في لبنان لـ«الجمهورية»: لا نسعى للهيمنة عبر منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي

    صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ
    مي الصايغ:

    بعد ثلاث سنوات على طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرةَ «الحزام والطريق» في 2013، وهي عبارة عن مبادرتين للبناء المشترك؛ الأولى «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير»، والثانية «طريق الحرير البحري للقرن الـ 21» (يشار إليهما اختصاراً بمبادرة «الحزام والطريق»)، يناقش «منتدى الحزام والطريق» للتعاون الدولي في 14 و15 الجاري خطة التجارة والبنية التحتية المقترَحة من الصين لتربط آسيا بأوروبا وإفريقيا. وفي وقتٍ تتطلّع الصين إلى توقيع اتفاقات ومذكّرات تفاهم جديدة ووضعِ خطط تنفيذية، في حضور 18 رئيس دولة وحكومة والأمين العام للأمم المتحدة، تنفي على لسان سفيرها في لبنان وانغ كيجيان نيتَها توسيعَ نفوذها الاستراتيجي والسياسي عبر ذراعها الاقتصادية، على حساب الولايات المتحدة.ينفي السفير الصيني في لبنان سعيَ بلاده من خلال مبادرة» الحزام والطريق» إلى توسيع نفوذ الصين الاستراتيجي والسياسي على حساب أميركا، مُشدّداً على أنّ الهدف من المبادرة «إيجاد منصّة دولية لتعاونٍ اقتصادي، وتنشيط التجارة البينية بين الدول، وتدعيم التجارة الحرّة، ودفعُ العولمة الاقتصادية المتعدّدة الأقطاب».

    ويستشهد في مقابلة مع «الجمهورية» بمثلٍ صيني ليقول: «البعض يحاول قياس الآخرين انطلاقاً من عقليته الضيّقة»، مؤكّداً أنّ «الصين لا تسعى إلى الهيمنة ولا إلى مناطق نفوذ».

    ويُذكّر بأنّ هذه هي المرّة الأولى التي تطرح فيها الصين مبادرة إقليمية ودولية في شأن التعاون الاقتصادي، وهي تحتاج إلى تشاور وتنسيق مع جميع البلدان، فخلال السنوات الثلاثة الماضية تمّت مراجعة الخطوط العريضة والآليات لتنفيذها، على أن يجري العمل على تطويرها مستقبلاً، من دون أن يُغفل الأزمات الإقليمية والبؤَر الساخنة، ولا سيّما في منطقة الشرق الأوسط والتي تؤثّر على تقدّم هذه المبادرة.

    ويوضح بأنّ هذه المبادرة تتضمّن عدة محاور، منها «ربط السياسات الاستراتجية التنموية لكلّ بلد وتطوير البنى التحتية وتنشيط التجارة البينية بين هذه الدول، لتربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، وتشجيع الاستثمارات والتواصل الإنساني».

    ويقول كيجيان: «وجَدنا أنّ مستويات التنمية في البلدان متفاوتة، وهناك عقبات تواجه الاقتصاد العالمي الذي لم ينتعش بعد الأزمةِ الاقتصادية في عام 2008، منها طرحُ وضعِ عراقيل وحواجز على التجارة العالمية التي تخالف مبدأ العولمة، ويجب أن نتغلّب عليها»، مشيراً إلى أنّه هناك من «يريد الرجوع إلى الانعزالية والتخلّي عن الاقتصاد الحر والتجارة الحرّة».

    ويشدّد على أنّ هذه المبادرة تختلف عن المبادرات التي طرِحت في السابق من قبَل بعض الأطراف التي تهدف إلى السيطرة، كونها تدعو إلى العمل وتضافرِ الجهود من قبَل الأطراف المعنية، وتحقيق الرفاهية والنمو الاقتصادي للجميع، من خلال التشاور والتنسيق بين السياسات لكلّ بلد، والتمتّع بمنجزات نجاحها وتقاسُم الثروات.

    ويقول: «نريد تعاون جميعِ الأطراف وتحقيقَ المنفعة للجميع، وليس السيطرة من طرف على آخر، أو لعبة كسبِ طرف على حساب آخر».
    ويوضح أنّ هذه المبادرة الاقتصادية «ليست مُغلقة وليس هناك شروط للانضمام إليها أو قيود جغرافية أو سياسية، وقد لاقت ترحيباً واسعاً من أكثر من 100 دولة، فلكلّ من يريد الانضمام، أهلاً وسهلاً، ويمكننا الاستفادة من تبادلِ الخبرات والتجارب».

    فعلى سبيل المثال، «الولايات المتحدة واليابان قامتا بمشاريع اقتصادية كثيرة في العالم العربي، يمكن أن نستفيد من هذه الخبرات، بالتعاون معهما لتحقيق المنفعة والكسب للجميع»، يتابع كيجيان.

    ويعيد السفير الصيني التذكيرَ بأنّ بلاده تولي الدوَل العربية التي كانت تقع على خط طريق الحرير القديم، بما فيها لبنان، أهمّية كبيرة. ويقول: «نجد أنّ العالم العربي يقع في قلبِ حزام اقتصادي لطريق حرير جديد، وهناك مجالات واسعة للتعاون مع دول الخليج وإفريقيا، ولا سيّما في مجال الطاقة والبنى التحتية، وقد تمَّ بحثُ ذلك خلال الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في العام الماضي».

    البنى التحتية اللبنانية

    أمّا لبنان، فله مكانة خاصة عند الصين، ويشكّل محطة مهمّة على طريق الحرير القديم، وحلقةً مهمة في مبادرة الحزام والطريق، يؤكّد كيجيان.
    ويقول: «إنّ لبنان رحَّب بهذه المبادرة وتَعامل بإيجابية معها، وأبدى رغبتَه المشارَكة بها»، لافتاً إلى أنّ «وزير الثقافة الدكتورغطاس الخوري ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر سيُمثلان لبنان في المنتدى».

    ويؤكّد أنّ الصين، إلى جانب تقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية إلى المجتمعات المضيفة والنازحين السوريين، «مستعدّة للعمل مع الحكومة اللبنانية والتعاون في مجال التطوير الصناعي وتنشيط التجارة البينية، ودعم المخطط التوجيهي للبنى التحتية»، التي تعرّضت إلى الاستنزاف بسبب أزمة النزوح السوري.

    ويقول: «ندرس الآن تقديمَ قروض ميسَّرة لمشاريع البنى التحتية في لبنان».

    وفي ظلّ الحديث عن ترويج الصين لخطة تصدير الوظائف المنخفضة الدخل في قطاعات مِثل صناعة الفولاذ إلى بلدان أخرى وتحويل العمّال الصينيين إلى وظائف مرتفعة الدخل، يوضح كيجيان أنّ «صناعة الفولاذ ليست منخفضة الدخل بل هي صناعة متطوّرة وضخمة»، مشيراً إلى أنّ «الصين بعد أكثر من ثلاثين سنة من الإصلاح والانفتاح حقّقت نموّاً اقتصادياً هائلاً، وبات اقتصادها أهمَّ اقتصادات العالم، لكنّه يواجه مشاكل كبيرة، ولا سيّما في مجال التنمية المستدامة».

    ويقول: «إقتصادنا يعتمد على الاستثمار وتوسيع حجم الإنتاج على المستوى الأفقي، نتيجةً لذلك أصبحت الطاقة الإنتاجية هائلة جداً، المكوّن الصناعي في الاقتصاد الصيني يشكّل أكثرَ من 50 في المئة، بينما قطاع الخدمات أقلّ من المستوى المفترض، ونسعى إلى خفضِ طاقات الإنتاج والارتقاء بمستوى الصناعة الصينية لتصبح أكثرَ تطوّراً وحداثة، وزيادة قطاع الخدمات».

    ويوضح أنّ «الصين لديها طاقة فائضة للإنتاج، في مجال الحديد والفحم على سبيل المثال، وهذه الطاقات الإنتاجية ليست بالضرورة طاقات متخلّفة، لكنّ التركيز يتمّ الآن للارتقاء بمستوى الصناعة والاختراعات وتحديث القطاعات الأكثر تطوّراً في العالم، وهي حقّقت إنجازات في مجالات الصناعات العسكرية والطائرات والسفن والمعلوماتية».

    ويلفت إلى أنّ «اقتصاد الصين يختلف عن بلدان أخرى، فكلّ مقاطعة لديها خطة اقتصادية خاصة بها، وتريد صناعات متكاملة، لكن على نطاق الدولة قد تفوق الطاقة الإنتاجية الطلبَ الداخلي وحتى العالمي».

    أمام هذا الواقع، يجد السفير الصيني أنّ «خفض الإنتاجِ ضروري لرفع الجدوى الاقتصادية».

    ويشير على سبيل المثال، إلى «أنّ البلدان التي تقع غرب الصين يعاني معظمها من تدنّي مستويات الإنتاج الصناعي، ولديها نقصٌ في البنى التحتية، وهناك إمكانية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الصين وهذه الدول، التي تحتاج إلى تحديث صناعاتها وتمويل واستثمارات وبنى تحتية».

    ويقول: «إذا أردنا نموّاً مستداماً، يمكننا التعاون وتحقيق التكامل، وهذا سيشكّل مساهمةً كبيرة للاقتصاد العالمي، فالهدف ليس نقل الصناعات إلى دول أخرى. وفي لبنان تحديداً، إذا كانت هناك حاجة إلى مصنع فولاذ، ولدينا مصنع جاهز يمكن نقلُه إلى هنا، فهذا يفيد الطرفين»، مشيراً إلى أنّ «تكاليف الإنتاج واليد العاملة في الصين ترتفع سنةً بعد سنة، وهذا سيؤدي إلى صناعة ذات عائدات أقلّ، ويمكن لهذه الشركات، بدل المجيء الى الصين، نقلُ المصانع الى بلدان مِثل دول جنوب شرقي آسيا بكِلفة أقلّ».

    مناطق خفض التصعيد

    سوريّاً، لا شكّ في أنّ الحرب المستعرة تُرخي بظلالها على اندفاعة المبادرة الصينية، ويبقى السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة التي دخلت عامها السابع، حلٌّ سياسي تدعمه وتؤمِن به بكين.

    ويشدّد السفير الصيني على أنّ بلاده تؤيّد وتشجّع بقوّة مناطق تخفيف التصعيد في سوريا. ويقول: «إنّ الهدف من مناطق وقفِ التصعيد وقفُ العنف، تمهيداً لعملية سياسية، وهذا ما نسعى إليه منذ البداية، علينا وقفُ العنف ومحاربة الإرهاب وإيصال المساعدات الإنسانية وحلُّ الأزمة عبر المفاوضات، وتهيئة الظروف لانتقال سياسي».

    غير أنّ نشر قواتِِ صينية على الأرض في مناطق تخفيف التصعيد الأربعة «ليس مطروحاً الآن»، على رغم أنّ الصين سبقَ وشاركت في الـ 2012 بقوات تحت راية الأمم المتحدة. و»اليوم، الصين مستعدّة لتكرار التجربة، إذا كان للمنظمة الدولية الدور الرئيسي في حماية هذه المناطق»، يختم كيجيان.

  • الحريري في مؤتمر طريق الحرير: خيارنا سلوك طريق الأمل وتحقيق الاستقرار والتنمية

    الحريري في مؤتمر طريق الحرير: خيارنا سلوك طريق الأمل وتحقيق الاستقرار والتنمية

    اكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، خلال رعايته مؤتمر طريق الحرير “حزام واحد وطريق واحد في لبنان”، الذي تنظمه مجموعة فرنسبنك وغرفة التجارة الدولية لطريق الحرير، في مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي، “ان تلاقي الحضارات والثقافات والأديان هو الطريقة الوحيدة لمكافحة التطرف والتعصب والعنصرية والانعزال”.

    واشار الحريري الى “ان الاستثمار في لبنان اليوم يعني الاستعداد لإعادة الاعمار في سوريا”، معتبرا ان “اعادة اعمار سوريا هو جزء من عمل لبنان بعد انتهاء الازمة السورية وعودة اللاجئين”. وقال: “هذا الاستثمار سيسمح لاقتصادنا بأن ينطلق لتعويض الانخفاض الحاد في النمو والعمالة الذي شعرنا به منذ بدء الأزمة السورية”.

    وأعلن “ان حكومتي اعتمدت مقاربة جديدة للتعامل، مع تحدي استضافة أكثر من 1.5 مليون نازح سوري”، وقال: “نشكر المجتمع الدولي على المساعدة الانسانية للاجئين الا ان البنى التحتية لم تصمم كي تتحمل هذا العدد الهائل من السكان”، آملا أن تستمر هذه المساعدة”.

    وأعلن “ان الأمن والاستقرار في بلدنا هما الأولوية القصوى لحكومتي، وهما ما ينبغي أن يكون أولوية لكل من يريد أن يحافظ على هذه القيم في العالم اليوم”، مؤكدا “ان لبنان أهم من أن يترك وحيدا، فهو نموذج للتعايش والحوار وهو النموذج لتسوية سياسية تسعى إليها الكثير من الأزمات في المنطقة اليوم”.

    وقال: “إن خيارنا هو سلوك طريق الأمل وتحقيق الاستقرار والتنمية وهذا هو الاتجاه الوحيد الذي يقودنا جميعا إليه “طريق الحرير”.

    وأكد ان العلاقات بين لبنان والصين قديمة وقد تطورت مع نمو النقل والاتصالات، ولبنان شكل نقطة تلاق بين الغرب والشرق”.

  • رئيس الوزراء اللبناني يرعى في إبريل المقبل انعقاد مؤتمر “طريق واحد.. حزام واحد”

    رئيس الوزراء اللبناني يرعى في إبريل المقبل انعقاد مؤتمر “طريق واحد.. حزام واحد”

    تلقى رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري يوم الاثنين دعوة لحضور ورعاية وإلقاء كلمة في افتتاح مؤتمر”طريق واحد.. حزام واحد” الذي سينعقد في بيروت في السادس من شهر إبريل المقبل.
    وقد تسلم الحريري الدعوة من رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية ورئيس مجموعة “فرنسبنك” الوزير السابق عدنان القصار الذي أطلعه على التحضيرات الجارية للزيارة المرتقبة لوفد غرفة التجارة الدولية لطريق الحرير خلال الفترة ما بين 6 و7 إبريل المقبل.
    وأشار القصار بحسب بيان صدر عن مكتب الحريري إلى أن وفد غرفة التجارة الدولية لطريق الحرير يضم أكثر من 17 شخصية تمثل البلدان التي يمر فيها طريق الحرير إلى جانب أكثر من 15 مجموعة أعمال من جمهورية الصين الشعبية.
    وأوضح القصار في تصريح للصحفيين بعد اجتماعه مع الحريري أن “مؤتمر”طريق واحد.. حزام واحد” سوف يشهد توقيع عددا من الاتفاقيات منها اتفاقية بين اتحاد الغرف اللبنانية وغرفة التجارة الدولية لطريق الحرير وكذلك توقيع اتفاقية بين اتحاد الغرف العربية وغرفة التجارة الدولية لطريق الحرير وبين مجلس بلدية بيروت وتحالف مدن طريق الحرير التابع للأمم المتحدة.
    وكانت غرفة طريق الحرير قد اختارت لبنان لإطلاق الحملة الترويجية لمشروعها الخاص بالعالم العربي.
    وقد أكد القصار على أن “الغرفة تضع لبنان في سلم أولوياتها حيث سوف يستفيد لبنان من الخطط والمشاريع الموضوعة في إطار مشروع “طريق واحد.. حزام واحد” وخصوصا مشاريع البنية التحتية”.

  • لبنان في الصين: البحث عن حصة من تريليونات «خطّ الحرير»

    لبنان في الصين: البحث عن حصة من تريليونات «خطّ الحرير»

    china-lebanon-qassar

    صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
    محمد وهبة:
    «من بيروت إلى بكين» هو المشروع الذي نظّمه فرنسبنك وجمعية الصداقة الصينية في إطار استراتيجية بناء «خط الحرير». الصين خصّصت 6 تريليونات دولار للاستثمار في البنية التحتية والاتصالات والتبادل الثقافي بين الصين والدول التي تقع على خط الحرير. ويسعى لبنان لكسب حصّة من هذا المبلغ

    خصصت الصين 6 تريليونات دولار للاستثمار في الدول التي تقع على «خط الحرير». حتى الآن، لم تحدّد الصين المعايير التي ستعتمد لإنفاق هذا المبلغ وكيفية توزيعه جغرافياً وقطاعياً، إلا أنه «بات مؤكداً أن لبنان ضمن أولويات الصين» يقول الوزير السابق عدنان القصار لـ«الأخبار».

    كلام القصار جاء على هامش مؤتمر صحافي عقده أمس في مقرّ «فرنسبنك» لإعلان نتائج فعاليات مشروع «حزام واحد وطريق واحد: بيروت إلى بكين». انطلقت هذه الفعاليات في إطار الاستراتيجية الصينية لإحياء «طريق الحرير»، بتنظيم «فرنسبنك» و«جمعية الصداقة الصينية»، وهي تشمل زيارة وفد من المنتجين لعرض سلع لبنانية وتسويقها هناك، فضلاً عن مؤتمر أعمال حضره ممثلو 120 شركة صينية، ولقاءات عديدة مع مسؤولين صينيين.
    تبيّن في هذه الفعاليات أن هناك فرصة للصناعة المحلية بالتصدير إلى الصين، إذ إن «الأجواء مؤاتية هناك ومهيأة من أجل النقاش في هذا الأمر ومساعدة لبنان في كل المسائل المتعلقة بالضرائب المفروضة على بعض السلع لجهة خفضها أو استثناء المنتجات اللبنانية منها… “لكن علينا أن نعلم أن العمل مع الصين هو على المدى الطويل، وأن الرغبة الصينية بالانفتاح على لبنان موجودة، ما يعني أنه يجب الاطلاع على هذه السوق الكبيرة والإمكانات المتاحة فيها”، وفق القصار.

    يوضح عادل القصار أن هناك اهتماماً من الصين بالاستثمار في لبنان، سواء في المجال السياحي أو في مجال شراء حصص في رؤوس أموال شركات لبنانية قائمة. في السياحة، يمكن الدفع في اتجاه تعزيز السياحة الصينية في لبنان، وقد تبيّن أن هناك اهتماماً من الصينيين للاستثمار في مجال الفنادق في لبنان، أو الاستثمار في رؤوس أموال فنادق ومطاعم ومؤسسات سياحية أخرى. كذلك هناك اهتمام بالصناعة اللبنانية التي يمكن أن تشهد تطوراً بفعل دخول الصينيين إلى رأس مال بعض المصانع أو تأسيس مصانع في لبنان.
    في إطار فعاليات «بيروت إلى بكين»، أبدت بعض الشركات الصينية اهتمامها بزيت الزيتون اللبناني ودبس الخروب ومنتجات لبنانية أخرى. بعض المشاركين اللبنانيين في المعرض اللبناني الذي أقيم في بكين، قالوا إنهم تلقوا رسائل من شركات صينية تفيد بأنها تدرس إمكان الاستيراد من لبنان وإقامة علاقات مع المنتجين اللبنانيين.
    مشروع «بيروت إلى بكين» لن يكون يتيماً، بل سيليه مشروع «بكين إلى بيروت» في تشرين الثاني المقبل. وبحسب عدنان القصار، فإن الرئيس الصيني قدّم دعماً كبيراً لإحياء استراتيجية «طريق الحرير»،إذ جرى تخصيص مبلغ 6 تريليونات دولار من أجل تمويل البنية التحتية والاستثمارات والاتصالات السلكية واللاسلكية اللازمة والتبادلات الثقافية بدعم من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي أنشئ حديثاً. توضح المستشارة الاقتصادية والتجارية لسفارة الصين في لبنان شانغ فونغ لينغ، أن مبادرة بناء «الحزام والطريق» (الحزام يعني الدول التي تقع على خطّ الحرير، والطريق التي تربط هذه الدول بعضها ببعض)، أطلقت في عام 2013 وهي تركّز على تناسق السياسات وترابط البنى التحتية وتواصل الأعمال وتداول الأموال وتفاهم الشعوب بين الدول المطلّة على الحزام والطريق، وتهدف إلى تحريك التعاون الإقليمي بين الدول المعنية في نطاق أوسع وعلى مستوى أعلى وبشكل أعمق».

  • الصين ولبنان… على طريق الحرير

    الصين ولبنان… على طريق الحرير

    mahmoud-raya-china-lebanon-silkroad

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    محمود ريا*:

    تعتبر العلاقات الصينية اللبنانية جسراً مهماً للتواصل بين الحضارتين الصينية والعربية، ويشكل التبادل الثقافي والاقتصادي بين البلدين انموذجاً للتعاون الدولي.

    كما أن الصين وقفت دائماً غلى جانب لبنان في الظروف المصيرية التي مرّ فيها وما يزال يمرّ، وكانت الصين السند في العديد من المحطات السياسية. وبالمقابل دعم لبنان الصين في المحافل الدولية وعبّر عن وقوفه إلى جانبه في أكثر من موقع وموقف.

    ولا يمكن أن ننسى الدور الذي تلعبه الصين على مستوى حفظ الأمن في لبنان من خلال مشاركة قوات صينية في قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. وتقوم هذه الوحدة الصينية بدورها كاملاً على صعيد حفظ الأمن وعلى صعيد إزالة الألغام أيضاً، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين أهالي المنطقة التي تستضيف هذه القوات وبين الصين.

     

    والعلاقات بين الصين ولبنان تحمل ذكرى الطبيب الشهير جورج شفيق حاتم (1910 ـ 1988)، وهو طبيب أميركي عالمي من أصل لبناني، انتقل إلى الصين ورافق مسيرة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لمدة 12 عاماً كطبيب له، كما أنه تصدى لعلاج 40 ألف مصاب بالجذام وأمراض الحرب في الصين. وقد افتتح حاتم أكثر من عيادة لممارسة مهنة الطب في عدة مدن صينية أبرزها شنغهاي.

    عرف الدكتورحاتم في الصين باسم “ما هايدي” وتعني “الحصان” (رمز الفضيلة) الآتي من خلف البحار، وكان أول الأجانب الذين انضموا إلى الحزب الشيوعي الصيني، وظل كذلك الى أن توفي سنة 1988 في الصين، ودفن في مدافن عظماء الثورة في “باباشان” تقديراً له.

    لقد سجل التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني اللبناني رقماً قياسياً جديداً وبلغ حجم التبادل التجاري  عام 2014 مليارين و496 مليون دولار أميركي، وبقيت الصين الشريك التجاري الأول للبنان للسنة الثانية على التوالي.

    حجم التبادل التجاري بين لبنان والصين كان قد  ارتفع من نحو 413 مليون دولار سنة 2001 إلى حوالي ألفين و300 مليون دولار سنة 2013 “.

    الأرقام جيدة ومبشرة، بالرغم من الخلل الكبير في الميزان التجاري بين البلدين، إذ أن النسبة العظمى من البضائع المتبادلة هي بضائع صينية مصدرة إلى لبنان، في حين أن البضائع اللبنانية المصدرة إلى الصين لا تتعدى قيمتها خمسين مليون دولار.

    على المستوى الاقتصادي، للبنان مصلحة كبيرة في تعميق التعاون مع الصين، وفي بناء المزيد من العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ومبادرة “الحزام والطريق” تشكل فرصة هامة لتحقيق هذه الأهداف، كونها تسهّل عملية التواصل من ناحية، وتضع لبنان في قلب مسار التجارة الإقليمية، بحيث أنه سيستفيد من دون شك من عملية نقل البضائع عبر أراضيه ومن خلال موانئه ومطاره.

    من جهة أخرى، يشكل لبنان نقطة تبادل ثقافي وحضاري مميزة على مستوى العالم، ولا ننسى أن معهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في بيروت هو المعهد الأول المخصص لهذا الغرض الذي تم إنشاؤه في العالم العربي، وقد تم تصنيفه بين المعاهد العشرة المتميزة بنشاطاتها الثقافية في العالم في مؤتمر المعاهد في كانون الأول 2013 في بيجينغ.

    من هنا يمكن أن يلعب لبنان دوراً كبيراً في ربط الحضارتين الصينية والعربية في كل المجالات الثقافية والاجتماعية المختلفة.

    *مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين