وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
يقول مثل صيني قديم إن “أفضل الناس أنفعهم للناس”، وهذا ما يمكن أن يستشعره الجميع من الإنجازات الكبيرة والملموسة للتعاون الصيني العربي في البناء المشترك للحزام والطريق. ووراء هذه الإنجازات أفراد من عامة الناس يبذلون الجهد والعرق بقوة شبابهم ويقدمون مساهماتهم في شتى المجالات.
— المساهمة في التعاون الصيني العربي: تستحق الجهد والعناء
“اسمعي كلام أمك يا ابنتي، وسأرسل لك دمية باربي”، “لا أريد دمية باربي، أريد فقط عودتك لتكون إلى جانبنا أنا وأمي”، هكذا دار الحوار بين تشن ده بين نائب المدير العام لشركة (تشاينا ريلواى الثامنة عشر بيرو جروب كومبانى ليمتد) وابنته المقيمة في الصين خلال دردشة بالفيديو. واهتزت مشاعر تشن، الذي كان متواجدا في موقع مشروع الطريق السريع في مدينة الجبيل بالمملكة العربية السعودية، بكلمات ابنته وكاد يبكي وقال لها “يا ابنتي، بمجرد انتهاء المشروع سأعود إلى المنزل لأكون بجواركما”. ووجدت الابنة صوت أبيها قد أصبح أجشا ووجهه أصبح نحيفا وشَعره صار أبيضا وبشرته باتت سمراء.
وبعد إنهاء المكالمة، مسح تشن دموعه وذكر لوكالة ((شينخوا)) أنه يعمل في السعودية منذ 20 عاما تقريبا ولم يجتمع شمله بأسرته في عيد منتصف الخريف الصيني التقليدي طوال الـ19 عاما الماضية. لكن عند النظر إلى أهمية مشاريع الحزام والطريق “أجد ضرورة تأجيل العودة إلى بلادي، إذ إنه ليشرِّفني أنا والبناة الآخرون المشاركة في تشييد مشاريع التعاون والصداقة بين الصين والسعودية”.
وعبر تشن بنبرة فخر خلال حديثه لـ((شينخوا)) عن مدى سروره بالمشاركة في بناء المشاريع السعودية، مشيرا إلى أنه شارك في بناء عدة مشاريع في إطار التعاون الصيني والسعودي على مدى 20 عاما من عمله بالسعودية، منها مشروع سكة حديد الشمال – الجنوب وخط السكك الحديدية الخفيفة في مدينة مكة المكرمة بالسعودية وكذلك مشروع سكة حديد قطار يربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة. وقال إن “المساهمة في التعاون الصيني العربي تستحق حقا كل الجهد والعناء”.
— الصداقة الصينية العربية الراسخة: توطدها لمسات ثقافية
“قبل أكثر من 10 سنوات كنت أشعر أن السعودية بلد غريب، ولكن بعد أكثر من 10 سنوات تعرّفت بصورة أكبر على الثقافة السعودية وصرت تدريجيا مندمجة معها وكونت صداقات مع الكثير من المرضى الذين قمت بعلاجهم”، هكذا ذكرت الطبيبة الصينية تشو هونغ، التي تعمل في مستشفى بالعاصمة السعودية الرياض.
أتت تشو إلى السعودية في أكتوبر عام 2009، من خلال مشروع التبادلات بين المدن الصينية والسعودية التي تربط بينها علاقات توأمة. وعندما تحدثت تشو عن تجاربها أثناء العمل بالمستشفى السعودي، لفتت إلى أنها لن تنسى أبدا طفلة سعودية كانت مصابة بالصم والبكم.
وقالت تشو “قابلت الطفلة أول مرة حين كانت في الـ12 من عمرها وتدرس في مدرسة الصم والبكم ومصابة بمرض نقص الانتباه مع فرط النشاط الذي لم تكن وقتها قد شُفيت منه رغم خضوعها للعلاج لعدة السنوات”.
وأوضحت تشو أن والد الطفلة أراد علاجها بوسائل الطب الصيني التقليدي لأنه اطلع على ثقافة الطب الصيني وعقاقيره خلال إحدى زياراته للولايات المتحدة، مشيرة إلى أنها “رأت في بداية العلاج أن شفاء الطفلة من هذا المرض المستعصي أمر صعب للغاية. ولكن بعد المداومة على العلاج لمدة عام ونصف، وجدت المعجزة وقد تحققت، حيث استطاعت الطفلة التكلّم وأصبحت تدريجيا أكثر قدرة على التركيز وصار بإمكانها قراءة وكتابة المواد الدراسية بكل جدية، وهو ما أدهش معلمي مدرستها”.
وقالت تشو إن الطفلة تمكنت من الالتحاق بمدرسة عادية لمواصلة دراستها التي سارت بخطى ممتازة. وبعد علاج الطفلة، عبر والدها عن أمله في أن يتوجه الشباب السعوديون إلى الصين لدراسة اللغة والثقافة الصينية والطب الصيني والتجارة.
كما أعرب والد الطفلة عن حبه للأطعمة الصينية، متمنيا أن تقوم تشو بإنشاء مطعم صيني في السعودية. وبفضل مساعدته لها، أنشأت تشو مطعما صينيا في الرياض في أغسطس عام 2019.
“في بداية العمل، كان معظم الزبائن من الصينيين، وبعد مرور شهر أصبح الزبائن السعوديون أكثر فأكثر وأحب السعوديون كثيرا طبق (الدجاج بالفول السوداني) الصيني الشهير”، هكذا ذكرت تشو.
بعد إقامتها في السعودية لأكثر من 10 سنوات، صار الأصدقاء السعوديون يعاملون تشو كفرد من أفراد عائلاتهم وترك هذا البلد العربي في نفس تشو ذكريات جميلة ستظل دوما حاضرة في وجدانها.
— المثابرة على مكافحة كوفيد-19: تبرز الدعم والمساندة
في الفترة ما بين مارس ويوليو 2020، قام دوان تشن بينغ رئيس الشؤون الطبية بفريق العمل المبعوث إلى مصر من الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية (CSCEC) بمهمة دامت لأكثر من 100 يوم في وقت كانت تواجه فيه مصر أصعب أوقات مكافحتها لجائحة كوفيد-19.
فما إن سمع دوان حاجة المستشفى الذي يعمل به في الصين إلى إيفاد أطباء ليساعدوا في تقديم خدمات طبية للموظفين الصينيين والمصريين العاملين في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة بمصر حتى طلب بلا تردّد المشاركة في فريق العمل المبعوث إلى مصر وتوجّه إلى هناك على متن الرحلة الجوية الأخيرة قبل أن توقف مصر الرحلات الجوية الدولية.
بعد وصوله إلى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة بمصر، قرر دوان وزملاؤه التواصل مع جميع الموظفين بالمشروع وإطلاعهم على الطرق والأساليب العلمية للوقاية من الجائحة، والعمل في الوقت ذاته على مراقبة أوضاع الوقاية من المرض في مواقع المشروع بشكل دقيق. وبالإضافة إلى ذلك، قدم دوان مقترحات باعتباره طبيبا.
وتم تسيير وإدارة العمل في المشروع بعناية فائقة مع فرض ضوابط وقائية على منافذ الخروج والدخول، إذ لم يخرج دوان من بوابة المشروع على مدى أيام عمله هناك هو وزملائه في الفريق والتي تجاوزت 100 يوم. وذكر دوان “أشعر بالأسف لعدم قدرتي على زيارة نهر النيل والأهرامات وغيرهما من المواقع المصرية التي تذخر بآثار تاريخية وثقافة عريقة ومناظر طبيعية خلابة”.
“لقد ترك الشعب المصري الصديق في نفسي انطباعات عميقة ولأن من شرب من ماء النيل يعود إليه بالتأكيد، فإنني على ثقة بأنني سأعود إلى مصر في المستقبل القريب”، هكذا وصف دوان مشاعره بكلمات معبرة.