موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
يلينا نيدوغينا*:
تلعب الجغرافيا ودكتاتوريتها دوراً هو الفيصل في تقرير الأحداث الاقتصادية والعلاقات الدولية السياسية والحربية.
وفي الطريق الحريري الجديد للصين، عبر روسيا والقطب الشمالي، وصولاً أسرع لها إلى أوروبا، وتوفيراً في النفقات المبذولة في طُرق أخرى. لكن وبرغم ذلك، تُبقِي الصين على مختلف الطُرق التي تصلها بمختلف القارات والدول، لأنها ضرورة ملحة للصين ولكل البلدان الاخرى، ولفتح المجال لتنشيط التجارة الدولية، والاقتصاد العالمي، والتشغيل العام للشعوب بالاتجاهات المختلفة الأنفع.
طريق الحرير عَبر الشمال (ويسمى أيضاً طريق القطب المتجمد الشمالي) لو بقي دون الكثير غيره من الطريق والأحزمة، لألحق خسائر كبيرة بدول عديدة، منها عربية وبقناة السويس كذلك، وليس سراً أن الصين تقيم مع مصر علاقات ممتازة وذات إفادة هائلة لهذه الدولة العربية التي يتزايد عدد السكان فيها بوتائر متسارعة، لكن الصين التي تتسم سياستها بالحِكمة والهدوء والتعامل مع مختلف البلدان بتساوٍ في الأرباح، ترفض شطب أي طريق حريري جديد، بل يبدو أنها تعتمد كل الطرق التي نصّت عليها مبادرة الزعيم والرفيق “ِشي جين بينغ”، والتي كان أعلن عنها في كازاخستان، عام 2013. أضافة الى ذلك، يصل المقال إلى أن هذا سبب آخر لتوطيد علاقات التعاون بين روسيا والصين.، أضف الى هذا، أن الطريق الشمالي سيعني ان تقوم الصين بتطوير المنطقة الكبرى للقطب الشمالي، ويؤكد الخبراء الروس هذه الفكرة، فيقول نيقولاي كوتلياروف، مدير المركز الروسي الصيني بالأكاديمية المالية التابعة للحكومة الروسية: “عدد من الخبراء يرون أن هذا الموضوع واعد: تنمية مشتركة للقطب الشمالي باستخدام موارد الاستثمار الصينية. فلدى الصينيين خبرة خاصة بهم في مجال بناء كاسحات الجليد والمعدات الخاصة”.
يقول موقع “أرابيك نيوز” الصيني: وصلت مبادرة الحزام والطريق، التي طرحتها الصين في عام 2013، إلى المزيد من الناس والأراضي بما في ذلك القطب الشمالي. ونشرت الصين كتاباً أبيض حول سياستها إزاء القطب الشمالي في 26 يناير من العام الجاري، متعهدة بالحوكمة التعاونية وشرح رؤيتها بشأن “طريق الحرير القطبي”، وشدّدت الوثيقة التي حملت عنوان “سياسة الصين إزاء القطب الشمالي”، والصادرة عن مكتب المعلومات التابع لمجلس الدولة الصيني، على أن الصين لديها مصالح مشتركة مع دول القطب الشمالي ومستقبل مشترك مع بقية العالم حِيال القطب الشمالي.
ويُورد الموقع، أن المنطقة اليابسة في القطب الشمالي تُشكّل نحو 8 ملايين كيلومتر مربع، وتعود السيادة عليها إلى كندا والدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج وروسيا والسويد والولايات المتحدة، فيما تبلغ مساحة المحيط القطبي أكثر من 12 مليون كيلومتر مربع، حيث تتقاسم الدول المطلّة عليه ودول أخرى حقوقاُ ومصالح بحرية وفقاً للقانون الدولي.
وفي يوليو 2017، وافقت روسيا والصين على تدشين التعاون بشأن طريق البحر الشمالي، وقام البلدان معا ببناء “طريق الحرير الجليدي”، اسمه في ذلك الوقت. ويُنظر بشكل واسع إلى طريق الحرير القطبي على أنه الفرع الثالث للحزام والطريق، حيث يضيف طريقاً بحرياً آخر، بالإضافة إلى بحر الصين الجنوبي، والمحيط الهندي، وأفريقيا، والبحر المتوسط من جهة، وجنوب الباسيفيك والأوقيانوس من جهة أخرى.
ويؤكد الموقع: “تأمل الصين العمل مع جميع الأطراف لبناء طريق الحرير القطبي من خلال تطوير طرق الشحن بالقطب الشمالي، بحسب الكتاب الأبيض”. و “تتطلع الصين إلى تطوير مشترك لموارد النفط والغاز والمعادن وغيرها من مصادر الطاقة غير الأحفورية والصيد والسياحة في المنطقة مع دول القطب الشمالي، مع احترام تقاليد وثقافة سكان القطب الشمالي، بما في ذلك السكان الأصليون، والحفاظ على البيئة الطبيعية. وستتخذ الصين خطوات ملموسة لتنسيق إستراتيجيات التنمية مع دول القطب الشمالي، وتشجيع الجهود المشتركة لبناء ممر اقتصادي أزرق يربط الصين بأوروبا عبر المحيط القطبي الشمالي، وتعزيز الربط الرقمي بالقطب الشمالي وبناء شبكة بنية تحتية عالمية.
ما هو دور ومكانة العرب هنا؟.. هناك ارتياح عربي عام، وبخاصة مصري وعربي آسيوي، لجهة وضوح الموقف الصيني في هذا المجال، سيّما لتسارع تطور العلاقات المصرية والعربية الصينية في ظل المتغيرات الدولية، وهي رسالة سياسية صينية رسمية موجهة لمصر والعالم العربي، بما يتصل بأهمية هذا العالم العربي للصين، ومركزية ملف العلاقات العربية الصينية، حيث يَحظى العالم العربي بمكانة خاصة عبر القرون في الصين والعالم، وللإبقاء على العلاقات التاريخية والجيدة للصين مع العرب. وهي كذلك رسالة صينية واضحة للزعماء العرب من أجل تقدير هذا الموقف الصيني، ولفتح مزيدٍ من الحوارات الجادة مع مختلف الدول التي تعيش بعض التآرجح في علاقاتها مع الصين، من أجل تسريع العوائد على مختلف الأطراف من خلال الطُرق التجارية والثقافية لمبادرة الحزام والطريق الإيجابية، لصناعة خطوط اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وتجارية واقتصادية ما بين العالم الصيني والعالم العربي، وللانخراط في علاقات أعمق للوصول الى نتائج أفضل بين هذين العالمين، ولتثبيت العلاقات بينهما، برغم عدم ارتقاء الروابط الاستراتيجية بين بعض الأشقاء العرب مع الصين، بسبب أن علاقات البعض منهم إستراتيجيا تبقى مع الولايات المتحدة أولاً ودول اوروبا الغربية ثانياً.
أسّست الصين رؤيتها – التي تريد أن تغيّر بها وجه آسيا لتنقلها إلى عصور الحداثة – على مشروع دام أكثر من ألفيْ سنة، ألا وهو “طريق الحرير” كما أسلفنا. كان هذا الطريق يمتد من الصين عبر آسيا الوسطى وإلى شواطئ “المتوسط”، ومن هناك كان يمتد بحراً إلى أوروبا التي كانت تستقبل البضائع الآسيوية الثمينة حينها، من البهارات والخزف والحرير الصيني”.
هناك حالة ارتياح كبيرة وشديدة للعلاقات العربية الصينية، لضرورة تطويرها بشكل “ملموس أكثر”، فجميع العرب يَشعرون لزوم استثمار هذه العلاقات في مستويات أرقى، ضمن مؤشرات تنعكس على الجماهير العربية بمكاسب كبيرة.
في آسيا على وجه الخصوص، أسّست الصين رؤيتها على أهمية تغيير وجه هذه القارة، لتنقلها إلى عصور الحداثة والعلوم والمشاريع الضخمة، التي تلبي الاحتياجات المتزايدة للنمو السكاني ومتطلبات الشعوب المتكاثرة عدداً، واستناداً الى رؤية طريق الحرير القديم الناجح، والذي كان يمتد من الصين في شرق وغرب – وسط آسيا، عبر بلدان آسيا الوسطى، إلى شواطئ البحر الابيض المتوسط، ومن هناك يمتد بحراً إلى أوروبا التي كانت تستقبل البضائع الصينية والآسيوية المتنوعة والثمينة في الأزمان البائدة، ومنها البهارات والخزف والحرير الصيني، وهذا كان متزامناً مع إتيانه بالأمن الاقتصادي والسياسي في الدول التي كان يمر فيها (الطريق)، وهو ماسوف يتم استنساخه في الطريق الجديد (الحزام والطريق)، ليتم به تغيير وجه العالم الى آخر أفضل، سيّما من خلال البنك الآسيوي الذي بات دوره العالمي يتعاظم، إذ أن الصين كانت أعلنت في عام 2015، ورقة عمل فاعلة تسمّى “خطة تشغيليّة لمبادرة الحزام والطريق”، تضمّنت الخطوط العريضة للمبادرة التي دعت دول آسيا والعالم إلى الانضمام إليها، ومنها الاردن وروسيا، وجعلت المشاركة في البنك الآسيوي لتنمية البُنية التحتية ضرروة لتطوير البلدان الصديقة – والذي تساهم الصين بحصة الأسد فيه -، لتتمكن بالتالي من قيادة دفّة التحوّل العالمي لمصلحة الامم والقوميات على اختلافها.
…
*#يلينا_نيدوغينا، رئيسة تحرير الملحق #الروسي، وعضو مؤسس وقيادي في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين.